لبنان
12 نيسان 2022, 10:20

بوضع يد المطران ضاهر كاهن جديد في الشّيخ محمّد

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس رئيس أساقفة طرابلس وسائر الشّمال للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إدوار جاورجيوس ضاهر القدّاس الإلهيّ في كنيسة سيّدة النجاة في بلدة الشّيخ محمّد- عكّار، رُسم خلاله الشّمّاس جورج كميل ديب كاهنًا جديدًا، بحضور لفيف من كهنة الرّعايا وجمع من أبناء البلدة وعائلة الكاهن الجديد.

تخلّلت القدّاس عظة للمطران ضاهر قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "أيّها الأحبّة، أتوجّه إليكم من كنيسة سيّدة النّجاة، بمحبّة وفرح، بتحيّة السّلام، هذه التّحيّة الّتي وجّهها الملاك لمريم العذراء، وقد بشّرنا من خلالها بولادة الله في قلب إنسانيّتنا، وهي نفس التّحيّة الّتي وجّهها السّيّد المسيح إلى تلاميذه بعد قيامته، عندما قال لهم: السّلام لكم.

بفرح كبير أحتفل معكم اليوم، برسامة كاهن جديد هو الشّمّاس جورج كميل ديب، ابن هذه البلدة العكّاريّة العزيزة، الشّيخ محمّد، وأتوجّه بتحيّة خاصّة لعائلة الشّمّاس جورج، زوجته نتالي وابنه إيلي، ووالديه كميل وأنطوانيت وأشكرهما على هذه التّربية الصّالحة.

والشّمّاس جورج، الكاهن الجديد، هو سند روحيّ لكم، وأنتم أيضًا سند له في رسالته، وأنا والآباء الكهنة في الأبرشيّة سعداء جدًّا برسامة الشّمّاس جورج، الّذي سيصبح كاهنًا ورسولاً للمسيح، بعد رسامته، وواحدًا من خلفاء الرّسل الّذين أقيموا في الكنيسة للخدمة والتّبشير.

الكهنوت، أيّها الأحبّاء، كرامة تفوق كلّ كرامة أرضيّة وبشريّة. إنّها خدمة الملائكة، كما يقول يوحنّا فم الذّهب، لذا فعلى الكاهن أن يكون طاهرًا كالملائكة، لا بل إنّ الكاهن ينال سلطانًا لم ينله الملائكة ولا رؤساء الملائكة... سلطان الحلّ والرّبط، سلطان إنزال الرّوح القدس نفسه، ليضرم النّفوس من خلال الذّبيحة والأسرار المقدّسة.

بلدتك تقدّمك اليوم، أيّها الشّمّاس جورج، إلى الكهنوت لخدمة شعب الله في الكنيسة، وفي أبرشيّة طرابلس وسائر الشّمال. وهي تحملك في صلواتها كي تكون كاهنًا متشبّها بالمسيح على مثال الّذين سبقوك، وتعيش بوفاء روحانيّة كهنوتك، وتلتزم بإخلاص ما تتطلّبه خدمتك الكهنوتيّة. وإذا كنّا نحتفل بالرّسامة الكهنوتيّة في هذا اليوم بالذّات، وهو اليوم الّذي يسبق سبت لعازر وأحد الشّعانين، فلأنّ في ذلك علامة من علامات زمننا الحاضر، نقرأ من خلالها مشيئة الله الآب في محبّة الإنسان وخلاصه، بتجسّد وموت وقيامة ابنه يسوع المسيح الكاهن الأوحد والرّاعي الصّالح. إنّها دعوة لنا جميعًا إلى لقاء يسوع الوديع والمتواضع القلب، ودعوة للشّمّاس جورج إلى أن يكون كاهنًا على مثال الرّبّ يسوع المفعم بالمحبّة.  

إنّي سأمنحك بعد لحظات، أيّها الشّمّاس جورج، بفعل موهبة الرّوح القدس الّتي ستنالها منّي، أنا خليفة الرّسل، وبوضع يدي الحقيرتين، سرّ الكهنوت، وأسلّمك الخدمة الكهنوتيّة، لتخدم في الأبرشيّة حيث تدعو الحاجة. وإنّك بذلك ستشترك في كهنوت المسيح، الّذي ستتّحد به، ومن خلاله تدخل في شركة خاصّة مع الآب والإبن والرّوح القدس. وستشترك من ناحية ثانية، بمهمّتي الأسقفيّة في أبرشيّة طرابلس والشّمال، بصورة تربطك دومًا بي، لتصبح معاونًا في الخدمة الّتي أئتمنك عليها. وستصبح مؤتمنًا على وديعة الإيمان الّتي تتسلّمها من الله الآب والإبن والرّوح القدس بواسطة الكنيسة المقدّسة، الّتي أنا خادمها لأجل بنيانها وثباتها، وتمجيدًا للثّالوث الأقدس ولنشر البشارة، وخدمة المذبح، ورعاية شعب الله الموكل إليك. فالكهنوت هو أوّلاً وآخرًا خدمة؛ وخدمة مثلّثة لشعب الله في التّعليم والتّقديس والرّعاية.

