مصر
25 شباط 2021, 08:50

تواضروس الثّاني: عوّد نفسك على روح الصّلاة

تيلي لوميار/ نورسات
عن الأسرة والصّلاة، تحدّث بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني خلال اجتماع الأربعاء مساءً، دعا خلاله المؤمنين إلى استثمار الوقت في المنزل خلال كورونا من أجل الصّلاة، لافتًا إلى أنّ الله "ربّما سمح بانتشار الوباء ليعطي فرصة للإنسان أن يلتقط الأنفاس وينتبه إلى خالقه ويعيد النّظر في حياته ويقضي وقت مع إلهه في هدوء وحبّ وراحه داخليّة."

وتابع البابا مقتبسًا عن كثيرين أقوالهم حول الصّلاة الّتي هي "رفع العقل إلى الله"، و"التصاق به في جميع لحظات الحياة ومواقفها، فتصبح الحياة صلاة واحدة بلا انقطاع ولا اضطراب". وعن يوحنّا ذهبيّ الفمّ نقل قوله إنّ "سرّ دوام النّعمة والفضيلة هو في دوام الصّلاة"، وإنّ "صلاتك يمكن أن تسندك يوميًّا وأنت ترفع قلبك"، "لِتَسْتَقِمْ صَلاَتِي كَالْبَخُورِ قُدَّامَكَ"، وتوجّه في هذا السّياق إلى كلّ فرد قائلاً بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "وأنت تصلّي داخل بيتك مع أسرتك وكأنّكم ترفعون بخّورًا، وهذا البخّور يصل إلى الله مثل البخّور الّذي يقدّم بداخل الكنيسة الّذي يرفع صلواتنا إلى السّماء، الصّلاة في مسيحيّتنا هي حديث حبّ بين الإنسان والله وهي فرصة محبوبة وهي وقت ليتمتّع الإنسان بالحضور الإلهيّ، وداود النّبيّ يقول "أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ " أيّ أنّ حياته كلّها تحوّلت إلى صلاة وكما تقول عروس النّشيد "أَنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ"، والجهاد الرّوحيّ في الصّلاة يجعل الإنسان في حالة روحيّة مرتفعة فلا توجد نعمة عند الإنسان الّذي لا يصلّي وتكون الصّلاة هي وسيلة الشّبع بالله والتّأمّل في أعماله وصفاته، الصّلاة شكل من أشكال التّسبيح والتّسبيح عبارة كلمة ونغمة وهذه النّغمة نغمة روحيّة غير متعبة للنّفس وتجد النّفس تتهلّل مع النّغمات كما يقول في إبصاليّة السّبت "أعطى فرحًا لنفوسنا تذكار اسمك القدّوس" ومجرّد ذكر اسم الله يجعل هناك فرحًا داخل الإنسان، لذلك علّمتنا الكنيسة أنّه من الأشياء الّتي يمكن أن نفعلها بداخل البيت ونحن مجتمعين كأسرة صلوات الأجبية وقراءة السّنكسار والكتاب المقدّس وكتب سير القدّيسين وفي كتاب الابصلموديّة ولكن من أكثر الكتب الّتي تلازم الإنسان يوميًّا وعبر ساعات اليوم كتاب الأجبية (صلوات السّواعي) وهي مقسّمة على مدار اليوم وهي صلوات ممتلئة بالتّأمّلات ورتبها الآباء على مراحل حياة السّيّد المسيح ولكن يبدأوها بتذكار القيامة في صلاة باكر لأنّ القيامة كانت فجرًا وكأنّ صلاة باكر كلّ يوم كأنّك تعيد قيامة المسيح كلّ يوم، وصلاة الثّالثة هي حلول الرّوح القدس وصلاة السّادسة 12 ظهرًا نتذكّر صليب ربّنا يسوع المسيح، التّاسعة 3 بعد الظّهر نتذكّر إنزال جسد المسيح من على الصّليب، الغروب السّاعة 5 نتذكّر فيها دفن السّيّد المسيح، النّوم في دخول اللّيل ونسمّيها (الموت الصّغير)، نصف اللّيل هي ثلاثة أقسام وتدوّر عن الاستعداد للسّماء، وصلوات الأجبية مبنيّة على سفر المزامير الّذي واضعه داود النّبيّ وهو أكبر أستاذ في الصّلاة والله يشهد لداود فتّشت قبل داود وجدّته شبه قلبي، والأجبية كتاب يعلّمك روح الصّلاة وتعيش حياة السّيّد المسيح طوال اليوم وما أشهى ذلك، وشيء جميل أن تكون هناك صلاة تجمع الأسرة داخل البيت لأنّك تزرع روح الصّلاة داخل البيت وتقدّسه فأنت تقطتع وقتًا من الزّمن وتجعله مخصوص إلى الله صاحب الزّمن.

