بكركي أحيت ذكرى ستّين سنة لإصدار وثيقة "في عصرنا NOSTRA AETATE"
إفتتح الأستاذ جورج عرب اللّقاء بكلمة أضاء فيها على مضامينه. ثمّ كانت كلمات كلّ من البطريرك الرّاعي، الّذي عرض لمسار الوثيقة التّاريخيّ منذ صدورها سنة 1965، سعيًا من الكنيسة لمحو آثار الحرب العالميّة الثّانية، وتعزيز فرص الحوار والتّلاقي من أجل عالم متصالح مسالم. وقال: لقد جاءت الوثيقة أشبه بدعوة إلى المؤمنين جميعًا لكي "يتعرّفوا ويعزّزوا الخيور الرّوحيّة والأدبيّة، والقيم الاجتماعيّة والثّقافيّة والأخلاقيّة، الّتي يولّدها الحوار واللّقاء بين مختلف الدّيانات". إنّ المفاهيم المتجدّدة، الّتي حملتها الوثيقة، شجّعت المسيحيّين والمسلمين ودفعتهم إلى تجاوز جراح الماضي، وإلى بناء جسور الحوار واللّقاء والتّفاهم من أجل عالم أكثر عدالة، وأكثر سلامًا، وأكثر التزامًا بثوابت الأخلاق والسّلام والحرّيّة. لقد سعت كنيستنا إلى توسيع آفاق وثيقة NOSTRA AETATE النّظريّة، وإلى ترجمتها ترجمة عمليّة، فنشأت في كنفها مبادرات وحوارات هادفة الى تحصين الصّيغة اللّبنانيّة، ولقاء اليوم هو إحدى هذه المبادرات المندرجة في سياق دور الكنيسة التّاريخيّ، وأمانتها للبنان الوطن الرّسالة، كما هو شهادةٌ للشّراكة الإنسانيّة المسيحيّة الإسلاميّة، بأبعادها الحضاريّة، وللمعيّة، أيّ العيش والسّير معًا لبناء العدالة والسّلام. ويأتي اللّقاء بمثابة تمهيد لزيارة قداسة البابا لاون الرّابع عشر إلى لبنان، الّذي أدرج زيارته تحت عنوان الرّجاء والسّلام للبنان.
ثمّ كلمة الشّيخ قدّور ألقاها ممثّله الشّيخ عاصي، والشّيخ الخطيب ألقاها ممثّله المفتي عبدالله، والمفتي دريان ألقاها ممثّله المفتي امام، بعدها ألقى الشّيخ أبي المنى كلمته. وركّزت الكلمات على أهمّيّة تعميم مضامين الوثيقة المتعلّقة بالحوار بين الأديان، وعلى كيفيّة توظيفها لتعزيز العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة وخبرات العيش المشترك في لبنان.
ثمّ كانت كلمة البطريرك يونان تناول فيها مضامين الوثيقة، والالتزام بها من قبل المسيحيّين والمسلمين وتوسيع المشترك بينهم، فيطلقون مبادرات عمليّة مبادرات مشتركة، مشدّدًا على ضرورة وعي خطورة فراغ لبنان والشّرق الأوسط من المسيحيّين. وعرض وقائع ممّا يجري في سوريا والعراق من مؤشّرات هذا الفراغ المتزايد الخطير. ثمّ تلا المطران شارل مراد، رئيس اللّجنة الأسقفيّة للحوار الإسلاميّ المسيحيّ، رسالة الكاردينال كوفاكاد، وجاء فيها: "قبل ستّين عامًا، قدّم المجمع الفاتيكانيّ الثّاني للعالم عطيّة نبويّة تمثّلت بإعلان هذه الوثيقة، الّتي تتناول علاقة الكنيسة بالأديان الأخرى. ودعا الإعلان المذكور الكنيسة إلى الاعتراف بحضور الله في تنوّع الإيمان البشريّ."
وتابع: "في الذّكرى السّتّين، أخصّ بالتّحيّة العلماء المسلمين والمسيحيّين المجتمعين في هذه المناسبة. لتكن هذه الذّكرى تجديدًا لا تكرارًا. لقد تغيّر العالم، ويجب أن تتجدّد أيضًا رؤيتنا للأديان الأخرى ونهجنا في الحوار. ويجسّد لبنان، منذ زمن بعيد هذه الرّؤية، حيث يرتفع نداء المؤذّن مع رنين أجراس الكنائس معًا في تسبيح الإله الواحد، الرّحمن الرّحيم." وأضاف: "أدعوكم إلى أن تتحدّثوا بجرأة ووضوح عن الأسس الرّوحيّة للحوار. ساعدوا المؤمنين في المساجد، والكنائس والمدارس والجامعات والعائلات. على أن يروا نوسترا إيتاتي لا كوثيقة تاريخيّة جامدة، بل كخارطة طريق حيّة لعصرنا.
