بيان أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكيّة
إذًا، صدر عن أمانة سرّ بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة البيان التالي:
"تابع الأب البطريرك عن كثب ما آلت إليه الأوضاع في سورية العزيزة، بعد أن عانى الشعب السوريّ من الحرب التي اضطُرَّ إلى تحمُّل أوزارها زهاء ثلاثة عشر عامًا. فتمّ طيّ حقبة من الزمن، لتحلّ محلّها مرحلة جديدة نأمل أن تحمل راية الحرّيّة والكرامة والعدالة إلى الشعب السوريّ الحبيب بمختلف مكوّناته.
كما يتطلّع البطريرك إلى قيام حكومة انتقاليّة تؤمّن عمليّة انتقال هادئة للحكم، وتحمي السوريّين من الانتقام والتشفّي، لأنْ يكفي ما عاناه هذا الشعب الأبيّ طوال السنوات الماضية، مع ضرورة أن تلتزم الحكومة الانتقاليّة بمعايير الشفافيّة والمسامحة والعدالة بين المواطنين جميعهم.
ويدعو البطريرك إلى احترام التعدّدية الإثنيّة والدينيّة وإعطاء الحقوق للمكوّنات كلّها، لا سيّما وأنّ الشعب السوري يتألّف من إثنيّات وقوميّات عدّة، لكلٍّ منها هويّته الاجتماعيّة والدينيّة والثقافيّة، وعاداته وتقاليده ولغته، ومعًا تُشكِّل الشعبَ السوريّ الواحد التائق إلى إعادة بناء دولة سوريّة رائدة وحرّة، ما يدفع إلى التحذير من أيّ مغامرة تهدف إلى تغيير ديمغرافيّ أو دينيّ، مؤكّدًا المطالبة بالحفاظ على سلامة أراضي سورية ووحدتها الوطنيّة واحترام استقلالها وسيادتها ومقدّراتها الطبيعيّة والصناعيّة والاقتصاديّة.
شدّد البطريرك على أنّ المسيحيّين بمختلف مذاهبهم هم مكوِّن أصيل ومؤسِّس في سورية، من هنا ضرورة صون حرّيّتهم وحرّيّة المكوّنات كافّةً في ممارسة شعائرهم الدينيّة، وفي التعليم، وسائر الحرّيّات التي تكفلها الشرعات والمواثيق العالميّة، وفي طليعتها شرعة حقوق الإنسان التي صانت حرّيّة الدين والضمير للمواطنين جميعهم، وقبول الرأي الآخر، وكذلك أهمّيّة الحفاظ على النظام الخاصّ بأحوالهم الشخصيّة وإدارة أوقافهم.
رفع البطريرك الصلاة إلى الله كي يمنح الحكمة والتبصُّر للمسؤولين في إدارة شؤون البلاد، ليتجنّبوا فخاخ أعداء الوطن، ويرصّوا الصفوف بين المواطنين، فيتجمهر الجميع معًا للانطلاق إلى بناء سورية الغد، بشرًا وحجرًا، حتّى يُصار إلى إجراء انتخابات حرّة وديمقراطيّة ونزيهة، ليتمكّن الشعب من التعبير عن تطلّعاته نحو مستقبل مُشرِق للسلطة والنظام السياسيّ في البلاد.
توجّه البطريرك بقلبه الأبويّ إلى رعاة كنيستنا السريانيّة الكاثوليكيّة وأبنائها وبناتها المنتشرين في مختلف المحافظات السوريّة، في أبرشيّاتنا الأربع: في دمشق وريفها، وحمص وحماة والنبك، وحلب وتوابعها، والحسكة والقامشلي وسائر الجزيرة، بأساقفتها، وكهنتها، وشمامستها، ومؤمنيها، مشجّعًا إيّاهم على التسلُّح بفضائل الإيمان والرجاء والمحبّة، كي يتابعوا شهادتهم الأمينة للربّ يسوع، الراعي الصالح، والتزامهم الكنسي، واثقين في وعد الربّ لهم: "ثقوا أنا هو، لا تخافوا" (مر 6: 50)، "في العالم سيكون لكم ضيق، لكن تشجّعوا فأنا قد غلبتُ العالم" (يو 16: 33). فالتغيير الحاصل لا بدّ من أن يحمل الخير والاستقرار لوطننا الحبيب، فبعد المخاض والألم تحمل ولادة جديدة نور الرجاء بغدٍ أفضل لبلدنا، ما يشجّع المهاجرين والنازحين على العودة إلى أرضهم الأمّ، ليساهموا بإعادة الإعمار وبناء وطن حرّ وديمقراطيّ وتعدّديّ.
ختم البطريرك قائلًا: "أتضرّع إلى إله السلام وسيّد الأمان، مع اقتراب الاحتفال بعيد ميلاده طفلًا في مذود بيت لحم، وبحلول العام الجديد، أن يحفظ سورية وشعبها والكنيسة والمؤمنين فيها، بدوام السلام والطمأنينة والاستقرار: "ليُعطِكُم السلامَ ربُّ السلامِ نفسه في كلّ حين وفي كلّ حال! ليكن الرب معكم أجمعين!" (2تس 3: 16).