لبنان
01 حزيران 2023, 12:30

تواضروس الثّاني في عيد دخول المسيح أرض مصر: هذه المناسبة تملأنا فخرًا وتعطينا قوّة وتباركنا

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة عيد دخول السّيّد المسيح أرض مصر، تحدّث بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني عن جوانب ثلاثة لمسار العائلة المقدّسة في مصر، وذلك خلال احتفاليّة أقيمت في كنيسة القدّيسين سرجيوس وواخس "أبي سرجة" في مصر القديمة، بعد أن أحيات جوقة "الحصاد" التّابعة لكنيسة مار جرجس المنيل مجموعة من التّرانيم والألحان.

وفي كلمته عدّد البابا الجوانب وهي بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

"1- الجانب التّاريخيّ: حسب التّاريخ في العهد الجديد في الكتاب المقدّس أنّ السّيّد المسيح وُلد في أورشليم في بيت لحم، وكان في ذلك الزّمان هيرودس ملك اليهوديّة بفلسطين، وكان لا يرى في الوجوه إلّا نفسه، ولكن في ميلاد السّيّد المسيح الّذي أتى إلى العالم جاء إليه الرّعاة اليهود والمجوس وهم علماء الفلك، وكانوا يعبدون النّجوم ويدرسونها، فعندما وجدوا نجمًا يتحرّك من الشّرق إلى الغرب- وهذا على غير العادة- أنّ هذا النّجم يصل إلى بيت لحم، وحسب كتبهم الّتي تقول إنّ ظهور هذا النّجم هو ظهور لملك جديد، فسألوا هيرودس "أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟" (مت ٢: ٢)، ولكن هيرودس قام بخداعهم، وطلب منهم أن يذهبوا لمعرفة مكان هذا الملك وأن يعودوا إليه ويخبروه بالمكان ليذهب للسّجود له، وذهبوا لرؤية السّيّد المسيح الطّفل، وقدّموا هداياهم: الذّهب واللّبان والمرّ، والّتي لها معاني روحيّة وإنسانيّة حسب كتبهم، أنّ أيام حياة الإنسان هي ثلاثة أنواع، هي:  

- أيّام "ذهب": وهي أيّام الفرح والنّجاح والإنجاز.

- أيّام "اللّبان" (البخور): هي أيّام الجهاد والتّعب والدّراسة والعمل.  

- أيّام "المرّ": هي الأيّام الّتي يتعرّض فيها الإنسان للضّعفات والأزمات في الحياة.  

ثمّ انصرفوا وأُوحي لهم ألّا يعودوا إلى هيرودس، الّذي وضع خطّة لقتل الأطفال الّذين أعمارهم سنتين فما دون، وصارت مذبحة "رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا" (مت ٢: ١٨)، وظهر الملاك للقدّيس يوسف النّجّار الحارس لأمّنا العذراء مريم وأخبره أن يذهب إلى مصر، واختار هذا البلد لأنّه الملجأ الأمين، لذلك نقول إنّ السّيّد المسيح هو أوّل لاجئ لمصر.

ومن العهد القديم قبل ولادة السّيّد المسيح بـ٧٠٠ أو ٨٠٠ سنة جاءت نبوءة "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ" (إش ١٩: ١٩)، وهذا هو ما كان، والمذبح المُدشّن بيد المسيح نفسه يوجد في دير المحرق بأسيوط.  

كما ذُكرت مصر والمصريّين حوالي ٧٠٠ مرّة في الكتاب المقدّس بعهديه.

2- الجانب الرّوحيّ: هذه الزّيارة لها بركتها على أرض مصر ونشعر بها، وهذه البركة هي بركة حياتيّة، لأنّ السّيّد المسيح مكث بمصر ثلاث سنوات وستّة أشهر وعشرة أيّام، وتحرّكت العائلة المقدّسة بمصر شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، وأيضًا برًّا ونهرًا، فكانت البركة للأرض ومياه النّيل.  

وجانب البركة (الرّوحيّ) هو جانب بركة لنا جميعًا، واختيار السّيّد المسيح لمصر خاصّة عن دون دول العالم لكي يمكث بها هذه الفترة هو امتياز وانفراد ليس له مثيل في العالم، وهذه المواقع الّتي تعود للقرن الأوّل والرّابع الميلاديّ هي للبركة والقوّة الرّوحيّة، فالله يسكب في داخلنا قوّة خاصّة هي قوّة الحياة، ممّا يجعل مصر بدءًا من الفراعنة والعصور المسيحيّة والإسلاميّة فهذا الامتداد يجعل من مصر ممسوحة بغطاء روحيّ، فيُعطي الإنسان قوّة روحيّة مهمّة لحياته وأن يشعر بيد الله الّتي تعمل ويشعر وكأنّ مصر معبد كبير.

3- الجانب السّياحيّ (الاقتصاديّ): هذا المسار هو نعمة خاصّة وهديّة منفردة أعطاها الله لمصر، واهتمام الدّولة بالقيادة السّياسيّة والحكومة المصريّة والهيئات بدأ منذ عدّة سنوات لمحطّات الزّيارة الـ٢٥ من سيناء إلى الصّعيد، فصار هذا المسار جاذبًا للسّياحة لأنّه موضع غير موجود بمكان آخر، وهو موضع له قيمة روحيّة وتاريخ كتابيّ، ولأنّ كنائسنا القبطيّة انتشرت في العالم فوضعنا تسمية جديدة لهذا العيد تصلح للاستخدام العالميّ وهي  GLOBAL COPTIC DAY"اليوم القبطيّ العالميّ"."

وطالب البابا أن يكون للمسار مكانة في المدارس وأن يكون الأوّل من حزيران/ يونيو يومًا تحتفل فيه مصر "لأنّه يُعتبر عيدًا قوميًّا، ويلزم التّوعية والثّقافة بأهمّيّة هذا الجزء من تراثنا المصريّ أن يكون حاضرًا في الأذهان، لأنّ هذا المسار يهمّ مصر كدولة وإذا أُتيحت الفرصة لكثيرين أن يأتوا إلى مصر ووجدوا استعدادًا للتّرحيب بهم وبرامج سياحيّة متعدّدة سوف يتدفّق الملايين من السّائحين على مصر، وإذا نجحنا في وضع حملة توعية مستمرّة سيعلم العالم مقدار هذا المسار تاريخيًّا وجغرافيًّا وروحيًّا سياسيًّا وأيضًا اقتصاديًّا".  

وإختتم مؤكّدًا أنّ "هذا الاحتفال قويّ نحتفل فيه بمناسبة تملأنا فخرًا وتعطينا قوّة وتباركنا بكلّ نعمة روحيّة".