بوجوده: المسيح حوّل معنى الصّليب من علامة للذُّل والهوان إلى علامة للمجد والانتصار
"الصّليب كان في الأساس علامة الكفر والهوان يرفع عليه المجرمون الكبار، وكان يوضع على تلّة بالقرب من المدينة لكي يستطيع كلّ المارّة أن يلعنوه. ولذلك سمعنا أنّ في الكتاب المقدّس كلمةً تقول: ملعون كلّ من عُلّق على خشبة. لكن المسيح حوّل معنى الصّليب من علامة للذُّل والهوان إلى علامة للمجد والانتصار، حوّل الموت إلى قيامة وأفهمنا أنّ الموت مرحلة عابرة في حياتنا، وأنّنا جميعنا مدعوّون إلى حياة السّعادة مع الله. يقول بولس الرّسول في الرّسالة الأولى إلى القورنثيين: إنّ كلمة الصّليب عند الهالكين جهالة، أمّا عندنا نحن المُخلّصين فهي قوّة الله.
إنّ احتفالنا بعيد الصّليب، يدعونا إلى التّأمُّل بهذا المعنى الرّوحيّ واللآهوتي لإيماننا المسيحيّ. فالمسيح يدعونا كي نشاركه في حمل الصّليب ويقول لنا: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه وليحمل صليبه ويتبعني. فالمسيح لا يريدنا أن نعيش بؤساء، تعساء لكنّه يُريدنا أن نجعل من التّعاسة، من الألم المُحتّم علينا على هذه الأرض، وسيلة لتقديس أنفسنا، لتنقية أنفسنا لكي نستطيع أن نشاركه في مجده كما شاركناه في آلامه وموته. في هذا المعنى مثلًا عندنا القدّيسة رفقا التي جعلت من الألم والعذاب وسيلةً للقداسة كانت تقول باستمرار: مع آلامك يا يسوع.
وإنّنا اليوم، عندما نحتفل بعيد الصّليب مدعوّون إلى التّعمُّق بهذا المعنى إلى أن نفهم كيف نجعل من الصّليب وسيلةً وطريقًا للقداسة. مرّات كثيرة عندما يُصيبنا المرض وتحلّ بنا مصيبة، عندما يحصل لنا أمر مزعج نيأس، نحبط، وكثُر منّا يكفر بالله ويرفضه، لأنّه لا رجاء له كما يقول أيضًا بولس الرّسول: إذا كان رجاؤُنا بالمسيح مُقتصرًا على أمور الأرض فنحن أشقى النّاس أجمعين. علينا أن نعرف كيف نُحوّل المصيبة والعذاب إلى وسيلة لتقديس أنفسنا. نحن نؤمن بالصّليب ولا نعتبره بعد الآن علامة للذّل والهوان، بل علامة للفخر والانتصار، فالمسيح لم يبق على الصّليب، بل وطئ الموت بالموت ليُعيد الحياة للّذين في القبور. نحن لسنا أهل تعاسة وشقاء نحن أهل رجاء. نحن نؤمن بالصّليب بأنّه كان وسيلة لكي يجعلنا المسيح نفهم كيف نتغلّب على الموت."
وبعد القدّاس، بارك بوجوده دسوت الهريسة، وتشارك الجميع في لقمة العيد.