لبنان
04 آب 2019, 06:00

حاكم مصرف لبنان من بكركي: وضع اللّيرة اللّبنانيّة مستقرّ

شارك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في منتدى بكركيّ الاقتصاديّ –الاجتماعيّ الثّاني وألقى كلمة شدّد فيها على أنّ وضع اللّيرة اللّبنانيّة مستقرّ، وقال:

 

"من الضّروريّ جدًّا اليوم أن ننظر إلى ما يجري حولنا في العالم، فلقد دعا صندوق النّقد الدّوليّ الحكومات في العالم إلى تخفيف حدّة الصّراعات السّياسيّة واعتبر أنّ تخفيض التّوقّعات للنّموّ العالميّ في هذا العام يعود أساسًا إلى أجواء السّياسة المتأزّمة عالميًّا. إنّ جزءًا من هذا التّأزّم هو ناتج عن الحرب التّجاريّة على كافّة الدّول ولاسيّما على الصّين. وهذا الأمر كانت له تداعياته على أسعار الموادّ الأوّليّة وتأثيره على مداخيل اللّبنانيّين لأنّهم يعملون في دول ترتكز أساسًا في مواردها على الموادّ الأوّليّة. ونحن بعد الـ2008 بدأنا الخروج تدريجيًّا من العولمة وهذا أمر يتأكّد أكثر فأكثر وما يحدث اليوم في أوروبّا وخاصّة في انكلترا يؤكّد على أنّ التّعاطيّ الاقتصاديّ المستقبليّ سوف يكون مختلفًا وهذا أمر يؤثّر علينا في المنطقة وفي لبنان".
وأضاف سلامة: "لقد اعتبر صندوق النّقد الدّوليّ أنّ النّموّ في الشّرق الأوسط ستكون نسبته 1% في خلال العامّ 2019، وهذه نسبة منخفضة تأثّرنا بها. فلقد توقّعنا في لبنان بأن يكون النّموّ لهذا العامّ نحو 0%، وهذا الأمر يؤثّر على لبنان لناحية تخفيض قدراته على التّصدير وبحسب الأرقام الّتي لدينا فإنّ التّصدير تراجع إلى ملياري دولار كما أنّه يؤثّر على حركة التّحاويل الخارجيّة إلى لبنان وأيضًا في هذا المجال تشير توقّعات البنك الدّوليّ أن تكون هذه التّحاويل نحو 7 مليار دولار بعد أن كانت عامّة نحو 9 مليار دولار وهذا الفارق الّذي تأثّر به لبنان، يجب على المصرف المركزيّ العمل لتأمينه سنويًّا. وهذا العامّ شهدنا انخفاضًا في ميزان المدفوعات بحدود الـ5 مليار و300 مليون دولار وإنّما هذا الإنخفاض ناتج عن تسديد الدّين الّذي قام به مصرف لبنان عن الدّولة اللّبنانيّة بحدود الـ3 مليار و200 مليون دولار ونحن نستردّ المبلغ عند إصدار سندات سياديّة لبنانيّة من جديد في خريف العام 2019 عندها تتغيّر المعطيات إلّا أنّ الدّفعات المهمّة قد تمّت في أواخر أيّار ولمسنا في شهر حزيران توازنًا في ميزان المدفوعات وفي شهر تمّوز تدفّقات إيجابيّة إلى لبنان مع قيام عدّة مصارف بمنتجات ماليّة استقطبت استثمارات من اللّبنانيّين من الخارج إلى لبنان".."
وأردف سلامة: "لهذه الأوضاع آثارها الاقتصاديّة سواء في العالم أو في المنطقة أو لناحية السّيولة الّتي انخفضت في لبنان وهي آثار مباشرة على مستوى الفوائد الموجودة في السّوق اللّبنانيّة. نحن نتابع ما يجري نسبة للمردود على السّندات اللّبنانيّة السّياديّة في أسواق لندن بحيث تراوحت بين و 12و11%. في السّوق المحلّيّة في لبنان ومقارنة مع تشرين من العامّ 2017، وتزامنًا مع استقالة الرّئيس الحريريّ في السّعوديّة بدأت الفوائد ترتفع في لبنان فتراجعت السّيولة. وهنا نجد أنّ معدل الفوائد المدينة في لبنان ارتفع إلى 2% نتيجة القروض المدعومة الّتي يقوم بها البنك المركزيّ والّتي لولاها لكان الارتفاع تجاوز الـ3%. من هنا تدخّل مصرف لبنان في العامّ 2018 في السّوق لإبقاء التّقديمات الّتي يقوم بها بالنّسبة لدعم الفوائد وهذا الأمر ساعد، كما تدخّل لدعم تخفيض كلفة المديونيّة للدّولة اللّبنانيّة بحيث أنّه أقرض الدّولة نحو 8 آلاف و800 مليار ليرة أي ما يساوي 5 مليار و500 مليون دولار للتّسليف بنسبة 1%. وهذا الأمر أوجد وفرًا كبيرًا على القطاعين الخاصّ والعامّ وبالتّالي تحمّل البنك المركزيّ هذه الكلفة ذلك أنّ ميزانيّته تسمح له بتحمّل هذه المبادرات".
وتابع سلامة: "بالنّسبة لموضوع القروض المدعومة أراد مصرف لبنان في 2019 وضع رزمة من هذه القروض في السّوق. ولذلك سندعم ما يساوي الـ250 مليون دولار من القروض السّكنيّة لهذا العامّ وبدأنا العمل على ذلك ونحن نتلقّى الطّلبات من المصارف الّتي لم تدخّل كلّها في تعميم مصرف لبنان في القروض السّكنيّة وإنّما إلتزم عدد كبير منها وهو يلبّي الزّبائن بهذا المعنى. كما أنّ مصرف الإسكان يقوم بنشاط ملحوظ لتأمين القروض السّكنيّة وهنالك قرض من دولة الكويت بـ167 مليون دولار يفترض أن تستفيد منه مؤسّسة الإسكان وبنك الإسكان إضافة إلى الـ250 مليون دولار الّتي يدعمها البنك المركزيّ. يضاف إلى هذا نحو 100 مليون دولار مدعومة من البنك المركزيّ على شكل قروض تتحوّل في معظمها إلى