ولتكن المدارس والإكليريكيّات والمعاهد والجامعات مختبرات للسّلام، يتعلّم فيها الشّباب كيف يعيشون معًا بانسجام."
بعد ذلك قدّمت الزّميلة نور صفيّ الدّين محاور اللّقاء، وقد توزّعت على:
- الإطار والمسار التّاريخيّ للوثيقة وتضمن الأبعاد اللّاهوتيّة للوثيقة، للخوري د. باسم الرّاعي، والوثيقة لدى المسلمين، للد. محمّد السّمّاك، ومن ثمار نوسترا ايتاتي: وثيقة الأخوّة الإنسانيّة للدة. منى رسلان.
- الفكر الدّينيّ والمبادرات العمليّة في ضوء الوثيقة، تضمن هذا المحور أضواء لاهوتيّة وفقهيّة وفكريّة لكلّ من الشّيخ مالك الشّعار، وللمطران بولس مطر، وللد. باسم الشّابّ، وللدة. نايلا طبّارة، والد. الياس الحلبي، وللمحامي عمر زين، وللد. طلال عتريسي .
وتحدّث في المبادرات العمليّة المشتركة كلّ من :
-المطران غي بولس نجيم في مشروع "فرصة" لمعالجة الإدمان، النّائب د. ملحم خلف، في خبرة جمعيّة فرح العطاء، المطران حنّا رحمه، تجارب خلال حرب 2024، الد. زياد فهد، والشّيخ فراس بلّوط، والخوري عبود جبرايل في خبرات الشّبكة المستدامة، الشّيخ ربيع قبيسي وتحدّيات التّضامن الإنسانيّ، الدة. شادن هاني في دراسات السّلام والمصالحة.
وألقى المونسنيور عبدو أبو كسم، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام، مدخل التّوصيات والتّطلّعات المستقبليّة، وختامًا تلاها المطران يوسف سويف، منسّق أعمال اللّجنة الأسقفيّة للمناسبة وعدّدها:
- تشكيل لجنة متابعة
- إطلاق مبادرة تأسيس تجمّع الهيئات والمنتديات المهتمّة بالحوار الإسلاميّ المسيحيّ.
- عقد المؤتمر السّنويّ لهذا التّجمّع.
- إعداد وإصدار دليل الهيئات والمؤسّسات والأفراد المعنيّين بالحوار الإسلاميّ المسيحيّ.
- إقامة "أكاديميّة الإنسان للتّلاقي والحوار" في لبنان، عملًا بقرار الأمم المتّحدة المتذخذ بتاريخ 16/9/2019.
- جمع وتحقيق ونشر كلّ الوثائق والمقاربات المتعلّقة بالحوار الإسلاميّ المسيحيّ.
- إقامة سلسلة ندوات ومحاضرات حول الوثيقة، وتنظيم إطلالات إعلاميّة للإضاءة عليها.
- إدخال موضوع الحوار الإسلاميّ المسيحيّ مادّة تعليميّة في المناهج التّربويّة في لبنان.
- تنظيم مسابقات بين الطّلّاب حول موضوع الحوار المسيحيّ الإسلاميّ.
- تنظيم أعمال فنّيّة ثقافيّة حول موضوع الحوار المسيحيّ الإسلاميّ.
- منح جوائز سنويّة وتقديرات لهذه المسابقات والأعمال.
- تشكيل لجان إقليميّة فرعيّة للحوار الإسلاميّ المسيحيّ (في المناطق، الأبرشيّات...)
-تحقيق مبادرات تنموية مشتركة سنويًّا أو بصورة دوريّة.
- تنظيم جولات تواصل وتعارف بين أبناء مختلف الطّوائف وفي مختلف المناطق، بخاصّة جيل الشّباب.
-تنظيم مبادرات خدمة اجتماعيّة وتنموية مشتركة بين أبناء مختلف الطّوائف وفي مختلف المناطق.
-تنظيم لقاء الشّباب الإسلاميّ المسيحيّ الدّوريّ.
- إصدار نشرة إعلاميّة دوريّة حول هذا المسار وأنشطته المختلفة.
-صياغة شرعة عمل إعلاميّ تحرّم أيّ مادّة إعلاميّة تسيء للعيش المشترك الإسلاميّ المسيحيّ، أو تتعارض مع مسلّماته."
