حصرون تحيي ذكرى المطران سمعان السّمعانيّ
شارك في النّدوة رئيس أساقفة بيروت ورئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، الخورأسقف أنطوان جبران، رئيس بلديّة حصرون جيرار السّمعانيّ، الخوري فريد صعب وعدد من المهتمّين والإعلاميّين.
مطر
ورحّب المطران مطر بالحضور قائلاً: "أهلاً وسهلاً بكم في المركز الكاثوليكيّ للإعلام الّذي نذيع منه بشرى للّبنانيّين وللكنيسة المارونيّة، هي بشرى إقامة يوم تكريم العلّامة الكبير السّمعانيّ ابن حصرون البارّ، في مناسبة مرور 250 سنة على وفاته.
ليس كبيرًا أن تكرّم الكنيسة العلّامة المطران السّمعانيّ وهو الّذي كرّم كنيسته، وكرّم وطنه بالسّمعة الّتي له، ولإنجازاته الّتي حقّقها في الفاتيكان، ولاسيّما في الكنيسة المارونيّة لأنّه كان وراء أكبر مجمع في تاريخ هذه الكنيسة، وهو المجمع اللّبنانيّ الّذي انعقد بهمّته عام 1736، وبفضله اشتهر الموارنة في أوروبا من روما إلى باريس إلى لندن بحيث كانوا يقولون عن إنسان عالم كبير إنّه عالم كمارونيّ، هو الّذي كان حافظ المكتبة الفاتيكانيّة ورئيس لجنة الدّفاع عن العقيدة الكاثوليكيّة وتبوّأ أعلى المراكز وذاعت شهرته في كلّ الأقطار، نحن فخورون بهذا الاسم الكبير إلى جانب اسمين عظيمين في تاريخ كنيستنا البطريرك الدّويهيّ والمطران يوسف الدّبس ابن الشّمال مطران بيروت.
لذلك، اليوم نحن نشكر اللّجنة المحضّرة لهذا الحفل، قوامها المونسنيور جبران، رئيس بلديّة حصرون والأب فريد صعب. أيّها الأحبّاء المجمع اللّبنانيّ مرتكز أساسيّ في حياة كنيستنا، ونحن قبل المجمع اللّبنانيّ كنّا كنيسة صغيرة طبعًا بعدد أبنائها مقيمه في لبنان شمالاً وجبلاً، أسقفها البطريرك يعاونه أساقفة لهم أسماء مثلاً مطران بيروت مطران جبيل بدون حضور وبدون أن تكون أبرشيّات قائمة، وبعد أن جرى الإصلاح في الكنيسة اللّاتينيّة بعد العزّة البروتستانتيّة أراد الحبر الأعظم أن يصل هذا الإصلاح إلى كنيستنا المارونيّة بالذّات، فتمّ الإصلاح الرّهبانيّ أوّلاً، وبعد ذلك جاء الإصلاح في الكنيسة بذاتها عبر هذا المجمع وأنشأت ثماني أبرشيّات وتنظّمت الكنيسة على غرار كلّ الكنائس المعروفة في العالم بأبرشيّاتها وسينودسها، وذلك بفضل العلّامة الكبير المطران السّمعانيّ.
نشكرهم على الجهود الّتي بذلوها، ولولا جهودهم لما كان هذا اليوم. ونشكر غبطته هو رأسنا الّذي سيكرّم في طليعة المكرّمين، هذا الإنسان الكبير في كنيستنا.
السّمعانيّ
بدوره، تحدّث جيرار السّمعانيّ، فقال: "لسنا نحن من اختار لحصرون لقب "وردة الجبل"، هو اختيار كلّ من تعرّف عليها وسكن أرضها وعاشر شعبها منذ مئات السّنين. ولسنا نحن من اختار حصرون نبعًا للبطاركة والعلماء والدّعوات وكبار المفكّرين والشّعراء وعلى رأس القائمة العلّامة المطران يوسف سمعان السّمعانيّ، الّذي لأجل تكريمه نجتمع للإعلان عن اليوم الاحتفاليّ الكبير لمناسبة مرور 250 عام على وفاته. من اختار هذا المجد لحصرون، هو الله وعنايته في وطن الأرز والرّسالة وقنّوبين.
نحن هنا اليوم لنقول إنّ احتفال تكريم السّمعاني لا يخصّ حصرون بلدته الأمّ فقط، إنّما هو احتفال يطال لبنان من أقصى جنوبه إلى أعلى قمّة في شماله ونعتبرها بحقّ وادي القدّيسين .... وادي قاديشا- قنّوبين. وأكثر هو احتفال الكنيسة المارونيّة وحتّى الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة شرقًا وغربًا، وقد عرف العلّامة المحتفى به علامة فارقة يفخر بها لبنان مجتمعًا بأطيافه وأديانه كما العالم بأسره.