القطاع السّكنيّ. كما أنّنا دعمنا لهذا العامّ نحو 150 مليون دولار للقروض الانتاجيّة للأسف لم يستعمل منها لغاية اليوم سوى 100 مليون دولار وهي متوفّرة في السّوق ولكن الطّلب الّذي نشهده ونظرًا للحركة الاقتصاديّة في البلد هو خجول على القروض الانتاجيّة ومعظمه يتمّ على قروض لها علاقة بالطّاقة. إنّ الوضع التّسليفيّ في لبنان هو وضع دقيق ذلك إنّ السّيولة أصبحت منخفضة. والقطاع المصرفيّ لديه تسليفات بحدود الـ67 مليار دولار للقطاع الخاصّ أيّ إنّ تسليفات القطاع المصرفيّ باتت أساسًا مع القطاع الخاصّ وهذا رقم مرتفع بالنّسبة للنّاتج المحليّ اللّبنانيّ المقدّر رسميًّا بحدود الـ56 مليار دولار. من هنا نحن نفهم أنّ قدرة المصارف على تطوير التّسليفات أو سوق التّسليف في الوقت الحاليّ محدودة والمصارف سوف تنكب حاليًّا على تخفيض نسبة التّسليف إلى النّاتج المحليّ وهذا جزء من الانكماش الاقتصاديّ الّذي نعيشه".
وقال سلامة: "الأمر الجيّد هو أنّ التّخلّف عن التّسديد منخفض في لبنان. القروض الّتي لم تسدّد لم تتعدّ الـ6% من مجمل المحفظة التّسليفيّة وهذا أمر إيجابيّ للبنان وهو يؤكّد على أنّ لبنان لديه الملاءة وأنّ كلّ الكلام عن أنّ لبنان بلد بخطر الإفلاس هو كلام غير مبرّر علميًّا وبالأرقام. نحن نعتبر كبنك مركزيّ أنّه إذا أردنا الخروج من هذا التّباطؤ الّذي نعيشه هنالك عمل يجب أن يتمّ ما بين القطاعين العامّ والخاصّ. وبالفعل نحن نعتبر أنّ القطاع العامّ قد توسّع وبات حجمه أكبر ممّا يتحمّله الاقتصاد اللّبنانيّ والقطاع الخاصّ بحاجة إلى إعادة تحفيز وتشجيع من القطاع العامّ وما يحصل اليوم سواء لناحية الموازنة أو لناحية مشروع الكهرباء أو مؤتمر سيدر هي مبادرات يمكنها خلق الإصلاحات الضروريّة لتخفيض العجز ولكن لإعادة تفعيل روح المبادرة في لبنان ليعود النّهوض الاقتصاديّ وتتأمّن فرص العمل. ولغاية لمس هذا التّغيير نحن نقوم بمبادرات لدعم الاقتصاد في هذه المرحلة الضيّقة ونحن نقبل بجدولة الدّيون بحسب الحالات ويشترط أن يتمّ الدّين بالدّولار الأميركيّ منعًا للمضاربة على اللّيرة اللّبنانيّة ويمدّد لآجال طويلة بالإتّفاق مع المصرف المعنيّ وعلى مسّؤوليّته ولكنّنا سنتجاوب كبنك مركزيّ مع طلبات المصارف. كما أنّنا نقبل الطّلبات بتسديد الدّين من خلال تملّك عقار من قبل المصرف على أن يتمّ التّقييم لقيمة العقار بين المصرف والعميل ويعتبر العميل بأنّه سدّد دينه لذا لا يصنّف".
وأضاف سلامة: "كما سيقوم مصرف لبنان بطلب من جمعيّة الصّناعيّين بزيادة نسبة المساهمة بالقرض المدعوم، أيّ أنّه يتحمّل كلفة إضافيّة لكي يتمكّن المصرف التّجاريّ من تقديم تسليفات ضروريّة لقطاعات الصّناعة ومنها رؤوس الأموال التّشغيليّة لهذا القطاع. ونحن تاريخيًّا داعمين للقطاعات الإنتاجيّة ولا سيّما الصّناعة. كذلك ستطلق الأسواق الماليّة المنصّة الإلكترونيّة للتّداول والّتي ستوجد سيولة في الأسواق. لقد أخذت مجموعة بورصة أثينا و بنك عودة الرّخصة لتمويل هذه المنصّة ونحن نتأمّل أنّه في الفصل الأوّل من العامّ 2020 أن تبدأ هذه المنصّة بالعمل مع التزام المجموعة الّتي حصلت على الرّخصة تأمين 100 مليون دولار لتأمين السّوق السّنويّة وسيكون الإشراف على هذه المنصّة من قبل هيئة الأسواق الماليّة وسيكون هناك إمكانيّة للتّدخّل من أي عميل حول العالم ليتداول على هذه المنصّة بشكل آنيّ وإلكترونيّ. يعود البنك المركزيّ ليؤكّد على استقرار سعر صرف اللّيرة ونحن لمسنا مؤخّرًا في الأسواق العودة إلى أسواق طبيعيّة ولم يعد هناك تحويل من المودعين من اللّيرة إلى الدّولار وطلب المصارف في معظمه طلب تجاريّ. ونحن ملتزمون الحفاظ على ملاءة المصارف اللّبنانيّة المرتفعة والّتي تبلغ نحو 16% وهناك نسبة سيولة تتعدّى الـ10% وهذه المصارف سليمة".
وأعلن سلامة: "كالعادة هناك دائمًا إشاعات سلبيّة في الأسواق اللّبنانيّة حتّى ولو أنّ مؤسّسات التّصنيف خفضت تصنيف لبنان إلّأ أنّ هذا الأمر لن يؤثّر على القطاع المصرفيّ فتأثيره يدني الملاءة من 16 إلى 12% وهنا أيضًا لا يزال الرّقم أكبر ممّا هو مطلوب عالميًّا. ونحن نؤكّد أنّ لبنان يحافظ ويطوّر نظام الامتثال الموجود لديه وعلاقتنا بالخارج جيّدة وباعترافهم "أنّ لبنان قادر على القيام بما هو مطلوب لمواجهة كافّة القوانين الجديدة الّتي ترعى العالم الماليّ حاليًّا سواء على صعيد مكافحة تبييض الأموال لبنان ممتثّل أو لناحية مكافحة التّهرب الضّريبيّ أيضًا لبنان ممتثّل باعتراف الجهات المختصّة. وسنقوم في خلال هذين العامين بتطوير الصّيرفة الإلكترونيّة".

