الأراضي المقدّسة
27 كانون الأول 2021, 14:50

بيتسابالا من بيت لحم: لنعيش الميلاد من الضّروريّ أن نسمع صوت الله

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل بطريرك القدس للّاتين بعيد الميلاد المجيد في بيت لحم، وللمناسبة ألقى عظة جاء فيها نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"نحتفل بعيد الميلاد في هذا العام، ونرى فيه فرحًا وبهجة أكثر من السّنة الماضية. فالكنيسة مليئة بالمؤمنين والمدينة في عيد. بالمقارنة مع السّنة الماضية، المشاركة في هذه السّنة أكبر، وهذا أمر يشجّعنا. طبعًا ينقص عنصر هامّ أيضًا، حتّى يكتمل الفرح، وهم الحجّاج. ففي هذه السّنة الثّانية أيضًا، الحجّاج غائبون. لم يقدروا أن يكونوا معنا، بسبب حالة الطّوارئ الصّحّيّة الحاليّة، والّتي عادت تهدّد أكثر ممّا كنّا نتوقّع. لنُصَلِّ من أجلهم، وفي نفس الوقت نطلب صلواتهم، حتّى تنتهي هذه الحالة بسرعة، وحتّى تعود بيت لحم وتمتلئ بالحجاج، كما هي العادة. ولنُصَلِّ لكي يعود الفرح إلى العائلات الكثيرة الّتي تعتمد حياتها على الحجّ، والّتي، بسبب هذا الوباء، لم تعمل منذ أكثر من عامين حتّى الآن، وهي تعيش في وضع يزداد صعوبة. نأمل أن تتضافر السّياسة، والكنيسة ومنظّمو السّياحة، على الصّعيدين المحلّيّ والدّوليّ، فيقوموا بعمل مشترك يمكن أن يوصِّلنا إلى طرق آمنة لاستئناف النّشاط في الحياة العامّة، على الرّغم من استمرار الوباء. إنّه جهد حقًّا ضروريّ. أريد أن أشكر الله وكلّ الّذين اجتهدوا ليسهّلوا مجيء بعض مؤمنينا من غزّة في هذه السّنة إلى بيت لحم. كان الحصول على التّصاريح لهم في هذه السّنة أسهل، فتمكّنوا من المشاركة في أعيادنا. هذه علامة إيجابيّة صغيرة لكنّها مهمّة. وأنا شاكر جدًّا لمن جعل ذلك ممكنًا. ولنعد إلى عيد الميلاد والاحتفال بهذا السّرّ العجيب. ولادة يسوع المسيح في مغارة بيت لحم غيّرت تاريخ البشريّة. واليوم أيضًا تقدر أن تغيّر حياتنا وأن تفتح آفاقًا جديدة أمامنا، حتّى ولو بدا أنّ الظّلام يشتدّ. أيّة طرق؟

لنعيش الميلاد، من الضّروريّ أن نسمع صوت الله.