أوّلاً: الأجبية تنقل للإنسان روح الإنجيل لأنّ كل عبارتها مأخوذة من الكتاب المقدّس فيصير الإنسان له الطّابع الإنجيليّ "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ " أخذ كلامك يأرب وأصلّي به لتكون لي الرّوح والحياة، ومعنا ذلك أنّك تعيش مع السّيّد المسيح تعيش (المعيّة مع المسيح)، ترافق وتلتصق بحياة السّيّد المسيح ونسمّيها الحياة المعاشة في المسيح.

ثانيًا: صلوات الأجبية تعطينا اليقظة الرّوحيّة يكون الإنسان منتبهًا لنفسه، الأجبية مثل المنبّه توقظ الإنسان وتجعل القلب مرتبط بالله باستمرار.

ثالثًا: نجد في الأجبية المشاعر الإنسانيّة المتعدّدة "مِنَ الأَعْمَاقِ صَرَخْتُ إِلَيْكَ يَا رَبُّ" "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ" "الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ"، المزامير تعبّر عن حياتك وأعماقك وأفكارك وتساعد الإنسان أن يعبّر عن مشاعره الدّاخليّة.

رابعًا: الأجبية لها أهمّيّة كبيرة أنّها تقدّس اليوم فتصير حياتك مقدّسة وتحدّث نوعًا من تقديس العمر، إجعل قلبك دائمًا ملتفت إلى الله ويكون قلبك مصلّيًا وشاكرًا، وصلوات المزامير تحمي الإنسان من فترات الجفاف والكسل الرّوحيّ، وجود صلاة المزامير داخل بيتك وأنتم مجتمعون يصدّ الأرواح الشّرّيرة ويبعد الأفكار الشّرّيرة، الصّلاة تفعل نوعًا من التّطهير والتّنقية وتجعل الحياة مستمرّة، وصلاة المزامير هي فرصة جميلة أن تشترك فيها الأسرة وتصبح روح الصّلاة هي الّتي تغلب علينا داخل البيت والقدّيس مار إسحق يقول "جاهد أن تدخل حجرتك الدّاخليّة وسوف ترى حجرة السّماء" حجرتك الدّاخليّة هي قلبك ويقولوا لنا في رفاع الصّوم الكبير "فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ" المخدع هو القلب، ادخل إلى قلبك وصلّي وسوف تتمتّع بحلاوة السّماء، وكلّ ما تصلّي ترتفع وتصير الأرض أمامك صغيرة ويصير فكرك وطموحاتك سماويّة وتربّي أولادك بطريقة السّماء فيصير لهم مكان في السّماء.

