بوجوده من زغرتا : نطلب من الرّبّ أن ينير قلوبنا وقلوب جميع المسؤولين السّياسيّين في هذه البلاد
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى بوجوده عظّة قال فيها: "أنا سعيدُ جدًا أنّ أشارككم فرحكم يا أهالي سبعل الأحبّاء بمناسبة تدشين وتكريس كنيستكم بعد ترميمها وتزيينها بهذه اللّوحات الفنّيّة الجميلة الّتي أمضى وقتًا طويلاً لإنجازها، واصلاً اللّيل بالنّهار، الفنان طوني فرح وفريقه الفنّيّ ومعاونوه. وقد تكرّم بتكاليفها إبن سبعل البار السّيّد طوني طرطق، بعد موافقة ومرافقة خادم الرّعيّة الخوري إدوار أنطونيوس الخوري وسلفه الخوري يوحنّا الحاج المحترم وبتشجيع من رئيس بلديّتها الأستاذ حبيب طربيه ومجلسها البلديّ ومخاتيرها وأبناء سبعل الأحبّاء. ليس غريبًا عليكم يا أهالي سبعل أنّ تهتمّوا كمؤمنين مثلكم مثل غيركم من رعايا الأبرشيّة بكنائسكم ومزاراتكم وترمّموها لتبقوها لائقة بعبادة الرّبّ والقربان المقدّس وتكريم القدّيسين شفعائكم، وبصورة خاصّة بالكنائس والمزارات المكرّسة للعذراء مريم، أمّ الله الّتي إختارها الرّبّ لتّكون أمًّا للمخلّص الموعود، فتعطيه الحياة وترافقه طيلة حياته، في طفولته وحياته العلنيّة وتكون إلى جانبه في ساعاته الأخيرة واقفة على أقدام الصّليب، مع يوحنّا الرّسول ومشاركة له في فعل الخلاص.
أودّ اليوم أنّ أعبّر، كمطران للأبرشيّة عن فرحي إذ أرى أنّ الكثير من البلدات والرّعايا تهتمّ بترميم وتجميل وتزيين كنائسها وتبني كنائس أخرى تتجاوب مع حاجات السّكان فيها. وبالمناسبة أودّ إعلامكم بأنّني وافقت على الطّلب الّذي رفعته لي اللّجنة المولجة ببناء كنيسة مار شربل الذي كان قد سبق ووافق على بنائها أسلافي الأساقفة وآخرهم السّعيد الذّكر المثلّث الرّحمات المطران يوحنّا فؤاد الحاج. كما وافقت على ترميم كنيسة مار يوسف العقبة بسعي من السّيّد جبرائيل الحاج وهمّته. نقدّم هذه الذّبيحة الإلهيّة اليوم، ونحن على مشارف الاحتفال بعيد انتقال السّيّدة العذراء بالنّفس والجسد إلى السّماء. يعتبر هذا العيد قمّة الأعياد المريميّة إن من ناحية احتفالنا بمناسبات من حياتها على الأرض أو من ناحية تكريمنا لها كأمّ لإبن الله المتجسّد، يسوع المسيح. لأنّ لهذا العيد، كما لسائر أعيادها، أبعادًا بشريّة عاطفيّة وأبعادًا لاهوتيّة روحيّة".
إنّ تكريمنا للعذراء وتطويبنا لها لا يقوم فقط على الأمور العاطفيّة الماديّة بل يتعدّاها إلى البعد اللّاهوتيّ. فالمسيح، عندما رفعت إمرأة من الجمع صوتها، وهو يعلّم، لتقول له طوبى للبطن الّذي حملك وللثدييّن اللذين رضعتهما، لم يتوقّف عند الأمومة الجسديّة لأمّه، بل تعدّاها للتّركيز على الأمومة الرّوحيّة لكون حياة أمّه مريم على الأرض كانت باستمرار حياة إصغاء لكلام الرّبّ وعملاً بمقتضاه. ولكي نفهم المعنى الحقيقيّ لهذه الأمومة علينا أن نعود إلى الكتاب المقدّس، في عهديه القديم والجديد وبصورة خاصّة إلى سفر التّكوين في العهد القديم وإلى إنجيل لوقا في العهد الجديد. في سفر التّكوين، عندما يروي لنا الكاتب رواية الخلق، يقول لنا الكاتب إن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، ونفخ فيه روحه. ذكرًا وأنثى خلقهما، إذ أخذ ضلعًا من آدم وجعله إمرأة فقال هذا الأخير: هذه هي لحم من لحمي وعظم من عظامي هذه تسمى إمرأة، لأنها من إمرىء أخذت.
إنّنا نصلّي اليوم، أيّها الأحباء، ونطلب من الرّبّ أن ينير قلوبنا وقلوب جميع المسؤولين السّياسييّن في هذه البلاد، كي يصغوا إلى كلام الرّبّ ويعملوا ما هو لمصلحة لبنان في هذه الظّروف الصّعبة والقاسية، وفي سبيل مصلحة المسيحيّين في هذا الشّرق المتعذّب، الذين يتعرّضون للمضايقات والاضطهادات والتّهجير، كي يعود إلينا السّلام ونستطيع أن نكون شهودًا حقيقيّين للإيمان بالتّعاون مع بعضنا البعض، مسيحيّين ومسلمين، فنعود ونجعل من لبنان، كما قال عنه البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني رسالة للشّرق والغرب وللعالم أجمع".