الأراضي المقدّسة
21 كانون الأول 2023, 14:50

بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس في رسالة الميلاد: نستنكر جميع الأعمال العنيفة وندعو إلى وقفها

تيلي لوميار/ نورسات
"لأنّه يولد لنا ولد ونعطى ابنًا، وتكون الرّئاسة على كتفه، ويدعى اسمه مجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًّا، رئيس السّلام" (إشعياء 9: 6). نحن- بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس- نوجّه تحيّة الميلاد إلى المؤمنين في جميع أنحاء العالم باسم ربّنا يسوع المسيح، رئيس السّلام، الّذي ولد هنا في بيت لحم قبل أكثر من ألفي عام.

ونوجّه هذه التّحيّة، ونحن مدركون أنّنا نعيش واحدةً من أفظع الكوارث الإنسانيّة في أرض الميلاد، فلقد أدّى عنف الحرب خلال الشّهرين والنّصف الماضيين إلى معاناة لا يمكن تصوّرها لملايين الأشخاص في أرضنا المقدّسة، وتسبّبت فظائع الحرب بالبؤس والحزن لعائلات لا تحصى في منطقتنا، مستدعية صرخات تعاطف مؤلمة من جميع أنحاء الأرض بالنّسبة لأولئك الّذين يعيشون في وقع هذه الظّروف الصّعبة؛ إذ يبدو الأمل بعيدًا وخارج متناول اليد.

ومع ذلك، ولد ربّنا يسوع المسيح في ظروف مشابهة للّتي نعيشها اليوم؛ ليعطيَنا الأمل، فهنا يجب أن نتذكّر أنّه خلال عيد الميلاد الأوّل، لم تكن الأجواء بعيدة عن تلك الّتي نعيشها اليوم، وهكذا واجهت السّيّدة العذراء مريم والقدّيس يوسف صعوبة في العثور على مكان؛ لولادة ابنهما؛ فقد كان هناك قتل للأطفال، وكان هناك احتلالٌ عسكريّ، وكانت العائلة المقدّسة قد اضطرّت إلى النّزوح كلاجئين، ولم يكن هناك سبب للاحتفال لأيّ سبب سوى ولادة ربّنا يسوع المسيح.

ومع ذلك، وسط ذلك الحزن، ظهر الملاك للرّعاة؛ ليعلن رسالة الأمل والفرح لكلّ العالم: "لا تخافوا! فها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشّعب: أنّه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرّبّ" (لوقا 2: 10-11).

في التّجسدّ الإلهيّ، جاء المسيح إلينا مثل عمّانوئيل، "الله معنا" (متّى 1: 23)؛ ليخلّصنا ويفدينا، وكان ذلك؛ ليفي بكلمات النّبيّ إشعياء: "الرّبّ مسحني... لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر" (أشعياء 61: 1-24؛ لوقا 4: 18-19).

هذه هي الرّسالة الإلهيّة للأمل والسّلام الّتي تلهمنا في وسط المعاناة؛ فقد ولد المسيح نفسه، وعاش في وسط معاناة كبيرة، بل إنّه كان يعاني من أجلنا حتّى موته على الصّليب، ومن أجل أن نبدأ نحن بالعيش في الأمل وسط ظلمة العالم (يوحنّا 1: 5).

وبروح عيد الميلاد، نحن- بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس- نستنكر جميع الأعمال العنيفة، وندعو إلى وقفها، وندعو شعوب هذه الأرض إلى البحث عن نعم الله؛ لنتمكّن من التّعلم كيف نسلك معًا في سُبُل العدل، والرّحمة والسّلام.

وأخيرًا، ندعو المؤمنين وجميع أولئك الّذين لديهم إرادة صالحة إلى العمل بلا كلل من أجل إغاثة المظلومين والسّعي نحو سلام عادل ودائم في الأراضي المقدّسة الّتي تحظى بمكانة خاصّة لدى الدّيانات السّماويّة الثّلاث.

سيولد أمل عيد الميلاد مرّة أخرى وفق هذه السُّبُل، بدءًا من بيت لحم والقدس إلى أقاصي المعمورة؛ تحقيقًا لكلمات زكريّا، أن "سيشرق نور العلوّ من فوق لإضاءة الّذين جلسوا في ظلمة وظلال الموت، ليهدي أقدامنا في طريق السّلام" (لوقا 1: 78-79)."