ويجب أن يكون لكلّ فرد في الأسرة كتاب أجبية ويجب أن نصلّي بصوت مسموع ونتشارك الصّلوات ويمكن أن يكون أمامك شمعة مضائة تعطيك روح الخشوع ويمكن أن نقوم بعمل سجدات أو مطانيات وإذا كان هناك فرد تعبان يمكن أن يصلّي وهو جالس وتضع البنات غطاء على الرّأس لندخل في روح الصّلاة، المرنّم يقول لنا "سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ" كتاب الأجبية بني على هذا الأساس فيصبح أسلوب حياة، يمكن أن نحدّد وقتًا في اليوم لصلاة المزامير وممكن أن نختار مزمورًا ونقرأ تفسيره لنصلّي بفهم وغير مهمّ الكمّيّة ولكن مهمّ النّوعيّة وأن أصلّي بفهم "قليل دائم خير من كثير متقطّع" ويكون هناك تدرّج ونموّ في الصّلاة، وصلّ المزامير بروح الفرح وهى تجلب لك الفرح، والصّلاة الجماعيّة تفرح النّفس، ويمكن أن نحدّد ركنًا في المنزل للصّلاة وبه أيقونة جميلة ونضع فيه كتابًا مقدّسًا وكتب الأجبية وكتاب ترانيم، ويمكن أن نتدرّب أنّ بعد أن نصلّي نظلّ صامتين لمدّة دقيقتين ونسمّيها (صلاة الصّمت) أو ساجدين وتخرج الصّلاة من قلب الإنسان، وحاول أن لا يكون هناك تشتيت ويمكن أن تغلق التّليفون، الصّلاة تحتاج هدوءًا وسجودًا ودموعًا وصمتًا لا تكسل أو تتشتّت، عوّد نفسك على روح الصّلاة إلّا تكون غريبًا في السّماء، درّب نفسك منذ الآن وعش في روح الصّلاة وسوف تجد الفرح يدخل قلبك ويملأ حياتك بالتّهليل، (الكسل يجيب الكسل والنّشاط يجيب نشاط)، لا تتكاسل... ما أمتع الوقوف في الحضرة الإلهيّة والقدّيس أثناسيوس الرّسوليّ يقول "التّسابيح بالمزامير دواء لشفاء النّفس" والقدّيس مار إسحق يقول لنا "ليكن لك محبّة بلا شبع لتلاوة المزامير لأنّها غذاء الرّوح" القدّيس نيلوس السّينويّ يقول "داوم على تلاوة المزامير لأنّ ذكرها يطرد الشّياطين".

عناصر الصّلاة: فيها الشّكر وفيها طلب الرّحمة والتّوبة والتّمجيد والتّسبيح مثل الوجبة المتكاملة جرب ومارس واشترك وعيشوا في روح الصّلاة واستمتعوا بها وسوف تجد حياتك ممتلئًا بالتّهليل.

يونان النّبيّ دخل الحوت وصلّى وأجمل ما في هذه الصّلاة أنّها صلاة فيها روح الرّجاء "دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ، فَاسْتَجَابَنِي" ونحن في ضيقة بسبب انتشار الوباء، صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ، فَسَمِعْتَ صَوْتِي" ويقول "حِينَ أَعْيَتْ فِيَّ نَفْسِي ذَكَرْتُ الرَّبَّ، فَجَاءَتْ إِلَيْكَ صَلاَتِي إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ" كان لديه رجاء، "اَلَّذِينَ يُرَاعُونَ أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً يَتْرُكُونَ نِعْمَتَهُمْ" أجلس مع نفسك وقسّم أفكارك وأعرف كم يخصّ التّراب وكم يخصّ السّماء وأحذر أن يكون ما يخصّ التّراب أكثر ممّا يخصّ السّماء، روح الصّلاة هي الّتي تزيد الفكر في الحياة السّماويّة، استغلّ وقتك وصحّتك واجعل أسرتك في هذه الصّورة الجميلة "أَمَّا أَنَا فَبِصَوْتِ الْحَمْدِ أَذْبَحُ لَكَ، وَأُوفِي بِمَا نَذَرْتُهُ. لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ" صلاة مليئة بالرّجاء والأمل، ونحن في اليوم الثّالث من صوم يونان ونعيش مع يونان بداخل الحوت ونعرف روح الصّلاة الجميلة الّتي يمكن أن نمارسها ونعيش بها بداخل البيت ومع الأسرة، المسيح يبارك حياتكم جميعًا ويحفظكم في اسمه القدّوس، لإلهنا كلّ مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين."