لبنان
19 تموز 2021, 10:20

بهاء إيليّا النّبيّ... بقلم الأب الياس كرم

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد النّبيّ إيليّا، دعا الأب الياس كرم إلى الاقتداء بهذا القدّيس، بجرأته وغيرته وشهادته بالإله الحيّ، "لكي يتّخذنا الله أحبّاء له كما اتّخذ إيليّا". فتوقّف عند سيرة حياته وبهائه، طالبًا شفاعته، وكتب:

"النّبيّ إيليّا من أكثر القدّيسين شعبيّة في بلادنا، لا أعرف الأسباب، ومن أكثر الكنائس تسمية وانتشارًا، وهذا دليل على محبّة النّاس لهذا النّبيّ الّذي سكب الله عليه القداسة، فنطلب شفاعته في بيوتنا وكنائسنا وضيعنا.

أمّا إسم إيليّا فهو عبريّ الأصل "إيليّه أو إيلياهو" ومعناه "إلهي يهوه" وفي الإنجليزيّة Elijah وعند العرب الياس. هذا النّبيّ حفلت سيرته بمغامرات كثيرة، حيث واجه الملك آخاب وزوجته إيزابيل، وتنبّأ بأنّ الله سيمنع المطر، وأقام ابن أرملة صرفت صيدا. النّبيّ إلياس ثارت ثائرته على كهنة البعل فسفك دمهم وأمر بقتل أنبيائهم، ظانًّا أنّه بذلك يحقّق مشيئة الله. إلّا أنّ العليّ ظهر له وكلّمه، حيث هبّت ريح شديدة وحدثت زلزلة عظيمة وشبّت نار آكلة ولم يكن الرّبّ في أيّ منها. في النّهاية تكلّم الرّبّ إلى إيليّا في صوت منخفض، خفيف في نسيم عليل، كأنّه يقول له: "أنا يا إيليّا إله المحبّة والرّأفة وليس إله العنف والبطش والقتل".

ومن عاد إلى سيرة هذا النّبيّ العظيم، وقف عند آيتين ظهرتا عن لسانه: "حيّ هو الله ربّ الجنود الّذي أنا واقف أمامه" (ملوك 18: 15) وأخرى: "غيرة غرت لربّ الجنود". آيتان تمتلكان احتدامًا نبويًّا وتحدّيًا شخصيًّا شاء إيليّا منهما ظهور الله والتّأكيد على أنّه الإله والرّبّ وليس من إله آخر سواه. بمعنى آخر إيليّا النّبيّ كان من الغيّورين على الإله الواحد.  

في آخر المطاف صعد إلى السّماء بمركبة ناريّة وترك رداءه لأليشع. ويقول المطران جورج خضر، بأنّ هذه المركبة هي مركبة الفضائل.  

كلّ قضيّة إيليّا أنّه أحبّ الله أكثر من نفسه وعشيرته، وقد جعله حياته، وأراد أن يجعله مالئًا الكون ومالكًا الحياة. ولا عجب أن يقع عيده قبل عيد تجلّي الرّبّ بأسبوعين، إذ في التّجلّي يظهر إيليّا واقفًا مع موسى على الجبل ويسوع في وسطهما؟

أمّا أن نكرّم إيليّا فيعني أن نتمثّل بجرأته وغيرته وشهادته بالإله الحيّ.  

ليس المهمّ بمكان أن نعيّد لمار الياس، على مثال الوثنيّين، بالطّعام والشّراب والحلوى والمفرقعات النّاريّة وحفلات الرّقص، إنّما نتّخذ من إيليّا قدوة، لكي يتّخذنا الله أحبّاء له كما اتّخذ إيليّا، ولذلك ظهر معه في التّجلّي، وهذا يعطينا فرحًا كبيرًا بأنّ من آمن بالرّبّ يسوع فإليه يصعد وفي مملكته يقيم.

ما يعنينا في هذا العيد وفي كلّ عيد قدّيس بأنّ الأنبياء تكلّموا على مجد الله ورنوا إليه، ودعونا لنتهيّأ لنمكث فيه. لتكن غيرة إيليّا حافزًا لنا لنسلك مسلكه، ونغار على إخوتنا في الإيمان، لا نغار منهم. ونشهد بسلوكنا القويم أنّنا فعلًا نعبد الإله الحقيقيّ.

فلنتذوّق سيرة وبهاء إيليّا في عيده، وعندها يستجيب الله لصلواتنا وتضرّعاتنا، فنصنع العجائب على مثاله. عندها فقط نفهم لماذا يملك إيليّا النّبيّ هذه الشّهرة، ولماذا يتميّز بالشّعبويّة."