جامعة الروح القدس منحت دكتوراه فخرية في اللاهوت للكاردينال بيتر إردو في حضور البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي -الكسليك – الاثنين 18 نيسان 2016
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والمجري، ألقى عميد كلية اللاهوت الحبرية في الجامعة الأب أنطوان الأحمر كلمة اعتبر فيها أنّ "الكاردينال إردو هو من أبرز الوجوه في الكنيسة الكاثوليكية وفي أوروبا وفي العالم الجامعي والثقافي"، متطرقاً إلى "مسيرته الأكاديمية الناجحة حيث نال شهادتي دكتوراه، الأولى في اللاهوت والثانية في القانون الكنسي، كما درّس اللاهوت في عدد كبير من الجامعات. وقام بنشر أكثر من 250 مقال وحوالى 25 كتاباً عن القانون الكنسي وتاريخ القانون الكنسي خلال القرون الوسطى. وحاز على أوسمة وشهادات تقدير كثيرة كما شغل مناصب مهمة، من بينهما: رئيس اتحاد المجالس الأسقفيّة في أوروبا، المقرّر العام للجمعية العامة الثالثة الاستثنائية لسينودوس الأساقفة حول العائلة...
وأكّد أن "منح جامعة الروح القدس الدكتوراه الفخرية إلى الكاردينال إردو هو عربون شكر وامتنان لخدمته الكنيسة والمجتمع وتطوير العلم اللاهوتي والكنسي".
ثم جرى عرض وثائقي تناول أبرز المحطات في مسيرة الكاردينال إردو الأكاديمية واللاهوتية.
بعدها، ألقى رئيس الجامعة الأب هادي محفوظ كلمة أشار فيها إلى "أهمية هذا الحفل بما أنها المرة الأولى في تاريخ الجامعة وكلية اللاهوت الحبرية التي تُمنح دكتوراه فخرية في اللاهوت".
وتابع قائلاً: "بالرغم من الوضع السيّء الذي نعيشه، لم نخَف. بل آمنّا بسيّد التاريخ الذي يحرّك التاريخ بطريقة غامضة وعميقة، كي يقوم كل منّا بحصد المحبة والخير والطيبة والعمل على تطوير كل إنسان وكل الإنسان. وفي نهاية المطاف، إنّ الله هو الذي سيزيد ما حصدناه وفق إرادته. وها نحن نسلّط الضوء في لقائنا اليوم على الفرح والمحبة والكنيسة والعائلة".
وأضاف: "إنّ مسيرة الكاردينال إردو المميزة كرجل أكاديميّ ومهنيّ وباحث وراعٍ للكنيسة قد قدّم، إضافةً إلى أعماله وإنجازاته على الصعيد العلمي والكنسي واللاهوتي، مبادرات رعوية عدة نفخت روحاً جديدةً في شعب الله الأمر الذي دفعتنا إلى منحه الدكتوراه الفخرية. ففي خضم المشاكل التي عانت منها الكنيسة المجرية، جمع الكاردينال إردو العقيدة والانفتاح والقراءة النبوية لكل سياق".
وبعد منحه الدكتوراه الفخرية، ألقى رئيس أساقفة إسترغوم- بودابست- مقر الرئاسة الأسقفية المجرية الأولى، ورئيس أساقفة هنغاريا للكاثوليك الكردينال بيتر إردو كلمة قال فيها: "أشعر بالكثير من الإعتزاز بلقب الدكتوراه الفخرية الذي منح لي، وأرى فيه دليلاً على التضامن والتعاون الذي يربط كنائسنا وجامعاتنا. هذه الوحدة والأخُوّة مهمة جدًا بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ولشعوبنا، لأننا نعيش في عالم مضطرب يغلي غليانًا كبيرًا. إن الذي يربطنا بشكل أساسي هو شخص يسوع المسيح ربّنا ومعلمنا. إن شهادة شخصه وصلت إلينا عبر التاريخ وحياة الكنيسة. لهذا يربطنا أيضا التقليد الرسولي المشترك في العقيدة وفي التعليم. في هذا الإطار، تدرج الوثائق الجديدة للبابا فرنسيس حول الزواج والأسرة".
وأضاف: "في الجمعية الاستثنائية الثالثة لسينودس الأساقفة وأيضًا الدورة العامة العادية الرابعة عشرة للسينودس جرى تكريسهم للعائلة. وإنطلاقًا من نتائج أعمال السينودس، جرى مؤخّرًا نشر الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "آموريس ليتيتسيا" (فرح الحب) للبابا فرنسيس كل هذا هو علامة واضحة على أنّ العائلة هي مركز إهتمام الكنيسة. بعد مرور خمسة وثلاثين عاما على إصدار الإرشاد الرسولي "فاميلياريس كونسورتسيو" (الشراكة العائلية) للقديس يوحنا بولس الثاني، لا يزال من الضرورة التفكير مجددًا، على ضوء الإيمان، حول التحديات المعاصرة التي على العائلة مواجهتها في أيامنا هذه. واستنادًا إلى الأعمال المجمعية والى تعاليم البابا فرنسيس، يمكننا الاستنتاج بأّن الأسرة - بالرغم من كل الأزمات والصعوبات - تشكل فرصة كبيرة ومصدر رجاء للكنيسة وللبشرية جمعاء..."