لكي نلتقي يسوع، اليوم كما في الزّمن الماضي، يجب أن نقبل بأن نسترشد بصوت الشّهود ليسوع، ومرسليه. ويجب أن نتعرّف على الصّوت الصّحيح للوصول إلى فرح العيد. في الواقع، في الإنجيل نفسه أصوات عديدة تتكلّم على يسوع، وليست كلّها طريقًا إلى يسوع. مريم العذراء في النّاصرة سمعت صوت الملاك وبشارته وقبلت يسوع (لوقا ١:٢٦-٣٨). وبعد مريم، يوسف البارّ، أطاع هو أيضًا (متّى١: ٢٠-٢٢) صوت الملاك، فتغلّب على مخاوفه: وكلاهما جعلا عمل الخلاص ممكنًا. الشّهود الآخرون هم الرّعاة (لوقا٢: ٨) الذّين قبلوا بشارة الملائكة: "الـمَجدُ لله فِي العُلَى! وَالسَّلَامُ فِي الأَرضِ لِلنَّاسِ أَهلِ رِضَاهُ"( لوقا ٢: ١٤). ثمّ هناك المجوس وسمعان الشّيخ، وحنّة النّبيّة، وغيرهم كثيرون. لكن في رواية الإنجيل، نلتقي أيضًا بأشخاصِ مثلِ هيرودس، الّذي أرعبه خبرُ ولادةِ ملكٍ جديد (متّى ٢: ٢-٣) ، وهناك حكماء أورشليم الّذين يعرفون النّبوءات عن يسوع، لكنّهم لا يعرفون أن يقبلوه. (متّى ٢: ٤-٥). وفي الإنجيل أيضًا مأساة قتل الأبرياء.. بإختصار، لدينا أيضًا أمثلة معاكسة، ترفض صوت الشّهود وترفض إذاً قبول يسوع. لذلك يجب أن نكون قادرين على التّمييز بين الأصوات الّتي نسمعها، إن كنّا نريد حقًّا التّعرُّفَ على "المخَلِّصِ الَّذِي هًوَ المـَسِيحُ الرَّبّ" (لوقا ٢: ١١). حتّى نلتقي مع يسوع، يجب أن نثق بمن يعرفه، فيساعدنا على التّقرّب منه. يجب الإصغاء إلى شاهد صادق يتيح لنا بأن نرى الأمور بطريقة جديدة، فيؤهّلنا لأن نفهم الواقع فهمًا جديدًا. هذا الإصغاء بحاجة إلى قلبِ بَشَر، وديعٍ، يتأثّر بغيره، ويعرف أن يحب.

اليوم نحن أيضًا، مثلُ مريم ويوسف والرّعاة والمجوس، مجتمعون حول مغارة بيت لحم للاحتفال بميلاد يسوع المسيح ربّنا ومعلّمنا. لذا أودّ أن أطرح السّؤال: ما هي الأصوات الّتي تشغل حياتنا أو الّتي تحرّرها، ما هي الأصوات الّتي توجّه أفكارنا وأعمالنا، أفرادًا أم مجتمعًا مدنيًّا. ما هي الكلمات الّتي تتردّد في قلوب شبابنا وعائلاتنا في داخل بيوتنا؟ في هذا الوقت، وقت الطّوارئ الصّحّيّة وحالات الطّوارئ السّياسيّة الّتي طالت، تُسمَع أصوات مختلفة في العائلات: بعضها يدمِّر الثّقة، وينزع الأمل، ويطفئ الحبّ، وغيرها بالعكس، يشجّع وفيه قدرة على الرّؤية وبناء المستقبل. من هم الشّهود الّذين نصغي إليهم اليوم؟ بإختصار، في هذا العام الماضي الّذي توالت فيه واختلطت الأزمات القديمة والجديدة، ما هو الصّوت الّذي تبعناه.

ليس السّؤال سؤال بلاغة. في وسط بلبلة الإعلانات، والتّصريحات، والنّبؤات الحديثة، الّتي تصل إلينا من خلال وسائل الإعلام الكثيرة، نحتاج إلى البحث حتّى نجد من جديد الصّوت الذي يقودنا إلى يسوع وإلى الخلاص، الّذي يفتح القلوب على الرّجاء. نحتاج إلى شهود نثق بهم لنجد من جديد الطّريق إلى بيت لحم، ويفتحون أمامنا المستقبل فننظر إليه بثقة، ويعرفون أن يَرَوْا فيجعلوننا نرى الخير الّذي ينمو، وليس فقط الشّرّ والألم، مع أنّ هذين أيضًا موجودان، لكن لا يمكن أن يكونا المعيار الوحيد لتقييم الوضع الرّاهن. لو حصرنا أنفسنا في التّنديد بالشّرّ، بدل أن نلتزم ونخطّط ونأمل ونبني مستقبل خير وصلاح، لكان ذلك عدم إيمان فينا. لا يمكن الفصل بين الإيمان والرّجاء: إنّهما متكاملان. لنسأل أنفسنا هل نحن بين أولئك الّذين يشلّهم الخوف، أم تركنا مساحة لصوت الرّوح، الّذي يفتح لنا دائمًا آفاقًا جديدة. في أيّ شهود وضعنا ثقتنا؟ لأنَّ هذا هو ما نحتاج إليه: إعادة بناء الثّقة بيننا، والثّقة بالمستقبل، مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، والثّقة بإمكانيّة التّغيير نحو الأفضل، سواء في الحياة المدنيّة أم في الكنيسة.

