أميركا
30 آب 2016, 05:06

بعد تغلّبها على مرض السّرطان أنجيلا أولبرايت تقود جيشًا سلاحه المحبّة

جيش “كاجون” يساهم في بلسمة جراح متضرّري فيضانات لويزيانا.

أنجيلا أولبرايت، إمرأة خاضت أعنف الصّراعات مع مرض السّرطان لتعد الله إنّه وفي حال شفائها فستتحوّل إلى ورقة بيضاء يُملي الله عليها كل ما يشاء. وهذا ما حصل فعلًا فعقب شفاء أولبرايت من المرض القاتل توقف الله عند وعدها طالبًا منها أن تُحقق مشيئته عقب ما سُمي بالفيضان الأعظم الذي ضرب لويزيانا.
كنت جالسة على أريكتي المفضّلة في اللّيلة التي تلت فيضانات لويزيانا أشاهد التّغطيات المباشرة للكارثة الطّبيعيّة المؤسفة. إنتابني شعور كبير بالذّنب لأنني كنت قد أحضرت آلية كبيرة لنقل أثاث المنزل إلى منزلنا الآخر الذي يقع على إحدى شواطئ فلوريدا. فكّرت في نفسي أننّا نملك الكثير ولكن كيف يمكننا أن نساعد من خسروا منازلهم حيث تتحدّث الأرقام الرّسمية عن تشرّد نحو 100000 من سكان لويزيانا عقب غرق نحو 60000 منزلًا جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة.
في اليوم التّالي لمحت أولبرايت نداء كاهن في كنيسة الجماعة المسيحية في دنهام سبرينغز الواقعة وسط الفيضان. الكاهن تمنّى على الجميع إرسال تبرّعات مباشرة بهدف تأمين الإمدادات الملّحة. تضمّنت لائحة الكاهن ثماني حاجيات ضرورية. شعرت أولبرايت بأنّها مدعوّة لتأمين كل هذه الحاجيات وإرسالها إلى الكنيسة في اليوم التّالي. “وضعت نداءً على صفحتي على الفايسبوك يتضمّن لائحة الحاجات فما كانت إلّا ساعتين فقط حتّى تم تأمين كل شيء. الجميع قدّم المساعدة ومن بينهم الكنائس والمدارس الكاثوليكيّة في المنطقة.”
عقب نجاح خطوتها الأولى سارعت أولبرايت إلى إستخدام هاشتاع #cajunarmy على مواقع التّواصل الإجتماعي مستوحيّة العبارة من قوات كاجون البحرية وهم متطّوعون ساهموا بإجلاء الأشخاص في مراكب خلال الفيضان. إلّا أنّها ما لبثت أن غيرت الهاشتاغ إلى Northshore Cajun Army منعًا للإلتباس وللّدلالة تحديدًا على منطقة لويزيانا التي يهتم فريقها بإنعاشها. ومذّاك الحين أنشأت أولبرايت صفحة على الفايسبوك بعنوان Cajun Army لتلبية حاجات المتطوعين المتزايدة لمعرفة كيف يمكنهم المساعدة.
عقب مرور أسبوع فقط على نداءها الإنساني وبمساعدة زميلتيها جيانا سكلوتمان وكارن كلينبيتر تمكنت أولبرايت من إرسال 11 شاحنة محمّلة بالمساعدة لكنيسة جماعة المسيح التي أوت 1000 لاجئ من الفيضانات اللّيلة التي سبقت وصول المساعدات. فريق أولبرايت سارع بإرسال شاحنة محمّلة بأولى حاجيات اللّاجئين الذين إفترشوا الكنيسة. المساعدات تضمّنت وسائد، بطّانيات، ملابس داخليّة، حفاضات، أغراض شخصّيّة، ومستلزمات النّظافة الشّخصيّة.
خطوة أولبرايت التّالية كانت تأمين المستلزمات الضّروريّة لبدء عمليّة تنظيف المنازل التي غمرتها المياه. وعليه قامت الجهات المانحة بإرسال كميات كبيرة من مساحيق التّبيض والتنظيف، مكانس، مماسح، قفّازات، وأقنعة لتنظيف المنازل التي تضرّرت جرّاء الفيضان. هذا وقام أحد المساهمين الاسخياء وهو مالك لشركة تنظيفات في بوغالوسا بتقديم مساعدة بقيمة 4000 دولار أمريكي بهدف القضاء على إنتشار الرّطوبة والعفن في المنازل الأمر الذي يساهم بعدم دمار المزيد من البيوت. هذا ولا تزال التّبرعات تتدفّق حيث تقوم أولبرايت بالتّعاون مع شانون إيسلي وهي زوجة القس الذي نشر النّداء على الفايسبوك على إيصال المساعدات لمتضرّري الفيضان.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تأسيس مخزن داخل حرم الكنيسة يخزن فيه متطوّعو جيش الكاجون وغيرهم الطعام، المياه، الملابس، مواد التّنظيف وغيرها من الضروريات بهدف إمداد من هم بحاجة ماسة إلى كل هذه الحاجيات.
هذا وبدأت أولبرايت بجمع مساهمات مادية من متبرّعين كثر بهدف شراء الحاجات الماسّة للملمة جراح هذا الفيضان الضخم. وعليه أسست أولبرايت ما يسمّى بصندوق جيش الكاجون لجمع المساهمات التي تمكنهم من الإستمرار بتلبية الطلب اليومي والهائل للمساعدة.
“كل دولار وكل غرض مهما كان ثمنه هو فسحة أمل”، قالت أولبرايت. “الأمل الذي يساعد النّاس على اتخاذ خطوة إلى الأمام لإعادة بناء حياتهم.” ونظرًا لحجم الدّمار حيث هناك أميال وأميال من المنازل والمحال التّجارية التي باتت غير صالحة للسّكن، لا بد من تأمين المزيد من المساعدات والمزيد من الأمل كي يبدأ النّاس بإعادة بناء منازلهم ومجتمعاتهم من الصّفر.
بصرف النّظر عن حجم صدمة وحزن أولبرايت لما عاينته من دمار وتشرّد، تقف هذه السّيدة باندهاش امام كرم الله وعطائه على يد المتطوّعين إضافة إلى الأشخاص الآخرين غير المرتبطين بنشاطات أولبرايت الّذين يتنقلّون بعربة تحمل طعامًا ساخنًا ومشروبات باردة إضافة إلى المثلّجات. تم تقديم 8000 طبق طعام في الموقف الخاص بالكنيسة يوم السّبت الفائت. هذا وكان يتم إعادة إرسال كل ما تبقى منالمأكولات والمشروبات لتوزّع على من لا يزالون قابعين داخل بيوتهم التي باتت أشبه بالخيم. كما وقامت مجموعة من المتطّوعين بتفقّد الأحياء الأكثر فقرًا ومعهم مركبة تحمل الطّعام والتّبرعات.
“إلى متى سيستمر عمل جيش الشّاطئ الشّمالي في مساعدة المنكوبين؟ إلى حين عودة الجميع سالمين ومعافين”. “لا أستطيع العيش بهدوء في الوقت الذي أعرف فيه حجم حاجات متضرّري الفيضان _ عند رؤية الدّمار من الصّعب ألّا تقدّم المساعدة.” ختمت أولبرايت.