توصيات المؤتمر الثلاثين للأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة
خلص المؤتمر السنويّ الثلاثون للأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة الذي عقد في جامعة الروح القدس - الكسليك، تحت عنوان "التربية على المواطنيّة من أجل بناء مجتمع أكثر ديموقراطيّة"، إلى التالي:
"- أوّلًا على الصعيد الإداريّ:
إزاء التحدّيات التي ما زالت التربية تواجهها في ظلّ الظروف الراهنة، شدّد المؤتمرون على أنّ أيّ حلّ يجب أن ينطلق من الحاجات التالية: انتخاب رئيس للجمهوريّة ما يفعّل عمل مؤسّسات الدولة برمّتها. إقرار سلّة تشريعات متكاملة تساعد المؤسّسات التربويّة على الخروج من الأزمة الحاليّة بحلول نهائيّة تحصّن المؤسّسات وتنصف المعلّمين وتؤازر الأهل. تشكيل المجالس التحكيميّة في المناطق لبتّ النزاعات بين المؤسّسات التربويّة والأهل. إصدار مرسوم تشكيل مجلس الإشراف على صندوق التعويضات واعتبار هذه الخطوة مدخلًا الى أيّ حلّ في المرحلة الحاليّة. انطلاقة طبيعيّة للعام الدراسيّ بحسب الرزنامة المدرسيّة المقرّرة واعتماد خمسة أيّام تدريس أسبوعيًّا. مؤازرة المدارس الكاثوليكيّة العشر المتواجدة على الحدود الجنوبيّة ليستمرّ التعليم فيها وإن أمكن حضوريًّا في ظلّ الظروف المضطربة الحاليّة.
ثانيًا على الصعيد التربويّ:
وبعد معالجة موضوع "التربية على المواطنيّة، من أجل مجتمع أكثر ديموقراطيّة"، يرى المؤتمرون أنْ لا بدّ من وضع استراتيجيّة وطنيّة شاملة تأخذ بعين الاعتبار العناصر التالية: الانطلاق من نتائج الدراسة التي قامت بها الأمانة العامّة بالتعاون مع مركز IDEES في جامعة الروح القدس - الكسليك والتي أظهرت مدى خيبة الأمل لدى الشباب وضعف شعورهم بالانتماء الوطنيّ، ما يؤثّر على مستوى التزامهم ومشاركتهم وانخراطهم في مؤسّسات الدولة. اعتبار المواطنيّة أساسًا للانتماء إلى الدولة في لبنان بحيث أنّ الدستور اللبنانيّ يفصل الدين عن الدولة. فالمواطنيّة تنفي الخوف والتردّد والازدواجيّة وتربّي المواطنين على العيش معًا في مجتمع أكثر ديموقراطيّة. إعادة تعريف التعليم الدينيّ كأساس للهويّة الوطنيّة والنظر إليه كفرصة لتقديس الوطن من خلال تربية مواطنين قدّيسين، كما تعزيز التربية الأخلاقيّة كحصن ضدّ الانهيار الاجتماعيّ، تترجم بمشاريع اجتماعيّة ومبادرات تربويّة إبداعيّة لترسيخ القيم الأخلاقيّة والمبادئ في نفوس المتعلّمين. الإقرار بأنّ احترام المكانة الرفيعة للشخص البشريّ وكرامته الإنسانيّة هي من الأسس التي تقوم عليها التربية على المواطنيّة في لبنان. أهمّيّة التعليم والثقافة والمشاركة في العمل الاجتماعيّ في بناء مساحات مشتركة والتحرّر من سياسة الإملاء إلى ممارسة سليمة للحياة الديموقراطيّة. فالتربية تؤسّس للشراكة في القيم بين اللبنانيّين، وهي السبيل لتكوين المواطنيّة والهويّة المشتركة وتسهم في تجاوز الاختلافات الدينيّة والثقافيّة. إلتزام الحاكم والمحكوم قولًا وفعلًا بالقانون بعيدًا عن الزبائنيّة والاستغلال والفساد لمحاربة الملاءمة الملتبسة بين الدستور والواقع المعاش، وتبني خارطة طريق قوامها: التنشئة على المواطنيّة في المدرسة والبيئة الإجتماعيّة المباشرة، مع عدالة ومساواة تؤمّنها الدولة وتراكم في الأداء السليم. تعزيز روح الانتماء بهدف اكتساب الهويّة في إطار المساواة مع الآخر، من خلال الانخراط والالتزام والمشاركة في مؤسّسات الدولة. هذا ما يتطلّب تعزيز المعرفة (الحقوق والقيم والواجبات) وتنمية المهارات الديموقراطيّة (سيادة القانون، التمرّس على الحريّات)، وبناء ثقافة السلام. خلق قوّة تحويليّة إيجابيّة من خلال تسليط الضوء على القيم المدنيّة (العدالة والمساواة والمساءلة والشفافية والتسامح والاحترام) من خلال تربية مواطن حرّ، مسؤول، يحبّ وطنه ويشارك في صنع القرار. ذلك كلّه بهدف تنشئة أفراد مستنيرين ومسؤولين يساهمون في بناء مجتمع عادل، ما يعزّز استقلاليّة المواطنين وقدرتهم على تقرير مصيرهم. الفهم الصحيح للحوكمة العامّة ومكوّناتها الرئيسة في التربية على المواطنيّة في إطار بناء الدولة (الشفافية والمساءلة ومشاركة المواطنين) وتعزيز ثقافة الديموقراطيّة التشاركيّة من خلال التمرّس على آليّات صنع القرار وإدارة الشؤون العامّة بهدف بناء مجتمع ديموقراطيّ وعادل. كما لا بدّ من إشراك الشباب في مبادرات تهدف الى تحديث الإدارة العامّة وتطويرها (مثل youth4gouvernance). تعزيز المساءلة الاجتماعيّة ودورها الفاعل في تشكيل مجتمع أخلاقيّ وديناميكيّ من خلال تنشئة مواطن شجاع لا يخاف من قول الحقيقة، يواجه ويتميّز بالحسّ النقديّ، ما يعزّز المواطنيّة التشاركيّة. التعلّم، لا سيّما التعلّم التجريبيّ وهو ركيزة أساسيّة لتنشئة المواطنين المشاركين من خلال تنمية مهاراتهم الديموقراطيّة عبر إقرار منهاج راسخ محكم البناء، مبنيّ على التفكير النقديّ والتعاون والمشاركة النشطة. تحقيق الرفاه الاجتماعيّ من خلال التمرّس على المشاركة الديموقراطيّة وتعزيز العدالة الاجتماعيّة والتنمية المستدامة والتعاون بين الثقافات وتعزيز الروابط الإجتماعيّة والتضامن. تنقية الذاكرة الجماعيّة ما يسهم في التفاهم والمصالحة المتبادلة من خلال الحوار بين الطوائف وتعزيز دور العدالة والمساواة في تحقيق الشفاء الجماعيّ".
وأكّد المؤتمرون، أنْ "لوضع هذه العناصر ضمن إطار خطّة عمل تربويّة متكاملة قابلة للتطبيق في المدارس، سنعمل على تشكيل لجنة من المختصّين تكون مهمّتها ترجمة هذه العناصر في وضعيّات تعلُّميّة (situation d'apprentissage) لبناء ملمح مواطن فاعل يتّسم بالمعرفة المستنيرة والعمق الأخلاقيّ والجرأة في المواجهة والمبادرة في صنع المساحة المشتركة لبناء الخير العامّ".