في خدمة التّعليم والبشارة، أنت مدعوّ إلى أن تركّز على التّعمّق بكلمة الله من أجل إعلانها والتّبشير بها في كلّ مناسبة. في خدمة التّقديس، أنت مدعوّ إلى أن تجعل من المذبح مركز خدمتك الكهنوتيّة، ومن الإفخارستيّا المبدأ الّذي يولد منه الكاهن والجماعة، ومن الارتباط بالمسيح الحيّ العمق الأساسيّ لحياتك. في خدمة الرّعاية، أنت مدعوّ إلى أن تتشبّه بالمسيح الرّاعي الصّالح، الّذي أراد أن يكون كلّاً للكلّ، والّذي جاء ليخدم لا ليخدم، حتّى أنّه غسل أرجل رسله، وبذل نفسه في سبيل خرافه. وكي تنجح في تأدية خدمتك المثلّثة، لا بدّ أن تعي أنّ كهنوتك ينبع من كهنوت المسيح، ويكون فيك وثاقًا جوهريًّا مميّزًا، يربطك بالمسيح من خلال الأسقف، ويجعل منك صورة حقيقيّة له، وممثّلاً له في رعاية شعبه. إنّي أدعوك إذًا إلى أن تعمّق اتّحادك الرّوحيّ بالمسيح، لكي تكون علامة لحضوره في حياتك، وفي العالم، وأن تشدّ ارتباطك الكنسيّ بالأسقف وبإخوتك الكهنة، الّذين ستدخل معهم في الجسم الكهنوتيّ، الّذي يجمعكم حول الأسقف. وأدعوك إلى أن تتبنّى معنا العيش بالشّهادة للقيم الإنجيليّة، في عيش التّواضع والتّجرّد والفقر. وأصلّي أن تكون، وكلّي ثقة، أنّك ستكون على قدر النّعمة الّتي وهبت لك من الله بالمسيح وبالرّوح القدس، وعلى مستوى الثّقة الّتي أمنحك إيّاها بوضع اليد، بعد مضيّ ثلاث سنوات على خدمتك الشّمّاسيّة في الأبرشيّة.

إنّ كنيسة المسيح بحاجة إلى دعوات مكرّسة، فلا تبخلوا أيّها المسيحيّون، والله يقرع أبوابكم فلا تصمّوا آذانكم. رجاؤنا أن يلاقي نداء الرّبّ إصغاء وتجاوبًا، فيسلك بعض من شبابنا وفتياتنا الطّريق إلى الأديار والإكليريكيّات، ليتأهّلوا لخدمة الرّبّ وكنيسته، فينتشر ملكوته ويتألّق مجده. إبتهالنا في هذه الذّبيحة مع ابتهالات الكاهن الجديد، نرفعها من أجل بلدنا الحبيب لبنان، ليضع الرّبّ الإله نهاية للمآسي والآلام الّتي يعيشها. ونرفعها من أجل كنيستنا ليشعّ فيها نور المسيح، نرفعها من أجل بلدنا ليبقى وطن الإيمان، من أجل رعاته وكهنته وشعبه، نرفعها من أجل جميع الحاضرين ههنا ليقدّسنا الرّبّ الإله بروحه القدّوس ويسدّد خطانا إلى الخير والخلاص. وهنا لا بدّ لي، من أن أشكر الله عن جميع الّذين رافقوك في تنشئتك الثّقافيّة والرّوحيّة والرّعويّة، أعني الرّاهبات الباسيليّات الشّويريّات والجمعيّة البولسيّة، ومعهد القدّيس بولس للفلسفة واللّاهوت في حريصا، وكاهن هذه الرّعيّة المحبوبة قدس الأب خليل الشّاعر، ومرشدك المتقدّم في الكهنة ميشال بردقان، وجميع الّذين رافقوك من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيّين. وإنّي إذ أسلّمك الكهنوت وخدمة شعب الله في أبرشيّة طرابلس وسائر الشّمال، وأستودعك نعمة الله الّتي تحلّ عليك اليوم، أصلّي من أجلك كي تكون كاهن المسيح، تعمل أوّلاً على تقديس نفسك، وتقديس النّفوس الموكلة إليك وترعاها بالمحبّة؛ فتستطيع أن تقول مع المسيح: "تعالوا إليّ أيّها المتعبون والمثقلون بالأحمال وأنا أريحكم". فتخدمهم بالوداعة وتواضع القلب، وتكون لهم خادمًا وأبًا وأخًا، وراعيًا ومرافقًا ومرشدًا...

أسلّمك إلى شفاعة العذراء مريم، شفيعة هذه الكنيسة والرّعيّة، الّتي هي أمّ الكنيسة وأمّ الكاهن، والقدّيس جاورجيوس المظفّر، لكي تحارب الاعوجاج وتنتصر على التّنّين، تنّين الخطيئة والكراهيّة والعبوديّة... وأوصيك بأن تصلّي في كلّ حين على مثال الكهنة القدّيسين وعلى رحمة الله ومحبّته".

بدوره، شكر ديب المطران ضاهر على بركته وسيامته وثقته وجميع الآباء، واعدًا بأن يكون الرّاعي الصّالح في رعيّته، شاكرًا كذلك عائلته وأهالي البلدة.