نحن هنا لنقول إنّ الدّعوة للاحتفال بالعلّامة الكبير موجّهة لكلّ لبنانيّ بدون استثناء، وإنّ حصرون تشرّع الأبواب والسّاحات والقلوب لاستقبال جميع الوافدين إليها لمشاركتنا.
نحن بانتظاركم كي تشاركونا فرحة الاحتفال، فتكون ذكرى السّمعانيّ رادعًا لكافّة المستهزئين بكرامة هذا الوطن وعظمة شعبه المثابر الجبّار، وتكون دافعًا للمواظبة على التّثبّت بأرضنا ووطننا، لنعيد إليه أمجاد من سبقونا ونعيد لأصحاب الأمجاد حقّهم بالتّكريم الحقيقيّ، أيّ أن نحذو حذوهم فنترك في الوطن والكنيسة، بصمة إيمان وإبداع وقداسة.
ننتظركم في السّادس عشر من آب الجاري كي نجدّد الوعد بالحفاظ على لبنان أرضًا وشعبا والالتزام بكنيسته المباركة، نبع القداسة وحامية أرز الرّبّ. ليكون للاحتفال معكم نكهة المواطنيّة الثاّئرة بإيمان على كلّ من سلبنا حقّ التّنعّم بأرض الأبطال أمثال السّمعانيّ، شاكرًا باسم كلّ حصروني راعي الاحتفال الكاردينال الرّاعي والمطران جوزيف نفّاع ومجلس بلديّة حصرون ولجنة وقف الرّعيّة وكهنتها وجمعيّاتها ومؤسّساتها وكلّ من تعب ويتعب معنا اليوم وغدًا من أجل حصرون أفضل ولبنان أجمل.
جبران
ثم ألقى المونسنيور طوني جبران كلمة قال فيها: "عالم كمارونيّ"، هذا هو العنوان الّذي اختارناه ليوبيل 250 عامًا على وفاة العلّامة المطران يوسف سمعان السّمعانيّ، لم نقلها تعصّبًا أو تكبّرًا، ونحن لم نخترعها، عالم كمارونيّ هو عالم كلبنانيّ، لأنّهم هم تلاميذ المدرسة المارونيّة الّتي أسّسها البابا غريغوريوس الثّالث عشر، وهم الّذين أخذوا حضارة الشّرق وزرعوها في عاصمة الكثلكة حيث الكنيسة الكاثوليكيّة وهناك خليفة بطرس.
عالم كمارونيّ، هم الّذين أحضروا حضارة الغرب إلى الشّرق، في وقت كان الشّرق يعيش في ظلّ العثمانيّين واللّغة العربيّة كانت تندحر، تلاميذ المدرسة المارونيّة هم الّذين أحيوا اللّغة العربيّة وخصوصًا المطران جرمانوس فرحة الّذي صنع النّهضة للّغة العربيّة.
العلّامة السّمعانيّ الوحيد الّذي له صورة في الكنيسة الشّرقيّة في الفاتيكان في روما، في عمر 27 سنة كان يقوم بوظائف عدّة، منها خادم في كنيسة مار بطرس الرّسول في مدينة روما العظمى، كاتب اللّغات الشّرقيّة في المكتبة الفاتيكانيّة البطرسيّة، ومعلم وترجمان اللّغة السّريانيّة والعربيّة في المجمع المقدّس النّاظر على انتشار الأمانة الأرثوذكسيّة. عالم كمارونيّ المطران السّمعانيّ هو الّذي وصل إلى أعلى المناصب في الفاتيكان".
وأعلن عن برنامج النّشاطات الّتي تقام بدعوة من رعيّة وبلديّة حصرون الكاردينال الرّاعي وبرعايته وحضوره، على الشّكل الآتي:
اليوم الاحتفاليّ الكبير الخميس 16 آب 2018:
القسم الأوّل: المؤتمر الثّقافيّ تحت عنوان "العلّامة السّمعانيّ علامة فارقة في تاريخ وحاضر الكنيسة" في قاعة القدّيسة حنّة- حصرون السّاعة 11 قبل الظّهر.
- المحور الأوّل يتناول دور الموارنة في الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة ودور العلّامة السّمعانيّ بشكل خاصّ، واستمراريّة الدّور الفاعل للكنيسة المارونيّة في روما من خلال المدرسة المارونيّة. ويختتم المؤتمر بالملخّص تمام الواحدة ظهرًا وإطلاق ورشة عمل لتفعيل التّعرّف أكثر على العلّامة السّمعانيّ وكلمة شكر مع الخورأسقف أنطوان جبران.
- المحور الثّاني يتناول الدّور العمليّ الواسع الّذي لعبه السّمعانيّ، خصوصًا في المجمع اللّبنانيّ ودراسة عن كنز مخطوطاته الخاصّة.
