مصر
15 نيسان 2021, 05:55

ثلاثة أمور يدعو إليها تواضروس الثّاني قبل نهاية الصّوم: الحقّ والرّحمة والتّواضع

تيلي لوميار/ نورسات
عقد بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني مساءً، اجتماع الأربعاء الأسبوعيّ في المقرّ البابويّ في القاهرة، ربط خلاله في عظته بين ما ورد في سفر ميخا النّبيّ وشفاء السّيّد المسيح للمولود أعمى في إنجيل يوحنّا 9 للأحد السّادس من الصّوم الأربعينيّ.

وفي تفاصيل العظة، قال البابا نقلاً عن "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

"نقرأ معًا معجزة شفاء المولود أعمى في يوحنّا 9 "وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟ أَجَابَ يَسُوعُ: لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ. يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ" (يو 9: 1-5).

هذه المعجزة كلّنا نعرف تفاصيلها، فى نهايتها بعد محاورات عديدة يقول في عدد 24: "فَدَعَوْا ثَانِيَةً الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَ أَعْمَى، وَقَالُوا لَهُ: أَعْطِ مَجْدًا للهِ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ خَاطِئٌ فَأَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: أَخَاطِئٌ هُوَ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. إِنَّمَا أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ".

كما بدأنا في آحاد الصّوم المقدّس نحاول الرّبط بين مناسبة الأحد مع أحد أسفار الأنبياء الصّغار. اليوم المسيح هو مانح الإبصار ومعجزة المولود أعمى. وهذه المعجزة سنربطها مع سفر ميخا أحد أسفار الأنبياء الصّغار، وهو يتكوّن من سبعة إصحاحات. وكلمة ميخا اختصار لميخا ياهو ومعناها "من مثل الله". وهذا السّفر به نبوات كثيرة عن ميلاد السّيّد المسيح مثل:

"أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ". (ميخا 5:2).

وأيضًا نبوّة عن الموعظة على الجبل "وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: "هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، وَإِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ، وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ". لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ." (ميخا 4: 2).

وأيضًا نبوّة عن أنّ المسيح يرعى "وَيَقِفُ وَيَرْعَى بِقُدْرَةِ الرَّبِّ، بِعَظَمَةِ اسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيَثْبُتُونَ. لأَنَّهُ الآنَ يَتَعَظَّمُ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ." (ميخا 5: 4).

هذه نبوءات في العهد القديم تحقّقت فى العهد الجديد. بعد الملوك الثّلاثة شاول وداود وسليمان كانت مملكة إسرائيل مملكة واحدة تضمّ أسباط إسرائيل الـ12. لكن بعد سليمان حدث صراع وأصبحت مملكتين، مملكة شماليّة سمّيت مملكة إسرائيل عشرة أسباط وعاصمتها السّامرة وكانوا يعبدون المرتفعات وهي أماكن عالية يضعون عليها الأوثان ومملكة يهوذا وكانت سبطان وعاصمتها أورشليم.

ميخا عاش فى المملكة الشّماليّة وكان معاصرًا لإشعياء النّبيّ. وبدأ يعلن عن اسم الرّبّ بقوّة ويعلن ذلك لشعب يهوذا وشعب إسرائيل لأنّهم عاشوا في شرورٍ كثيرةٍ فقال: "لكِنَّنِي أَنَا مَلآنٌ قُوَّةَ رُوحِ الرَّبِّ وَحَقًّا وَبَأْسًا، لأُخَبِّرَ يَعْقُوبَ بِذَنْبِهِ وَإِسْرَائِيلَ بِخَطِيَّتِهِ." (ميخا 3: 8).

السّفر به مجموعة كبيرة من التّحذيرات والاتّهامات والنّبوءات والرّموز وأيضًا رسائل الرّجاء. المولود أعمى كان يحتاج إلى الرّجاء ومنحه المسيح في الوقت المناسب البصر والرّؤية.

أهمّ شيء أنّ هذا السّفر ينبّه الشّعب لخطاياهم وأنّه سيكون في عقاب وهو أن تأتي أمّة قويّة ستهدم أورشليم. وفي نهاية السّفر يقدّم لنا روشتة عن الإنسان المقبول أمام الله "8قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلّا أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ" (ميخا 6: 8) ثلاثة أشياء:

1- تصنع الحقّ: تعيش بلا رياء بلا فرّيسيّة وهذا واضح في معجزة المولود أعمى والحقّ هو شخص المسيح نفسه فكان دائمًا يقول الحقّ الحقّ أقول لكم عندما يعلّمنا الوصايا.

