لبنان
06 كانون الثاني 2025, 12:15

ثلاثة أمور تأمّل بها الأباتي رزق في ليلة عيد الدّنح، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد الدّنح، تأمّل الرّئيس العامّ للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الأباتي إدمون رزق، خلال قدّاس إلهيّ في دير سيّدة اللّويزة، بانتقال يسوع من حياته الخفيّة إلى تلك العلنيّة، بظهور اللّه في سرّه الثّالوثي، وبسرّ معموديّة.

وفي تفاصيل العظة، قال رزق:  

"على ضفاف نهر الأردنّ، اجتمع الشّعب حول يوحنّا النّبيّ العظيم، الّذي نادى بالتّوبة وعمّد لمغفرة الخطايا. ظنّوا أنّه المسيح لأنّه أرشدهم إلى طريق العودة إلى اللّه، فبالتّوبة وغفران الخطايا طريق إلى اللّه، لا بدّ منه. أمّا هو، فلم يتباه بما يعمل، ولا قبل مديح النّاس، لأنّه الصّوت الصّارخ وليس كلمة اللّه!  

ها يوحنّا يلتقي بمن عمّده في حشا أمّه، وكان هو أيضًا لا يزال في حشا أمّه العذراء. اللّيلة، تتكلّل مسيرة يوحنّا بلقائه الفعليّ بالرّبّ! فقد عاش حياته منتظرًا هذا اللّقاء، لأنّ الرّوح أوحى له به وبالعلامة الّتي ستعلن هويّة المسيح ابن اللّه. ويسوع أتى إليه وأحنى رأسه أمامه من أجل أن يعمّده. وهل هو بحاجة للعماد؟  

بين الشّعب التّائب، المنتظر الخلاص، المحتشد على ضفاف النّهر، وقف يسوع وهو ابن هذا الشّعب، ولكنّه أيضًا ابن اللّه. وقد حانت لحظة انطلاقته للعمل في مشروع الآب الخلاصيّ. أتى بتواضع ليعلن سرّه على يد من نادى بسرّه في مسيرته، وبصوت الآب الّذي أرسله إلى العالم، ليخلّص العالم.  

اللّيلة، نشهد حدثًا مصيريًّا في تاريخ الخلاص؛ نشهد اعتلان سرّ يسوع إلى العالم، وهو يدعى الدّنح أيّ "الظّهور والإشراق".  

ثلاثة أمور نتأمّل بها:  

1. ينتقل يسوع باعتماده من حياة خفيّة في "النّاصرة"، بلدة طفولته وصباه، إلى حياة علنيّة.  

2. يظهر اللّه في سرّه الثّالوثيّ: نسمع صوت الآب، نرى الابن يسوع، والرّوح القدس ينزل عليه بشكل حمامة، يذكّرنا بالخلق حين كان روح اللّه يرفّ على وجه المياه (تك1 : 2) وهو علامة بدء خلق جديد على يد يسوع المسيح.  

3. يقول يوحنّا عن يسوع "هو يعمّدكم بالرّوح والنّار" (لو3:16)، وهذا يعني أنّ عمادنا نحن المسيحيّين، بنعمة الابن وحلول الرّوح القدس، هو العبور من الظّلمة إلى نور الإيمان، في ولادة روحيّة جديدة، في بنوّة للّه الآب، مثل الابن الّذي يرضيه، بقوّة الرّوح القدس.  

على ضفاف نهر الأردنّ، منذ أكثر من ألفين سنة، تحوّل العماد من غسل الخطيئة، إلى لباس نور، فالقدّيس بولس يقول لأهل غلاطية: "أنتم الّذين اعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3 : 27)  

فكيف إذن أيّها الإخوة الأحبّاء نحافظ على صورة المسيح الّتي فينا؟ وكيف نعيش بنوّتنا للآب؟ وهل نعطي الرّوح القدس الفسحة في إيماننا وفي حياتنا كي يخلقنا من جديد؟ فيتجدّد فينا الإيمان والرّجاء والمحبّة؟  

تعالوا إذن نسهر مع الخليقة ونندهش معها أمام الإله الّذي اختار أن يكون بيننا وأن يفتح لنا أبواب الملكوت. لنصلّي معًا "تعال أيّها الرّبّ يسوع وأنر ظلمتنا وامح خوفنا وبارك بيوتنا وقلوبنا وأعمالنا. تعال وازرع في نفوسنا السّلام. تعال ذكّرنا بمعموديّتنا وبحبّ الآب. في البدء كنت الكلمة، ومنذ الأزل وإلى الأبد أنت. ونحن دونك لا رجاء لنا ولا فرح ولا حياة. أيّها الدّايم دايم، تعال واملك على حياتنا وعلّمنا كيف نحيا بنوّة السّماء."  

أعايدكم إخوتي وأصلّي كي يبقى في حياتكم الدّايم دايم!".