القسم الثّاني: يلي المؤتمرالقدّاس الاحتفاليّ، يترأّسه البطريرك الرّاعي في كنيسة السّيّدة- حصرون في تمام السّاعة الخامسة من بعد الظّهر. تخدم القدّاس جوقة معهد القدّيسة رفقا بقيادة الأخت مارانا سعد وفي حضور فاعليّات روحيّة وسياسيّة واجتماعيّة وتربويّة من روما ولبنان، وأبناء الرّعيّة وكلّ الرّاغبين بالمشاركة بهذه المناسبة المباركة. ويختتم الاحتفال بافتتاح متحف ومعرض للعلّامة السّمعانيّ يليه نخب المناسبة.
صعب
بدوره، قال الخوري فريد صعب: "في زمن التّكنولوجيا والتّواصل السّريع الّذي تغيّرت فيه مرادف كلمة ثقافة أن يعود هذا اليوم الاحتفاليّ الكبير ليذكّرنا بأهمّيّة وعينا على معنى كلمة ثقافة، فرديًّا وجماعيًّا، في قلب هذا الصّيف المليء بمهرجانات الفرح والابتهاج، يسرّنا التّعرّف على هذا العلّامة الكبير المطران يوسف سمعان السّمعانيّ، إعطاء الوقت الضّروريّ للمشاركة، في المؤتمر والقدّاس والمعرض المخصّصين لتكريم هذه العلّامة الفارقة في تاريخ الكنيسة المارونيّة والوطن: العلّامة السّمعانيّ.
سبق هذا البرنامج برنامج في روما، أعدّ وحضّر له المونسنيور طوني جبران للعلّامة المطران السّمعانيّ في مكتبة الفاتيكان، شارك فيه كبار المؤتمرين الرّومان الإيطاليّين والأجانب ومن المدرسة الحبريّة المارونيّة، وأراد أن يكمل هذا الاحتفال في موطنه لبنان وقريته حصرون.
الموضوع منظّم من قبل البلديّة والرّعيّة والمؤسّسات، هذه الدّعوة إلى كلّ لبنانيّ يريد معنا أن يغيّر مفهوم الثّقافة ويعيد بحياته الحقّ بأن يشارك في أنواع النّشاطات الّتي تشبه هكذا مؤتمرات عن هذه الشّخصيّة. المواقف مؤمّنة، والأماكن كثيرة والأمور منظّمة، وأشكر كلّ وسائل الإعلام الّتي رافقتنا في روما، والّذين سيواكبون هذا الاحتفال في 16 آب الحاليّ".
وختم بالقول: "الدّعوة ملحّة لكلّ شابّ وشابّة ولكلّ لبنانيّ ولكلّ راغب للتّعرّف على هذه المفخرة اللّبنانيّة العلّامة المطران يوسف سمعان السّمعاني فيكون على استحقاق ما اخترناه للمؤتمر: العلّامة السّمعانيّ علامة فارقة في تاريخ الكنيسة وحاضرها".
أبو كسم
واختتمت النّدوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم فقال: "قد يتساءل البعض عن أهمّيّة هذا الحدث وعن توقيته بعد مرور 250 عامًا على وفاة العلّامة المارونيّ المطران يوسف سمعان السّمعانيّ. لماذا اليوم؟ لماذا لم يكن هناك من تكريم قبل؟ ربّما هي العناية الإلهيّة، لا بل من الأكيد أنّها هي الّتي ترعى لبنان وكنيسة لبنان وبنوع خاصّ الكنيسة المارونيّة الّتي لها في التّاريخ علماء وأحبار وقدّيسون وشهداء رست على دمائهم هذه السّفينة المارونيّة في هذا الشّرق.
إنّ تكريم السّمعانيّ في هذا الوقت بالذّات هو علامة فارقة، لا بل هو محطّة لفحص ضمير يقوم به كلّ لبنانيّ لا بل كلّ مارونيّ، لنستذكر ما كان عليه العالم المارونيّ الكبير المطران السّمعانيّ، وما نحن عليه اليوم إن كان في لبنان وإن كان في مجتمعنا اللّبنانيّ وإن كان في علاقاتنا اللّبنانيّة مع بعضنا البعض، إن كان عبر الإعلام أو عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.
هذه المحطّة هي محطّة فحص ضمير لنعرف أهمّيّة هذا البلد لبنان "بلد الرّسالة"، أهمّيّة ما أعطى هذا البلد من رجالات كبار وأن نحافظ على هذا المستوى في علاقاتنا مع بعضنا البعض كلبنانيّين. نحن في وطن يتهدّده الخطر، نحن في وطن لا نستطيع أن نؤلّف حكومة، نحن في وطن يدبّ فيه الفساد، نحن في وطن يصارع من أجل البقاء، هذه الاحتفاليّة المطران يوسف سمعان السّمعانيّ يجب أن تكون هزّه ضمير لكلّ اللّبنانيّين.
شكرًا لغبطة البطريرك الرّاعي ولبلديّة ورعيّة حصرون وللمونسنيور طوني جبران، نتمنّى لهذا المؤتمر التّوفيق والنّجاح والإفادة منه على مستوى الكنيسة وعلى مستوى الوطن".