وفي الواقع، الأوّل بين كلّ الشّهود، هي الكنيسة. يجب علينا أوّلًا أن نسألها وننظر إلى واقعنا من خلالها، أيّ من خلال عيونها الّتي تحرس وتشهد لعطيّة الخلاص في العالم. ما هي الأصوات الّتي تتردّد في أبرشيّتنا، في بطريركيّتنا، بطريركيّة القدس اللّاتينيّة؟ ما هي الأصوات الّتي نريد أن يتردّد صداها في قلوبنا؟ هل هي أصوات الأمل الّذي يولد في بيت لحم ويمنحنا نظرة تعرف أن ترى ما وراء الشّرّ الحاليّ وتجعلنا ندرك عمل الله في وسطنا؟

أفكّر أوّلاً في الصّوت الّذي سمعناه في قبرص، صوت البابا فرنسيس في أثناء زيارته لهذا الجزء من أبرشيّتنا. جزيرة قبرص، هي أيضًا بلد تقسمه الجدران، بسبب الصّراعات السّياسيّة والدّينيّة، وفيها جراح منذ عشرات السّنين، وفيه تناقضات تؤثّر على البحر الأبيض المتوسّط كلّه، الّذي صار مركز صراعِ قوًى ومصالحَ هائلة على مصادر الطّاقة، لكنّا نشهد فيها أيضًا مأساة آلاف اللّاجئين الفارّين من الحروب والبؤس، والّذين يجدون لهم ملجأ في الجزيرة لكن من دون أيّة آفاق لمستقبلهم. ذكّرنا البابا فرنسيس بمعنى الصّبر، الّذي لا يعني أن نبقى ساكنين بلا حراك، بل أن نكون مستعدّين لعمل الرّوح القدس المفاجئ، فنستغلّ وقتنا للمزيد من الإصغاء، وللتّرحيب بالمختلفين عنّا. الإصغاء- كما يقول البابا فرنسيس- يعني إفساح المجال للآخر. كذلك نُرحِّب بيسوع، وهذا توجيه مهمّ لأسلوب العمل في كلّ كنيستنا، في القدس، وقد انطلقت في المسيرة السّينوديّة الّتي أرادها البابا نفسه، والّتي كان موضوعها الأساسيّ هو الإصغاء ومعرفة الآخر.

في الأردنّ أيضًا، الّذي يحتفل في هذا العام بالذّكرى المئويّة لتأسيس المملكة الهاشميّة، لم تخل أصوات القلق بسبب الوضع الاقتصاديّ الصّعب، والّذي تفاقم بسبب الوباء والصّراعات الإقليميّة، الّتي جلبت ملايين اللّاجئين الجدد إلى المملكة. ومع ذلك، فإنّ هذا البلد، الّذي تعرّض للصّعاب العديدة، ما زال يعلِّم بلدان العالم الأوّل ما هو التّضامن وكرم الضّيافة. علاوة على ذلك، في زمن الطّائفيّة السّياسيّة والدّينيّة هذا، لا يخاف الأردنّ من الدّخول في الحوار الدّينيّ والسّياسيّ، والتّخطيط لمستقبله بثقة وعزم. أتمنّى أن يكون عيد الميلاد هذا عيد رجاء وعزاء لكنيستنا الأردنيّة، حتّى تستمرّ في الاستماع دائمًا إلى صوت الرّوح، ولا تخاف من المستقبل، بل تظلّ منفتحة ومرحّبة وبالحياة وبالمبادرات الدّينيّة، والرّعويّة والاجتماعيّة.

