ثوران "تونغا" يساعد على فهم كوكب المريخ
يوفر الانفجار غير العادي، الذي تم تقديره بأكثر من 500 ضعف قوة القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما باليابان عام 1945 فرصة نادرة للباحثين لدراسة كيفية تفاعل الماء والحمم البركانية.
يقول "بيتر بروش"، عالم براكين الكواكب في معهد الجيوفيزياء التابع لأكاديمية العلوم التشيكية في براغ:" إن دراسة بركان تونغا وتطوره في الأسابيع الأخيرة مهم لعلوم الكواكب، إذ أن المعرفة قد تساعدنا في الكشف عن نتائج تفاعلات الماء والحمم البركانية على الكوكب الأحمر وفي أماكن أخرى عبر النظام الشمسي".
وقد أثارت الجزيرة البركانية، التي بدأت تتشكل من الرماد والحمم البركانية التي خرجت من بركان تحت البحر في أوائل عام 2015، اهتمام الباحثين بما في ذلك "جيمس غارفين"، كبير العلماء في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، بسبب تشابهها مع الهياكل الموجودة على المريخ وربما الزهرة أيضًا. يوضح "غارفين" قائلاً: "لا يمكننا عادةً رؤية الجزر تتشكل، لكن هذا الحدث يوفر معلومات للباحثين". فالجزر البركانية عادة تستمر لأشهر فقط قبل أن تتآكل بعيدًا. ولكن "هونغا تونغا" لازال على قيد الحياة لسنوات، ما سمح لفريق "غارفين" باستخدام ملاحظات الأقمار الصناعية والمسوحات في قاع البحر لدراسة كيفية تشكل هذه الجزر وتآكلها واستمرارها. وقد أراد الباحثون استخدام هذه الملاحظات لفهم أن البراكين الصغيرة التي وجدت على المريخ قد تكونت في وجود المياه قبل مليارات السنين.
وتختلف الانفجارات البركانية تحت الماء اختلافًا كبيرًا عن تلك التي تحدث على الأرض، ويمكن أن تنتج أشكالًا أرضية مختلفة، كما يقول "بروي". كما يُمكن أن يؤدي وجود كميات كبيرة من مياه البحر إلى جعل الانفجارات أكثر عنفًا، بينما يؤدي أيضًا إلى تبريد الحمم البركانية بسرعة وتقليل كمية الغاز المنبعث منها. ويعتقد "جوزيف ميشالسكي"، عالم الكواكب في جامعة هونغ كونغ، أن العديد من البراكين على سطح المريخ قد اندلعت بتدفقات ثابتة من الحمم البركانية، لكن بعضها قد يكون انفجاريًا، مثل تونغا. كما أن البيئة البحرية تحاكي أيضًا بعض جوانب إعدادات الجاذبية المنخفضة على الكواكب الصغيرة مثل المريخ، ومن الممكن أن تلقي ضوءًا فريدًا على خصائص المريخ التي تشكلت في الجاذبية المنخفضة. وقد سبق الانفجار العنيف الذي وقع في نهاية الأسبوع الماضي سلسلة من الانفجارات الصغيرة التي بدأت في ديسمبر 2021، ما أدى إلى زيادة حجم الجزيرة.
وبحسب "غارفين"، فإن هناك فرق بحثية حول العالم تراقب الجزيرة الآن باستخدام الأقمار الصناعية الضوئية والليزر لقياس ما تبقى. كما قامت أداة التحقيق في ديناميكيات النظام الإيكولوجي العالمية التابعة لمحطة الفضاء الدولية بجمع البيانات. وعلى الرغم من اختفاء غالبية الجزيرة، إلا أن الأمل يحدو "غارفين" في أن تعمل حجرة الماغما العملاقة في عمق القشرة الأرضية التي شكلت "تونغا - هونغا" في نهاية المطاف على إنشاء جزيرة أخرى للباحثين لدراستها.
المصدر: National Geographic