بيتسابالا: كلّ شيء يعتمد على محبّتنا للرّبّ يسوع
وفي هذا السّياق، قال بيتسابالا: "بهذه الآية يبدأ المقطع الإنجيليّ للأحد السّادس للزّمن الفصحيّ (١٤: ١٥- ٢١).
يبدو أنّ جواب الشّرط يعتمد على فعل الشّرط. هنا بيت القصيد. يعتمد كلّ شيء على محبّتنا للرّبّ يسوع أم عدم محبّتنا.
إنّ حبّه هو الأساس وهو الباب الّذي يؤدّي إلى جميع النّتائج الّتي تتكلّم عنها الآيات اللّاحقة.
إن كنّا نحبّه فسنحافظ على وصاياه، هذه هي النّتيجة الأولى.
هذا يعني أنّ الطّاعة للشّريعة، والّتي كانت مستحيلة للإنسان الموسوم بالخطيئة، قد أصبحت ممكنة مرّة أخرى للإنسان المفدِيّ، الّذي يعيش في المحبّة. إذا اتّكل الإنسان على قوته فقط، فهو غير قادر على الطّاعة. يمكننا النّظر إلى تاريخ الشّعب اليهوديّ لنرى ذلك، لأنّ الخطيئة تُفسد الثّقة ومن ثمّ العلاقة بين طرفين. يَطلب الإنسان الموسوم بالخطيئة علامة ما ويجرّب الله وينصاع في النّهاية لمخاوفه وإرادته في خلاص نفسه. بينما الّذين يحبّون فالحياة تُصبح أمرًا آخرًا وعلامة تشير إلى أنّ الطّاعة تكمن في الحبّ. والطّاعة هي الثّقة بكلمة شخص نحبّه. وهذه الثّقة تقود إلى اتّباعه.
أمّا النّتيجة الثّانية فهي: إذا أحببناه، فسيرفع يسوع صلاته للآب الّذي سيهبنا بدوره مؤيّدًا آخرًا يكون معنا للأبد (يوحنّا ١٤: ١٦). كلمة المؤيّد هي من المفردات القانونيّة وتُشير إلى الشّخص الّذي يقف إلى جانب المُتّهم، خلال المحاكمات، ويدافع عنه ضدّ الجميع. وعليه، فإنّ أولئك الّذين يحبّون الربّ، لا يخشون أيّ حكم ضدّهم. في الحقيقة، ووفقًا للقدّيس يوحنّا، إنّ المُتّهِم هو الشّيطان الّذي يضع خطيئتنا في المركز ويعاملنا كخطأة غير قادرين على سداد الدّين. أمّا المؤيّد، من جانب آخر، فيُذكّرنا بما يعطي الحياة وبالمسيح الّذي اجتاز الموت بسبب خطايانا، وفدانا بنفسه ليغفر لنا.
لم نبق خطأة بعد الآن ولا حتّى يتامى (يوحنّا ١٤: ١٨). هذه هي النّتيجة الثّالثة الّتي مُنحت لمَن أحبّوا الرّبّ يسوع. إنّنا أشخاص يزورنا الرّبّ باستمرار، ويعود إلينا بطريقة جديدة واهبًا لنا حياته ومدخلاً إيّانا في العلاقة ذاتها الّتي تجمعه مع الآب.
تبقى العلاقة بين يسوع والآب غير مرئيّة لمَن لا يؤمن ولا يُحبّ. في الحقيقة، يقول يسوع إنّ قيامته ستفتتح زمنًا جديدًا، ولن يراه العالم بعد ذلك (يوحنّا ١٤: ١٩). عوضًا عن ذلك، سيراه المؤمنون بطريقة أخرى، إذ سيعرفون أنّ الآب هو في يسوع ويسوع هو في الآب.
سيجري ذلك لأنّ التّلاميذ سيشاركون في تلك الحياة نفسها الّتي فيها يعيش الواحد في الآخر، لأنّ أولئك الّذين يحبّون يشاركون في هذه العلاقة، وهي علاقة محبّة.
يُوضّح يسوع ذلك في الآية ٢٠: "في ذلك اليوم تعرفون أنّي في أبي وأنّكم فيّ وأنّي فيكم". لم يعد الأمر يقوم فقط على معرفتنا بأنّ يسوع يعيش في الآب والآب في يسوع. ثمّة أمر جديد وعظيم: "...أنّكم فيّ وأنّي فيكم".
أيّ أنّ تلك الحياة الّتي يتشارك فيها الآب والابن والرّوح الواحد ستُوهب الآن للمؤمنين، وللّذين يعيشون من تلك الحياة ويملكونها داخلهم.
"إذا كُنْتُم تُحِبّوني"، هذا ما قاله يسوع في بداية المقطع الإنجيليّ.
إن عِشتَ في الحبّ، فهذا هو الأفق الّذي ينفتح أمامك وهو أفق حياة حقيقة قادرة على إنشاء علاقات جديدة.
الكنيسة هي حيّز المحبّة الّذي فيه تسري حياة الآب وهي تحيا في المسيح وهو بدوره يحيا فينا."