2- تحبّ الرّحمة: أيّ تتخلّى عن القساوة والتّجبّر والقلب الحجر وتحبّ الرّحمة، نظريًّا وعمليًّا وتملأ أيّامك بالرّحمة.

3- تسلك متواضعًا: أيّ تتخلّى عن تشامخ الرّوح والكبرياء.

هذه الثّلاثة أشياء خلاصة روحيّة قويّة ومختصرة وموجزة وكنز كبير لحياتك.

ميخا في الأصحاح الأخير يقول "مَنْ هُوَ إِلهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ، فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ." (ميخا 7: 18).

يد الرّبّ مستعدّة دائمًا أن تصفح عن سلوك الإنسان ويبدأ بداية جديدة والله يفرح وهو يقدّم هذه الرّأفات للإنسان التّائب.

تعالوا في رحلة للمعجزة وربطها بالسّفر:

هذه المعجزة تضعها الكنيسة في الأحد السّادس من الصّوم ونسمّيه أحد الاستنارة أو التّناصير لأنّ الكنيسة زمان كانت تضع برنامج لتعليم الموعوظين عبر فترة الصّوم وعندما يأتي أحد المولود أعمى ينالوا سرّ المعموديّة وتحدث لهم الاستنارة.

هذه المعجزة توضح ماذا تفعل فينا المعموديّة فنحن نحرص على تعميد أطفالنا وعمرهم أيّام ليتحوّل من العمى للاستنارة مثل المولود أعمى.

المعجزة في الأحد السّادس لذلك وضعت لكم ستّة نقاط تساعدك في استبيان تفاصيل هذه المعجزة.

1- الله يهتمّ بكلّ إنسان:

"وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ " وأحد أعمى منسيّ وسط البشر لكن الله رآه. "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِيًا وَعُرْيَانًا. أَصْنَعُ نَحِيبًا كَبَنَاتِ آوَى، وَنَوْحًا كَرِعَالِ النَّعَامِ." (ميخا1: 8). كان أعمى يعيش على الصّدقات كأنّه حافيًا وعاريًا من رؤية الحياة والطّبيعة لكن ربّنا يراه وسط كلّ هذا جاء له مخصوص.

وسأله التّلاميذ: "يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟" عند اليهود فكّر ارتباط الخطيئة بالمرض فلو خطيئة بسيطة يكون مرضًا بسيطًا أمّا لو خطيئة كبيرة فالمرض كبير.

لذلك المولود أعمى خطيئته كبيرة لذلك سألوه أهذا أخطأ فكيف أخطأ وهو مولود أعمى أم أبواه أيّ أنّهم أخطأوا فكانت النّتيجة في هذا الابن أنّه ولد أعمى. ولكن السّيّد المسيح أجاب: "لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ لظهر أعمال الله فيه" لنرى عمل الله العظيم.

وفي (ميخا 7: 9) "يُقِيمَ دَعْوَايَ وَيُجْرِيَ حَقِّي. سَيُخْرِجُنِي إِلَى النُّورِ، سَأَنْظُرُ بِرَّهُ." الموضوع في يد المسيح يوجد أمل هو ولد أعمى فلا يوجد جهاز البصر لذلك المعجزة كانت خلق عينان.

ويعطى أيضًا درس عن أهمّيّة النّور يلفت أنظارنا إلى النّور الدّاخليّ استنارة العقل والقلب والحياة.

"لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي." (ميخا 7: 8) والمسيح يقول "مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ".

إقرأ وادرس وسافر لكن كلّ هذه أشياء خارجيّة لكن الأهمّ الدّاخليّة وأحيانًا نقول فلان أعمى القلب له قلب ولكن ليس عنده استنارة داخليّة.

الخلاصة أنّ الله يهتمّ بكلّ إنسان ويهتم بتصحيح المفاهيم الخاطئة والنّاقصة والضّيّقة.

أحد القضايا الكبرى هي المفاهيم الخاطئة مثل إنسان يوجد في مكان والنّور ضعيف فلا يستطيع أن يرى التّفاصيل والنّور دائمًا هو تعبير عن الفرح أنت عندما تفرح تزيد النّور لتعطى بهجة فالنّور تعبير عن الاستنارة والاستنارة تعطى للإنسان بهجة وفرح.

2- الخليقة الجديدة لهذا الإنسان:

شفاء هذا المولود قال له "اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ" بركة سلوام كانت في آخر البلد والسّيّد المسيح تفل ووضع كورتين من الطّين مكان العينين وقال له أن يذهب يغتسل في البركة آخر البلد ليشهد كلّ أهل البلد على ذلك.

"يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ." ( ميخا 7: 19) يتكلّم عن رأفة الله والخليقة الجديدة من خلال المعموديّة، في هذه المعجزة البركة إشارة إلى المعموديّة وهذا أوّل سرّ نمارسه.  

يقول القدّيس جيروم "إنّها نعمة المعموديّة الّتي تشير إليها نبوّة ميخا يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطايانا".

3- الّذين لهم عيون ولا يبصرون العميان عن الحقّ:

• الجيران قالوا "فَالْجِيرَانُ وَالَّذِينَ كَانُوا يَرَوْنَهُ قَبْلًا أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى، قَالُوا: "أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ وَيَسْتَعْطِي؟" آخَرُونَ قَالُوا: "هذَا هُوَ". وَآخَرُونَ: "إِنَّهُ يُشْبِهُهُ" أوّل شيء يشكّكون.  

• الفرّيسيّون "وَكَانَ سَبْتٌ حِينَ صَنَعَ يَسُوعُ الطِّينَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ" المسيح صنع المعجزة في يوم سبت ليوضح أنّ السّبت من أجل الإنسان ليخدم الإنسان "بِمَ أَتَقَدَّمُ إِلَى الرَّبِّ وَأَنْحَنِي لِلإِلهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ بِمُحْرَقَاتٍ، بِعُجُول أَبْنَاءِ سَنَةٍ؟" (ميخا 6: 6) يتكلّم هنا عن من يتبع الطّقوس بصورة جوفاء يقدّم محرقات بدون سجود بقلبه.

الفرّيسيّون كانوا يسمّون المفرزين يمثّلون بلغتنا المعاصرة الحاصلين على الدّكتوراه فكانوا متعمّقين في العلم ولكن يعيشون الرّياء بالكامل، "فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ: "هذَا الإِنْسَانُ لَيْسَ مِنَ اللهِ، لأَنَّهُ لاَ يَحْفَظُ السَّبْتَ" تركوا المعجزة وشفاء الأعمى وتكلّموا عن السّبت فكان بينهم انشقاق فالشّكّ أوصلهم للتّحزّب وتاهوا عن الحقيقة.

"الْمُبْغِضِينَ الْخَيْرَ وَالْمُحِبِّينَ الشَّرَّ، النَّازِعِينَ جُلُودَهُمْ عَنْهُمْ، وَلَحْمَهُمْ عَنْ عِظَامِهِمْ." (ميخا 3: 2) آية صعبة فلا يحبّون الخير بدل أن يقولوا للرّجل مبروك على الشّفاء.

ونزع الجلود هنا تعبير مجازى عن من ينهش فى سيرة الآخرين ومن يشوّه سيرة إنسان أيّ أنّك تكشفه وتتحدّث عن خطاياه فهو تعبير قاس للغاية أيّ نزع السّتر فالجلد هو الّذي يستر على الإنسان. وكانت معجزة مبهرة لعدم وجود طبّ عيون وقتها.  

• الوالدان "فَلَمْ يُصَدِّقِ الْيَهُودُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ حَتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذِي أَبْصَرَ" ولما سألوهم كيف أبصر خافوا وقالوا هو كامل السّنّ إسالوه.

"وَهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَفْكَارَ الرَّبِّ وَلاَ يَفْهَمُونَ قَصْدَهُ" (ميخا 4: 12) أفكار الرّبّ أنّ هذا الشّخص يبصر وقصده أنّه مولود أعمى كان محرومًا من الحياة الطّبيعيّة ولكنّهم تركوا الموضوع الرّئيسيّ وعاشوا في القضيّة الضّيّقة جدًّا قضيّة السّبت.

• المولود أعمى "فَدَعَوْا ثَانِيَةً الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَ أَعْمَى، وَقَالُوا لَهُ: "أَعْطِ مَجْدًا للهِ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ خَاطِئٌ" كلّموه وهم يوحون له بالإجابة يريدون أن يقول عن المسيح إنّه إنسان خاطئ.

"اِسْمَعُوا هذَا يَا رُؤَسَاءَ بَيْتِ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ يَكْرَهُونَ الْحَقَّ وَيُعَوِّجُونَ كُلَّ مُسْتَقِيمٍ." (ميخا 3: 9) هذه أوصاف الفرّيسيّين كان ممكن أن يأمنوا ويعيشوا في سلام لكن المولود أعمى قال "إِنَّمَا أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ" أحيانًا الإنسان يتوه في الأفكار والشّكوك ولا يرى الحقّ.