والأصوات المعاكسة ليست غائبة في إسرائيل أيضًا. أصوات مقلقة عن انقسامات اجتماعيّة آخذة في الازدياد في داخل المجتمع، والّتي ظهرت بشكل مؤلم وللمرّة الألف، في مايو / أيّار الماضي، خلال الصّراع مع غزة. وأشير إلى أزمة الثّقة الّتي ظهرت بين العرب واليهود، وكلاهما مواطن، وكلاهما من سكّان نفس المدن. وهذا يذكّرنا بأنّ العَيشَ معًا لا يُفرَض بل يحتاج إلى تربية وتشجيع. العيش معًا هو دائمًا ثمرة رغبة صادقة وحقيقيّة، يتمّ بناؤها بشكل عمليّ. وهذه أيضًا مهمّتنا، نحن الكنيسة. علينا أن نتعلّم الإصغاء ونشجّعه ونساعد على التّعرّف على الأصوات الّتي تتحدّث عن الشّركة والقبول والاحترام وتعزيزها في جميع مجالات المجتمع المختلفة. وكثيرة هي أصوات النّاس والحركات والجمعيّات الملتزمة بتعزيز التّعايش والاحترام والقبول المتبادل. عيد الميلاد هو أيضًا التّعرّف على هؤلاء، وتقدير الّذين يعرفون أن يرَوْا الآخر، وأنّه في ذاته هبة من الله.

وأخيرًا، لا يسعنا إلّا التّفكير في فلسطيننا، البلد الّذي نعيش فيه. ماذا عن هذا البلد الّذي ينتظر دائمًا مستقبل سلام ولا يبدو أنّه سيأتي؟ صوت آلام هذا الشّعب مرتفع جدًّا، يصمّ الآذان. هو شعب يطالب بالعدالة، ويريد أن يعرف الحرّيّة، وقد سئم انتظار الوقت الّذي يسمح له فيه بالعيش بحرّيّة وكرامة في أرضه وبيوته، وهو لا يريد أن يعيش فقط على تصاريح دخول أو خروج أو تصاريح عمل أو غير ذلك، في هذا الزّمن الضّروريّ لضمان العيش. هناك حاجة ليس لبعض التّصاريح، بل للحقوق، وإنهاء سنوات من الاحتلال والعنف، بكل ما ينجم عنها من نتائج مأساويّة في حياة كلّ فرد وجماعة بشكل عامّ، وخلق علاقات جديدة لا يسودها عدم الثّقة بل الثّقة. عواقب هذا الوضع المرهق تظهر في كلّ مكان. لذلك يبدو أنّ الأصوات الّتي يجب الاستماع إليها هي أصوات الاستياء والتّحيّز وسوء الفهم والشّكوك والمخاوف والتّعب، والّتي غالبًا ما تظهر للأسف في خطاباتنا وتجد مساحة في قلوب الكثيرين. ويجب ألّا يكون الأمر كذلك! المسيحيّ لا يجوز أن يسمح لنفسه بأن يكون الأمر كذلك.

يجب أن أقول إنّي في لقائي بالنّاس في جماعاتنا تعلّمت الكثير. لقد تعلّمت ماذا تعني عمليًّا كلمة "مرونة وصمود". أثناء زيارتي لجماعتنا في غزّة قبل أيّام قليلة، تعلّمت، في الواقع، أنّه حتّى في أصعب المواقف، الّتي تنطوي على إشكاليّات حقيقية، هناك مجال للحبّ والتّضامن والفرح. لقد التقيت بأشخاص يعرفون كيف يكونون نشطين وبنّائين، وهم، على الرّغم من إدراكهم للصّعوبات الهائلة الّتي يعيشون فيها، لا يكفّون عن الإيمان بأنّه يمكن أن يصنعوا شيئًا جميلًا لأنفسهم وللآخرين، دون زراعة مشاعر الكراهيّة والاستياء. أنا مقتنع بأنّ هؤلاء هم أولئك الّذين يبنون ملكوت الله في وسطنا بشكل عمليّ وأنّهم يعيشون كلّ يوم، وليس اليوم فقط، الرّوح الحقيقيّة لعيد الميلاد: إنّهم يفسحون المجال داخل أنفسهم للمصدر الحقيقيّ للحياة، لأنّهم هم أنفسهم ممتلئون بتلك الحياة.