وتطرق إردو إلى هدف وظروف نشأة وثيقة "ميتيس يودكس" بشأن ترشيد وتبسيط إجراءات إعلان بطلان الزواج، القصد من ألـــ "يودكس ميتيس" هو ممارسة رسالة الكنيسة في الدفاع عن وحدة الإيمان والانضباط فيما يتعلق بالزواج بواسطة قرار من البابا – لأجل خلاص النفوس - ، لأن الزواج هو أصل العائلة المسيحية وأساسها. كما تطرّق إلى التجديدات الرئيسية في الدعوى الزوجية، ونقاط مختلفة حول الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "أموريس ليتيتسيا"
وفي النهاية كانت كلمة للبطريرك الراعي جاء فيها:
صاحب النيافة العزيز؛
يسعدني ان اتقدّم منكم، باسم الحضور وباسم الكنيسة ولبنان وباسم هذه الجامعة، بأخلص التهاني لنيلكم الدكتورا الفخرية التي من خلالها تم تكريم هذه الجامعة بشكل عام وكلية اللاهوت الحبرية بشكل خاص. اود ان اقول لكم انكم "مستحق ومستاهل"، لقد استمعنا الى السيرة الذاتية الغنية التي اوجزها عميد كلية اللاهوت الحبري الأب انطوان الأحمر ومداخلة رئيس الجامعة الاب هادي محفوظ، التي منحت بدورها هذه السيرة حياة لاهوتية بيبلية وانسانية. لقد استمعنا بفرح كبير الى هذه المداخلات لكي نتعرف اكثر الى شخصكم الكريم الذي تغتني به كنيسة هنغاريا واوروبا والكنيسة الجامعة. بالنسبة لي شخصيا انا اعرف جانبا من شخصيتكم. انا اعرفكم رجل عمل وصلاة وصمت. لطالما اعجبت في خلال المجامع الحبرية ولا سيما السينودس الأخير عن العائلة والذي كنتم فيه المقرر العام، اعجبت بعملكم وجهدكم الذي بذلتموه بصمت. لقد عملتم ليل نهار لكتابة التقارير بصمت وبساطة ونكران للذات. لقد اعجبنا بكم رجلا لا يتحدث عن ذاته ابدا ورجلا لا يعرف التعب ورجلا يعمل حبا بالمسيح وبالكنيسة. نحن نهنئ انفسنا بكم يا صاحب النيافة لأن الدكتورا التي منحت لكم منحت لنا جميعنا. لم تبذل الجامعة عناء البحث كثيرا لإيجاد الشخصية المستحقة لهذه الدكتورا التي تمنح للمرة الأولى. لقد سمعنا رئيس الجامعة يقول انه تم اختيار الكردينال بيتر اردو سريعا لنيل هذه الدكتورا ومن دون اي تردد فكان قرار الجامعة ومجلسها سريعا، وعندما سئلت عن الموضوع قلت ان هذه الدكتورا وكأنها منحت لي لمجرد منحها للكردينال اردو. شكرا لكم يا صاحب النيافة على هذه المناسبة، نشكر الله عليكم وعلى عملكم سواء للكنيسة في هنغاريا او للكنيسة الجامعة. وشكرا للرهبانية اللبنانية المارونية بشخص قدس رئيسها العام الاباتي طنوس نعمه ومجلس المدبرين، ولجامعة الروح القدس ولكلية اللاهوت الحبرية لإختيارها الشخصية الأهل لهذا الإحتفال. ونحن نتمنى لهذه الجامعة الإزدهار والتطور ونشكر كلية اللاهوت الحبرية التي تؤمن تدريب كهنتنا كذلك نشكر الهيئة التعليمية والمدراء وعمداء الكليات ونخصّ بالشكر طلابنا الذين يعطون الحياة لهذه الجامعة. لقد زرت هنغاريا حيث ابدى الكردينال اردو كل محبة. اني اقدر بشكل كبير هذا البلد وايمان شعبه ومقاومته وكيف تمكن هذا الشعب من استعادة الحياة. كذلك شاهدنا في خلال الزيارة تاج الملك وصولجانه والصليب المائل وتساءلت عن سبب احتفاظ هذا البلد بالصليب المائل وكيف انهم لم يقوّموه وسألت رئيس مجلس الوزراء الذي قال لقد وجدناه هكذا ونحن احترمنا هذا الامر. ولكنني قلت له انا رأيت الأمور بشكل مختلف فهذا الصليب يمثل الشعب الهنغاري الذي يلوي من دون ان ينكسر تماما كالقصبة التي تلوي ولا تنكسر ومع انتهاء العاصفة تعود كما كانت. هكذا هو الشعب المجري يلوي ولا ينكسر والدليل انه في هذه الجامعة ايضا اعلن رئيس الوزراء المجري في خلال عرضه لتاريخ بلاده ان حكومة المجر هي الدولة الاوروبية الوحيدة التي ذكّرت في مقدمة دستورها بجذورها المسيحية لذلك تم انتقادها وهددت بفصلها عن الإتحاد الاوروبي. ومع ذلك تمسكت بجذورها المسيحية، لهذا السبب نؤكد ان الشعب الهنغاري يلوي ولا ينكسر. كذلك نحن في لبنان وفي هذه الاوقات الصعبة ووسط العاصفة التي تشهدها بلادنا وبلدان الشرق الأوسط، نحن نشهد عاصفة قوية لا بل زلزالا ان اردتم، علينا نحن ايضا ان نلوي من دون ان ننكسر وذلك من خلال المحافظة على قيمنا الدينية والأخلاقية والسياسية والوطنية والثقافية ومع مرور العاصفة نعود للوقوف من جديد. هذا هو لبنان الذي تحدث عنه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني.
اخيرا، اشكركم يا صاحب النيافة على قبولكم دعوتنا للبقاء عندنا لبضعة ايام للتعرف اكثر على لبنان وعلى حقيقة بلدنا العظيم وشعبه الطيّب.