بطاركة الشّرق يفتتحون مؤتمرهم بقدّاس إلهيّ
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك يونان عظة شكر في بدايتها بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو على استضافته المؤتمر، والبطاركة على حضورهم، معبّرًا "شوق الآباء إلى أبنائهم وبناتهم بالرّبّ، محتفلين معكم بذبيحة القدّاس الإلهيّة في كنيستكم كاتدرائيّة سيّدة النّجاة– أمّ الشّهداء، الشّاهدة لإنجيل المحبّة والسّلام، والشّهيدة من أجل الرّبّ يسوع مخلّصنا".
وأضاف بحسب موقع البطريركيّة الكلدانيّة: "إنّنا نقيم بفخر واعتزاز الذّكرى الثّامنة لاستشهاد الكاهنين الشّابّين ثائر ووسيم، ومعهما عشرات المؤمنين من أطفال وصبايا وشبّان وشابّات، ومن آباء وأمّهات، امتزجت دماؤهم بدم الحمل الفادي في هذه الكاتدرائيّة الّتي أضحت للعالم أجمع، رمزًا فريدًا للتّضحية القصوى بالذّات، المقبولة لديه تعالى، من أجل نشر السّلام والعدالة والأخوّة والمساواة، في العراق وفي سائر بلدان المنطقة"، مقتبسًا عن بولس الرّسول قوله في رسالته الثّانية إلى التّسالونيكيّين:"فنحن مع رعاتكم ومدبّريكم الرّوحيّين، لا ننفكّ نذكر ما أنتم عليه من نشاط الإيمان وجهد المحبّة وثبات الرّجاء بربّنا يسوع المسيح"، مثمّنًا ثبات المسيحيّين "رغم الأخطار والتّحدّيات، في بلدكم الغالي أرض ما بين النّهرين العريقة، لكي تشهدوا، لحضارة العيش الواحد في المحبّة والعدالة والسّلام".
وأشاد بصبر العراقيّين ورجائهم وعيشهم "إنجيل التّسامح والانفتاح"، وحثّهم على تجديد "الرّجاء فوق كلّ رجاء بالعناية الإلهيّة، رغم المعاناة الأليمة وبشاعة الشّرّ وهول الآلام، واثقين بأنّ التّضحية الّتي قدّمها شهداؤنا وجرحانا لن تمرّ عبثًا، بل لا بدّ من أن تثمر خيرًا ونِعَمًا، وبأنّ الله سبحانه وتعالى، الّذي خلقنا جميعًا ويرعانا بمحبّته وعدله من دون تمييز، لا بدّ من أن يصغي لتنهّداتكم ويستجيب إلى تضرّعاتكم، فينعم عليكم بولادة عراقٍ جديد يضحي مثالاً بمؤسّساته المدنيّة وبالدّيمقراطيّة الحقّة الّتي تطمئن وتحمي جميع مواطنيه بدون تمييز"، مؤكّدًا أنّه بالتّوكّل على الله انتصار، "فمعه لا خوف ولا وجع ولا حزن، بل هو “يوجد من المحنة خلاصًاً"، ويحوّل حزننا إلى فرح، ما دمنا متّكلين عليه، لأنّ من يتّكل عليه لا يخيب".
وذكّر "المسؤولين المدنيّين أنّ مسيرة بلادنا ومستقبلها الحضاريّ، لا ولن يتحقّق إلّا باحترام حقوق جميع المواطنين حسب شرعة حقوق الإنسان"، مؤكّدًا أنّ "إيماننا المشترك بالإله الواحد خالق الكون ومدبّره، عليه أن يوحّد قلوبنا ويشركنا في بناء الوطن الواحد في العيش الفاعل والمتفاعل، والمؤسَّس على مبدأ المواطنة الواحدة للجميع. إنّها حضارة المحبّة، إليها يدعونا اليوم شهداؤنا وجرحانا، فلا نخيّب أملهم. على مثالهم لنكن صانعي السّلام، فنستحّق أن نُدعى أبناء الله".
وكان رئيس أساقفة بغداد والنّائب البطريركيّ على البصرة والخليج العربيّ وأمين سرّ السّينودس المقدّس للسّريان الكاثوليك مار أفرام يوسف عبّا، قد رحّب بكلمة بالبطاركة، أكّد فيها على أنّ العراق سيبقى بلد السّلام والأمان والحرّيّة والدّيمقراطية، وأنّ مسيحيّي العراق كما إخوتهم من المسيحيّين في الشّرق سيبقون أمناء لإيمانهم بربّهم وأوفياء لدماء شهدائهم الّذين بذلوا ذواتهم على مذبح الشّهادة حفاظًا على إيمانهم وتعلّقًا بأرضهم"، وثمّن جهود البطاركة في الدّفاع عن مسيحيّي الشرق ونصرة قضاياهم.
وتبع القدّاس زيّاح حبريّ وسط الجموع المحتشدة إلى أمام نصب الشّهداء في الباحة الخارجيّة للكاتدرائيّة حيث وضع البطاركة إكليلاً من الزّهور إكرامًا لشهداء مذبحة سيّدة النجاة. ثمّ استقبل البطاركة الرّسميّين والمؤمنين في صالون مطرانيّة بغداد السّريانيّة الكاثوليكيّة، ومنحوهم بركتهم الأبويّة.