لبنان
06 حزيران 2019, 11:57

بطريرك صربيا من بعبدا: لقد منحكم الرّبّ وطنًا للفرح، وتحقيق الفرح يتوقّف على الإنسان

"صحيح أنّ هناك مذاهب مسيحيّة وثقافات وعادات وتقاليد مختلفة، لكّن المسيح واحد والإنجيل واحد. وشريعة المحبّة هي الوحيدة الّتي يمكن أن تقيم السّلام والعدل بين الجميع على مستوى العالم بأسره"، هذا ما أكّده رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون خلال استقباله، قبل ظهر اليوم في بعبدا، بطريرك صربيا إيريناوس وبطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر، على رأس وفد كنسيّ ضمّ: مطران مونتينيغرو أمفيلوخيوس، ومطران شوماديا يوحنّا، ومتروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عوده، ومطران عكّار وتوابعها للرّوم الأرثوذكس باسيليوس منصور، والأرشمندريت بروكوبيوس طيّار، والأرشمندريت جورج يعقوب؛ بحضور وزير الدّولة لشؤون رئاسة الجمهوريّة سليم جريصاتي، ووزير الدّفاع الوطنيّ الياس بو صعب، ووزير العدل ألبرت سرحان.

 

هذا وأكّد الرّئيس عون على عمق العلاقات بين لبنان وصربيا، وعلى أوجه الشّبه في معاناة كلّ من الشّعبين، آملاً في أن تحمل زيارة البطريرك إيريناوس الخير والتّضامن إلى اللّبنانيّين والمسيحيّين في المشرق، محيّيًا الجهود الّتي يبذلها من أجل تحقيق السّلام، وعارضا له، بحسب ما ذكر موقع رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة، المشروع الّذي تقدّم به من على منبر الأمم المتّحدة لإنشاء "أكاديمية الإنسان للحوار والتلّاقي"، لتكون مركز حوار دائم بين مختلف الحضارات والأديان والإتنيّات بهدف خلق سياسة سلام مقوّماتها: احترام حرّيّة المعتقد، والاعتراف بحقّ الاختلاف واحترام حرّيّة الرّأي.


وطلب في هذا السّياق دعم البطريرك إيريناوس لأجل تحقيقه، مقدّمًا له نسخة عن المشروع باللّغات الثّلاث: العربيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة.
 

أمّا البطريرك الصّربيّ فشكر الرّئيس عون على استقباله وقال:"لقد أتينا بزيارة سلام، هذا السّلام الّذي نتطلّع إليه معًا كما يتوق إليه العالم بأسره. ليس هناك أروع من أن يعيش أبناء الشّعب الواحد معًا كأخوة، وهذا منتهى الفرح لأنّ الرّبّ طلب منّا العيش بسلام الأخوة مع كافّة الطّوائف.

مؤسف أن نرى الإنسان يبذل قصارى جهده لتحقيق كلّ ما يبعده عن السّلام الحقيقيّ، وهذا ما يضاعف المشاكل، ويزيد من الآلام. إنّ وطننا اجتاز مراحل صعبة وحروبًا شبيهة بتلك الّتي عرفها لبنان. لكن الرّجاء يبقى في أن نتخطّى جراح الماضي وننساها، متطلّعين إلى بناء السّلام في وطننا وفي كافّة دول العالم.

هي زيارتي الثّانية إلى وطنكم الجميل، وقد زرته للمرّة الأولى عندما كنت لا أزال طالبًا، وهناك فرق شاسع بين ما شاهدته في ذلك الوقت واليوم، لاسيّما في العاصمة بيروت الواقعة على شاطىء البحر. لقد منحكم الرّبّ وطنًا للفرح، وتحقيق الفرح يتوقّف على الإنسان. إنّي أحمل معي رسالة محبّة وسلام من الشّعب الصّربيّ، ونحن نتوق إلى توطيد العلاقات بين شعبينا، آملين أن تقوموا بزيارة وطننا، فشعبنا يكنّ أطيب مشاعر الصّداقة والمودّة للشّعبين اللّبنانيّ والسّوريّ منذ سنين عديدة."

وأنهى قائلاً: "إذا ما استمرّينا في الحروب سنصل إلى إفناء البشريّة، فبدل صناعة السّلاح وإنفاق الأموال الطّائلة عليه، فلنعمل جميعًا على تلبية حاجات الإنسان. ونحن كرجال دين دورنا كبير في تحقيق هذا الأمر، من هنا وجوب أن نلتقي معًا على الدّوام فنكون حاملي سلام للشّعوب. رسالتنا هي المحبّة للجميع، ونحن بين عامي 1945 و2003 خسرنا من شعبنا أكثر من مليوني شخص، نتيجة الحروب الّتي دمّرت لنا كلّ شيء من منازل ومعاهد ودور عبادة ومستشفيات"، كاشفًا عن الضّغوط الكبرى الّتي يتعرّض لها حاليًّا الصّربيّون للتّضحية بأهم المقدّسات لديهم، ومعربًا عن إعجابه بمشروع الرّئيس عون وتأييده له.


بدوره، ألقى البطريرك يوحنّا العاشر كلمة شكر فيها الرّئيس عون على استقباله، موضحًا أهمّيّة زيارة البطريرك إيريناوس إلى لبنان وسوريا في هذه الظّروف الصّعبة، ومبرزًا أهمّيّة العلاقات الوطيدة بين الكنيستين الأرثوذكسيّتين في أنطاكية وصربيا. مؤكّدًا أنّ البطريرك الضّيف سيحمل هذه الانطباعات إلى صربيا وأبنائها، "لاسيّما في عيشنا المسيحيّ مع بعضنا البعض أو في عيشنا المشترك مع إخواننا من الطّوائف الإسلاميّة".


وفي ختام الزّيارة، تبادل الطّرفان الهدايا التّذكاريّة إذ قدّم البطريرك الصّربي للرّئيس عون شعار البطريركيّة وألبومًا عن صربيا.