وأضاف سلامة:" نحن نواجه مجموعة من المحترفين في صناعة اليأس ولكنّنا نؤكّد على الاستقرار مرتكزين على أرقام ومعطيات قائمة على العمل الاستباقيّ الّذي يقوم به المصرف المركزيّ. لدينا قاعدة ودائع هي جيّدة ومستقرّة ويمكننا القول أنّها الأفضل في المنطقة وموجوداتنا الخارجيّة مستقرّة سواء في البنك المركزيّ أو موجودات المصارف التّجاريّة ونحن متفائلون بأنّ الدّولة بدأت بوضع انتظام لتخفيض العجز".
وإختتم سلامة: "إنّ الإستقرار النّقديّ لا يكفي لنهضة البلد اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا. الحكومة قادرة على تأمين سياسة رشيدة ورشيقة وسريعة ونأمل بأن تعاود اجتماعاتها ومبادراتها فالمرحلة دقيقة جدًّا وتتطلّب حكمة وجرأة ورجاحة عقل".
وردًّا على سؤال حول القروض السّكنيّة ونسبة الفائدة أكّد سلامة: "إنّ تعميم مصرف لبنان أبقى القروض باللّيرة اللّبنانيّة. والقروض الجديدة الّتي تصدر هي باللّيرة اللّبنانيّة للإسكان وبالدّولار للقروض الانتاجيّة مع ارتفاع الدّولرة وتوفّر إمكانيّات التّسليف بالدّولار. إنّ المصارف تضع الودائع في البنك المركزيّ الّذي يضخّ السّيولة في الأسواق كالقروض المدعومة. اليوم المشكل على الطّلب وليس العرض. والفوائد ستبقى مرتفعة ذلك أنّ مخاطر البلد مرتفعة بدورها. والفوائد لا تنخفض إلّأ بإصلاح ماليّ وهو إصلاح يتطلّب توافقًا سياسيًّا وعقلنة سياسيّة لطمأنة الأجواء. المشكلة ليست في الفوائد فقط وإنّما هي مشكلة أداء من القطاع العامّ والمشكلة في الحركة الّتي يجب أن تقوم بها الحكومة كذلك هي مشكلة وجود النّازحين السّوريّين المكلف وعمليّات التّهريب والفساد والتّأخير في التّعيينات كلّها عناصر ثقة نحتاجها لنفعل اقتصادنا. الثّقة هي أساس الاقتصاد وليس الفوائد".