4. طرد الأعمى:  

"فَشَتَمُوهُ وَقَالُوا: أَنْتَ تِلْمِيذُ ذَاكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى".

كانوا يفتخرون بموسى فى العهد القديم وقالوا "فِي الْخَطَايَا وُلِدْتَ أَنْتَ بِجُمْلَتِكَ، وَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا! فَأَخْرَجُوهُ خَارِجً" وهنا يوضح مقدار الشّرّ والخطيئة الّتي عاش فيها هؤلاء.

"قَدْ بَادَ التَّقِيُّ مِنَ الأَرْضِ، وَلَيْسَ مُسْتَقِيمٌ بَيْنَ النَّاسِ. جَمِيعُهُمْ يَكْمُنُونَ لِلدِّمَاءِ، يَصْطَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَبَكَةٍ." (ميخا 7: 2) يصنعون كمينًا للقتل وفخاخًا لبعضهم الرّؤساء يقضون بالرّشوة عايشين في الخطايا. الفرّيسيّون هنا صنعوا الشّرّ كرهوا الحقّ ورفضوا التّعليم.

كم مرّة الله يسمح لك بفرصة أن تتراجع عن فكرك الضّيق وتستنير في علاقاتك ممكن أن تكون مبصرًا ولا تعرف للحقّ طريق انتبه أيّها الحبيب فترة الصّوم فرصة أن يعرف الإنسان ضعفه.

٥- المسيح يقابل الأعمى الّذي أبصر:

"فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجًا، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟ أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!

فَقَالَ: أُومِنُ يَا سَيِّدُ!. وَسَجَدَ لَهُ" استجاب لأنّه اختبر النّور. أذكّركم ثانية "قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلّا أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ." (ميخا 6: 8).

الطّريق جميل وسهل وواضح وصار المولود أعمى هنا صاحب بصيرة وإيمان وبدأ يسير في المراحل الثّلاثة تصنع الحقّ وتحبّ الرّحمة وتسلك متواضعًا.

6- الخلاصة:

سأل نفسك هل أنت في جانب المولود أعمى وأبصر أم جانب الفرّيسين الّذين ولدوا مبصرسن وظلّوا عميانًا.

"فَقَالَ يَسُوعُ: لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ. فَسَمِعَ هذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ: أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضًا عُمْيَانٌ؟".

كلّ هذا ولم يكتشفوا أنّهم عميان للأسف الشّديد، انتبه أيّها الحبيب لئلّا تكون واحدًا منهم "قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ."

هل في مرّة قلت لأب اعترافك وقلت له أنا عيني فتحت واكتشفت أنّي كنت "فاهم" غلط وكنت لزمان طويل رغم أنّ كثيرين كلّموني كنت أشكّك وأصنع تحزّبات وانقسامات والآن اكتشفت أنّي كنت غلطانًا.

أنت تعرف وتفهم لذلك تعيش في خطيئتك وتموت بخطيئتك وعايش في ظلام على طول انتبه "لِذلِكَ تَكُونُ لَكُمْ لَيْلَةٌ بِلاَ رُؤْيَا. ظَلاَمٌ لَكُمْ بِدُونِ عِرَافَةٍ. وَتَغِيبُ الشَّمْسُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ، وَيُظْلِمُ عَلَيْهِمِ النَّهَارُ." (ميخا 3: 6) الخطيئة باقية لا توجد عندهم شمس أو نور نهارهم مظلم فيظلّون في خطيئتهم فالمبصر الحقيقيّ المولود أعمى هنا هو الّذي أبصر حقيقيًّا أمّا العميان الحقيقيّون هنا هم الفرّيسيّون الّذين لهم عيون ولكن لا يبصرون خطيئة شديدة جدًّا فانتبه لنفسك.

وأذكّرك بخلاصة الإنسان الصّالح الثّلاثة أن تصنع الحقّ وتحبّ الرّحمة وتسلك متواضعًا. أتركك تقيس نفسك عليهم لكي لا تكون فترة الصّوم وهي تقترب من النّهاية مضت هكذا اكتشف في نفسك حرفيّة السّبت واطلب استنارة وتوبة وافحص نفسك جيّدًا وحاول أن تقرأ سفر ميخا لتعرف مراحل الانتقال من الظّلمة إلى النّور لتكتشف إذا كان في ظلمة في حياتك تحوّلها لنور بنعمة المسيح.

لإلهنا كلّ مجد وكرامة الآن وإلى الأبد آمين".