من خلال حياتنا الكنسيّة سألنا عن حياتنا المدنيّة. أريد أن أختتم بالتّوجّه الآن مباشرة إلى الكنيسة، وأعود إلى طرح السّؤال الذي طرحناه على أنفسنا في بداية تفكيرنا: كيف وأين نسمع صوت الله اليوم؟ في عالمنا الممزّق والمقسّم، هل يمكن لطفل وُلِد قبل ألفي عام أن يجلب السّلام اليوم حقًّا؟ إنّ إجابة الكنيسة هي نفسها كما كانت دائمًا، لكنْ فيها دائمًا شيء جديد: إنّها تعلن لنا أنّ الخلاص يمرّ بالتّحديد من خلال ذلك الطّفل البريء وبلا حماية، وأنّ القدرة الكلّيّة تتجلّى على وجه التّحديد في هذه الصّورة الهشّة والضّعيفة. تعلّمنا الكنيسة كلّ يوم، من خلال الأسرار المقدّسة، أنّه بدون تلك النّظرة الّتي تعرف أن نتجاوز العلامة والمظاهر والزّمن والموت، لن نعرف أن نقرأ واقع عالمنا هذا. صحيح أنّ الشّرّ لا يتوقّف عن أن يصيب حياة الأضعفين، والّذين بلا حماية، لكن الطّريق إلى السّلام محدّد، وهو طريقنا حتّى اليوم. في ذلك الطّفل، الحبّ هو الّذي يدخل العالم، والّذي يبقى في كلّ لحظة من التّاريخ، وهي مغامرة لا نهاية لها ويمكن أن تغيّر كلّ شيء حقًّا. لا تزال الكنيسة تدعونا اليوم إلى التّعرّف على هذا السّرّ الّذي ما زال يظهر بيننا: في قبرص والأردنّ وإسرائيل وفلسطين وفي أيّ جزء آخر من العالم.  

بدأنا بالقول إنّنا، لنعيش الميلاد، لا بدّ من سماع صوت الله، ونختتم ونضيف أن هذا الصّوت ينتظر من يسمعه، وينتظر جوابا شخصيًّا من كلّ واحد.

عيد الميلاد هو دعوة شخصيّة لكلّ منّا هنا اليوم، كما هو الحال بالنّسبة لأيّ مؤمن في العالم. إنّها دعوة للشّباب، والعائلات، والمسنّين، والعمّال، والمرضى، والأسرى والحكّام. إنّ سماع صوت الله يعني التّعرّف عليه والتّرحيب به في كلّ فرد صغير من الملكوت نلتقيه في طريقنا! اليوم يدعو كلّ واحد منّا مرّة أخرى إلى التّرحيب بصوته كما فعلت سيّدتنا مريم العذراء. بشّرها الملاك فأجابت. وإجابتها جلبت الحياة إلى العالم. كما في ذلك الزّمن، وحتّى اليوم، لا يعمل الله فقط بشكل مباشر في العالم، بل من خلال مشاركتنا أيضًا. في غزّة، قابلت أشخاصًا فعلوا ذلك بالضّبط: لقد استمعوا وقالوا نعم للرّبّ. بعضهم أسّس عائلات، وآخرون استجابوا لدعوة رهبانيّة، وكلّهم كرّسوا أنفسهم لخدمة الله والآخرين بفرح. مثل مريم العذراء، كذلك استجاباتهم لصوت الله هي مصدر حياة لكثيرين آخرين. بقوّة الرّوح القدس، يمكننا نحن أيضًا، مثل العذراء مريم والقدّيس يوسف، ومثل الرّعاة والمجوس، أن نجيب يسوع بتواضع، ويمكننا أن نجد فيه معنى عملنا. نحن في الواقع شهود، وعندما يكون يسوع محور حياتنا، تجد الأرض سلامها. ولد المسيح! هلّلويا!".