بيتسابالا في الشّعانين: الصّعاب الحاضرة يجب أن تدفعنا وتَزيد من عزمنا
""فَرِحْتُ حِينَ قِيلَ لِي: لِنَذهَبْ إلَى بَيتِ الرَّبِّ.
تَوَقَّفَتْ أَقدَامُنَا فِي أبوَابِكِ، يَا أُورَشَلِيم" (مزمور 122: 1- 2).
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء،
منذ أكثر من عام، لم نتمكّن، بسببِ الوباء، من الاحتفال بدورة الشّعانين كالمعتاد، في هذا الأحد. في هذا العام، ولو بشكل مختصر، تمكَّنَّا من الاحتفال. نحن قليلون، ولكنَّ الفرحَ والتّصميمَ على أن نهتفَ للمسيحِ ملكًا وربًّا لنا هو، هو، نفسُه كما كانَ دائمًا!
نحن عددٌ قليلٌ نمثِّل الكنيسةَ، كلَّ الكنيسة، كلُّها معَنا: معنا المسيحيّون من مختلِفِ رعايا الأبرشيّة الّذين لم يتمكَّنوا من الانضمام إلينا بسبب القيودِ الحاليّة، ومعنا المسيحيّون من جميع أنحاء العالم، ولو أنّهم هم أيضًا لم يتمكَّنوا من المجيء إلى هنا، ولكنَّهم يصَلُّون معنا اليوم، وقلوبُهم وعقولُهم متَّجهِةٌ إلى القدس.
قبل قليل، توقَّفنا عندَ كنيسةِ "بكاءِ المسيح" لنصلِّيَ من أجل مدينتِنا المقدّسة ونباركَها بذخيرةِ الصّليبِ المقدَّس. والآن، سنصلِّي أيضًا الصّلاةَ نفسَها عند أبوابِ المدينة. نصلِّي من أجلِ القدس ونباركُها بعلامةِ الفداء! هذا جزء من رسالتِنا الخاصّة، نحن كنيسةَ القدس، أن نصلِّيَ من أجلِ هذه المدينة المقدّسة، لتحافظَ على دعوتِها، أيّ أن تكونَ بيتَ صلاة لجميعِ الشّعوب، حيث الجميعُ مواطنون متساوون، وحيث يجدُ كلٌّ مؤمنٍ بيتَه فيها.
نحن، كنيسةَ القدس، نحبُّ هذه المدينة الّتي تتأصّلُ فيها جذورُ هُوِّيتِنا المسيحيّة. إنّها تمثِّلُ لكلِّ واحدٍ منّا الرّغبةَ في المصالحةِ الشّاملةِ، والسّلامِ الّذي يريدُه الله للأسرةِ البشريّةِ جمعاء. لهذا نريدُ أن نصلّي ونعمل، حتّى تتحقَّقَ هذه الرّغبةُ وهذه النّبوءة. الجراحُ والانقساماتُ الّتي ما زالت تطبَعُ حياةَ مدينتِنا هذه، للأسف، يجبُ ألّا تثبِّطَ عزائمَنا. بل بالعكس، الصّعابُ الحاضرة يجبُ أن تدفعَنا وتَزيدَ من عزمِنا للشّهادةِ لإيمانِنا بانتصارِ المسيح على الموت، لنكونَ نحن أوّلاً، نحن الكنيسة، علامةَ وحدةٍ ومصالحة. يجبُ ألّا نشُكَّ في هذا! الصّليبُ، للمؤمنين، ليس علامةَ هزيمةٍ وموت، بل هو علامةُ حبٍّ وحياة، ومصالحةٍ ومغفرة. لهذا نباركَ المدينةَ بالصّليب، لتزدادَ دائمًا امتلاءً بحبِّ المسيح، وتصبحَ مكانَ لقاءٍ واحترامٍ وقَبولٍ متبادَل. لذلك، يجبُ ألّا يخيفَنا شيء، والعقباتُ المستمرّةُ في كلّ يوم يجبُ ألّا توقِفَ محبّتَنا، ولا يعتقِدْ أحدٌ أنّه يقدِرُ أن يُطفِئَ فرحَنا، نحن المؤمنين بالمسيح ابنِ داود المنتصرِ على الموت! نحن اليومَ هنا، البقيّةَ الصّغيرة، نجدِّدُ تأكيدَ التزامِنا وتصميمِنا على أن نقولَ "نعم" للمسيح، واتِّباعِه على دربِ الصّليبِ والفداء، دربِ الحبِّ والحياة!
في هذا الأسبوع المقدّس، الّذي يبدأ اليوم، سوف نسير ونذكرُ أهَمَّ المراحلِ في آلامِ يسوع وموتِه، وسنتّحدُ به، أيضًا، مع آلامِنا الكثيرة وموتِنا الكثير، ومع الصّلبانِ العديدة الّتي تُثقِلُ كاهلَنا. لكنّنا نريد أيضًا أن نلتقِيَ به قائمًا حيًّا بيننا، لنكونَ شهودًا له في القدس وفي العالم كلّه!
في ختامِ تَطوافِنا بالتّرنيمِ والصّلاةِ والبركةِ بذخيرةِ الصّليب لنقُلْ مرّةً أخرى:
"أيُّها الربُّ يسوع، الّذي افتديْتَ العالمَ بصليبِك المقدَّس، بارِكْنا وبارِكْ كلَّ سكَّانِ مدينتِنا هذه، أعطِنا قلبًا قادرًا على المحبّة، مثلَ محبّتِكَ، واجعَلْنا شهودًا حقيقيّين لقيامتِك". آمين!".