لبنان
10 تشرين الأول 2025, 05:00

جلسات حواريّة في اليوم الثّالث من المجمع الأنطاكيّ المقدّس، والتّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
بدأ اليوم الثّالث من جلسات المجمع المقدّس الأنطاكيّ بسلسلة من الجلسات الحواريّة، الّتي يقدّمها اختصاصيّون، أدارتها الإعلاميّة زينة يازجي، بحضور بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر ومطارنة الأبرشيّات وعدد غفير من الضّيوف من كلّ مكان.

تركّز المحور الأوّل من هذه الجلسات الحواريّة، الّتي تهدف إلى تكوين رؤية رعائيّة معاصرة تستند إلى قواعد علميّة وموضوعيّة، وتلمُّس خطّة عمل وتوجُّه في ظلّ التّحوّلات الكبرى الّتي تشهدها المنطقة، حول الوضع السّياسيّ المحلّيّ والإقليميّ والدّوليّ. تحدّث فيه: نائب رئيس مجلس الوزراء اللّبنانيّ د. طارق متري و د. بول سالم. إستعرض المحاضرون، بحسب إعلام البطريركيّة، "الواقع المشرذم في الشّرق الأوسط والتّحدّيات الّتي تواجه بناء دول ديمقراطيّة فيه نتيجة تحدّيات الخارج من تضارب السّياسات وتعارض المصالح من جهة، ونتيجة معوّقات الدّاخل من تعصّب دينيّ وتقوقع إثنيّ من جهة أخرى. وهنا أكّد المتحدّثون على دور الكنيسة كجسر للحوار الوطنيّ ومساحة آمنة تجمع مختلف القوى نحو السّلام والعدالة وكرامة الإنسان. هذا بالإضافة لضرورة تفعيل الدّور الكنسيّ الإيجابيّ إقليميًّا ودوليًّا، لإبراز رؤية الكنيسة حول مبادئ المواطنة والتّعدّديّة، دون الانجرار إلى الانقسام والاستقطاب.

أمّا المحور الثّاني فتركّز حول الوضع الاقتصاديّ، وقد تحدّث فيه الوزيران السّابقان: نقولا نحّاس ورائد خوري، ورجل الأعمال السّيّد جاك الصّرّاف. وضّح المتكلّمون في البداية كيف أن الاقتصاد ليس مجرّد حركة ماليّة تجاريّة أو صناعيّة قد تكسب أو تخسر، بل هو عامل ازدهار للبلاد وصون لكرامات النّاس. وانتهى الحوار إلى التّشدّيد على أنّ الأزمة الاقتصاديّة هي ذات جذور بنيويّة وليست ظرفيّة طارئة، هي قضيّة وجود للشّعوب. الأمر الّذي يستدعي رصد انعكاساتها، وبالمقابل إطلاق مبادرات اقتصاديّة منظّمة لدعم الشّباب. هذا بالإضافة لضرورة وجود رؤية كنسيّة شاملة تعزّز البقاء والحفاظ على الكرامة الإنسانيّة."

وكانت بعد الظّهر، جلسة حواريّة بعنوان "الوجود المسيحيّ في الشرق الأوسط والتّوزّع الدّيمغرافيّ"، أدارت خلاله الحوار الإعلاميّة زينة يازجي، وتحدّث في هذا المحور كلّ من السّيّد ربيع الهبر ود. شوقي عطيّة. "وأكّدا أنّ الوجود المسيحيّ ليس بعدد يُحصى، بل رسالة تعاش، وأنّ محاولة تثبيتهم في أرضهم يجب ألّا تتمّ على أساس أنّهم أقلّّيّة، بل شركاء في صناعة مستقبل يقوم على الإيمان والمواطنة والانفتاح.

أمّا أهمّ نقاط هذا المحور فكانت ضرورة إجراء إحصاء الرّعايا وإعداد دراسة دقيقة تبرز آخر التّحوّلات الدّيموغرافيّة، والّتي يؤثّر فيها بشكل فاعل كلّ من العزف عن الزّواج والزّواج المتأخّر والطّلاق والهجرة، وأهمّيّة وضع استراتيجيّة لتثبيت المسيحيّين في أوطانهم، والعمل على زيادة وعيهم الدّيمغرافيّ وتشجيعهم على الإنجاب.

وفي متابعة لهذا المحور، اختتم اليوم بجلسة مفتوحة جرى فيها الحوار الصّريح حول الأوضاع الأخيرة السّائدة في سوريا ولبنان. وأكّد المجتمعون أنّه بعد الأوضاع والتّطوّرات الّتي رافقت وتلت التّغيير السّياسيّ الكبير الّذي حصل في سوريا والأزمات المتراكمة في لبنان، أتت توجّهاتُ غبطته، والمبادرات الّتي قام بها لمعالجة التّداعيات الّتي وقعت على المسيحيّين وغيرهم من المواطنين، موقفَ حقٍّ شدّد المسيحيّين وعبّر عن كلّ أبناء الوطن. وفي هذا الصّدد، شدّد الجميع على الدّور الرّئيسيّ الّذي يقوم به غبطته والمواقف الوطنيّة والكنسيّة الحكيمة الّتي عبّر عنها في عظاته وكلماته ولقاءاته وزياراته.

ثمّ خلص المجتمعون إلى ضرورة التفاف رعاة الكنيسة وأبنائها لتشديد بعضهم البعض، لتبقى الكنيسة ملحًا للأرض وجسرًا للّقاء بين كلّ مكوّنات المجتمع على اختلاف انتماءاتها، خاصّة وأنّ الكنيسة الأنطاكيّة هي الكنيسة المرتبطة تاريخيًّا بهذا الشّرق والممتّدة خارجيًّا إلى معظم بلاد العالم.

شدّد المجتمعون على أن تبقى الكنيسة الأنطاكيّة ملتزمة بشؤون الأرض من خلال مواقفها الواضحة والثّابتة في إعلاء صوت الحقّ والدّفاع عن المظلومين والتّأكيد على قيم المواطنة والعدالة والدّيمقراطيّة واحترام التّنوّع."