توركسون من دبلن: العائلة هي المكان الأوّل للتّكامل بين إيمان الشّخص ونشاطاته الحياتيّة
بدأ الكاردينال توركسون مداخلته بمقدمة ذكَّر فيها بحديث البابا فرنسيس في الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحب" عن العائلة، خليّة المجتمع الأساسيّة، باعتبارها مؤسّسة أرادها الله وخلقها من أجل حياة مستمرّة للكائن البشريّ، ويعني هذا لا فقط تمتّع الكائن البشريّ الذي خُلق على صورة الله ومثاله بالكرامة، بل أنّه خُلق ذكرًا وأنثى، بكرامة متساوية يمكنهما الزّواج وولادة الأطفال والعناية بهم. ثمّ تحدّث عميد الدّائرة عن الواجب، أو العمل، الذي كُلّف به الإنسان أيّ أن يفلح الأرض ويحرسها، والذي هو في الواقع تعبير عن الكرامة البشريّة حسب ما ذكر البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني في الرّسالة العامّة "العمل البشريّ".
وانطلاقًا من هذه المقدّمة، توقّف الكاردينال توركسون عند رؤية الكنيسة للعمل باعتباره دعوة، معطيًا الكثير من الأمثلة من خلال وثائق البابوات العديدة التي تحدّثت عن هذا الموضوع، وصولاً إلى ما ذكر البابا الفخري بندكتس السادس عشر في الرّسالة العامّة "المحبّة في الحقيقة" حول عمل الشّركات باعتباره دعوةً يجب أن يوجّهها منطق العطاء. ثمّ توقّف عميد الدّائرة الفاتيكانيّة عند كتيّب أصدره عام 2014 المجلس الحبريّ للعدالة والسّلام يقدّم تأمّلاً لمساعدة رجال الأعمال المسيحيّين في سدّ الفجوة بين الإيمان والعمل. وذكّر الكاردينال توركسون بالتّوجيهات الأساسيّة في هذه الوثيقة، ومن بينها كون هدف قطاع الأعمال الرّد على احتياجات البشريّة بمنتجات جيّدة بالفعل وخدمات تخدم بالفعل، بدون نسيان احتياجات الفقراء انطلاقًا من روح التّضامن. هناك أيضًا ضرورة أن تخلق الشّركات أو أن تنظِّم العمل بشكل يحترم موهبة وكرامة الأشخاص، وضرورة أن تنطلق الرّؤية على المدى الطّويل من مبدأ توفير مستدام للرّخاء وتوزيعه بشكل عادل. وتطرّق بعد ذلك الكاردينال توركسون في مداخلته إلى نشاطات العمل العائليّة مشيرًا، وانطلاقًا من الرّؤية المسيحيّة للعمل، إلى أنّ العائلة هي المكان الأوّل للتّكامل بين إيمان الشّخص ونشاطاته الحياتيّة بما في ذلك العمل، وأيضًا إلى مبدأ الاستدامة الذي يميّز حياة العائلة والنّشاطات العديدة التي تقوم بها ومن بينها العمل.
وختم الكاردينال توركسون مؤكّدًا أنّ الاستدامة وضمان مدّ الأجيال القادمة بأكثر ممّا تسلّمناه يعني التزامات على أصعدة مختلفة. فهناك أوّلاً الالتزام من أجل الأشخاص، أيّ عمل كلّ ما يمكن لخلق والحفاظ على أماكن عمل وثقافات عمل يزدهر من خلالها الإنسان. يأتي بعد ذلك الالتزام من أجل جماعاتنا، ما يعني الالتزام بأن نكون مواطنين عالميّين مسؤولين نقدّم إسهامات إيجابيّة للجماعات التي نعيش ونعمل فيها، ثمّ الالتزام من أجل البيئة، أيّ العمل على تقليص ما نسبّب من تأثير على البيئة، ومن أجل حماية البيئة التي نتقاسمها. وأخيرًا، الالتزام من أجل أجيال المستقبل؛ وذلك من خلال مقاسمة قيمنا وتطلّعاتنا طويلة الأمد مع الأجيال القادمة.