أوروبا
28 آب 2025, 11:15

برثلماوس الأوّل: كمسيحيّين لدينا سلاح لا يُقهر، هو الصّلاة

تيلي لوميار/ نورسات
"كمسيحيّين نحن بحاجة إلى أن نُسمع صوتنا، متّحدين، كما فعل إخوتنا، بطريرك القدس للرّوم الأرثوذكس، ثيوفيلوس، وبطريرك القدس للّاتين، الكاردينال بيتسابالا. علينا أيضًا أن نشهد بإرادة راسخة من أجل العدالة، لأنّه بدون عدالة لا يوجد سلام. ولكن كمسيحيّين لدينا أيضًا سلاح لا يُقهر، هو الصّلاة. وهذا لا يجب أن ننساه أبدًا!".

هذه الكلمات نطلق بها بطريرك القسطنطنيّة المسكونيّ برثلماوس الأوّل خلال لقاء له في ريميني بمناسبة مشاركته في ندوة حول مجمع نيقية، وذلك في مقابلة مع وسائل الإعلام الفاتيكانيّة، مجيبًا على سؤال حول ما يجب عمله من أجل تعزيز ثقافة الأخوّة والسّلام.

وكان برثلماوس الأوّل قد أجاب على مجموعة من الأسئلة خلال المقابلة، فبحسب "فاتيكان نيوز". فعن الرّسالة التّي تصلنا اليوم من مجمع نيقية، قال: "قد كان مجمع نيقية حجر زاوية في التّاريخ المسيحيّ بأسره. ووفقًا لوعود المسيح، إنّ الرّوح القدس قد تكلّم وهو لا يزال يعمل في تاريخ الإنسان. إنّ الآباء في نيقية، إذ بقوا ثابتين على إعلان الكتب المقدّسة، حدّدوا ما كانت الكنيسة المسيحيّة تبشّر به منذ ثلاثة قرون من خلال رموز المعموديّة، وصاغوا في قوانين الحقيقة الّتي تمّ إعلانها. إنّ المجمع يوقظ المسيحيّين في كنائس زمننا على حقيقة أنّ المسيح هو حقًّا الكلمة، الّذي صار جسدًا، نورًا من نور، إلهًا حقًّا من إله حقّ، ومساوٍ للآب في الجوهر. لأنّه لو لم يكن يسوع المسيح هو الله، مع الرّوح القدس، الثّالوث المتساوي في الجوهر وغير المنقسم، لكان التّاريخ المسيحيّ مجرّد فلسفة أخلاقيّة جميلة وليس تاريخ الخلاص. ومن هنا تنبع كلّ أعمالنا اليوم وغدًا!".
وعلى سؤوال: "لماذا لا يزال من غير الممكن للمسيحيّين أن يحتفلوا بعيد الفصح في اليوم نفسه، علمًا أنّهم ناقشوا في نيقية موضوع تاريخ عيد الفصح، وحاولوا التّوصّل إلى اتّفاق"، أجاب: "في نيقية تقرّر أنّه من المهمّ أن نشهد على قيامة المسيح في اليوم نفسه، في كلّ مكان في العالم المعروف آنذاك. لكن الظّروف التّاريخيّة المختلفة حالت دون تحقيق ما أوصى به المجمع. ليس من حقّنا أن نحكم على ما جرى، ومع ذلك نحن نفهم اليوم أنّه لكي نكون جديرين بالثّقة كمسيحيّين، علينا أن نحتفل بقيامة المخلّص في اليوم نفسه. بالاشتراك مع البابا فرنسيس الرّاحل، كلّفنا لجنة بدراسة هذه المسألة. وقد بدأنا حوارًا. لكن هناك حساسيّة مختلفة بين الكنائس، وبالتّالي من واجبنا أيضًا أن نتجنّب انقسامات جديدة. إنّ ما قرّره مجمع مسكونيّ بالنّسبة للكنيسة الأرثوذكسيّة، لا يمكن تعديله إلّا من خلال مجمع مسكونيّ آخر. ومع ذلك، نحن جميعًا منفتحون للإصغاء إلى الرّوح القدس، الّذي نؤمن أنّه أشار إلينا هذا العام بشكل خاصّ إلى أنّ توحيد تاريخ عيد الفصح هو أمر جوهريّ."
وعن ذكرياته مع البابا فرنسيس، قال: "إنّ البابا فرنسيس، السّعيد الذّكرى، لم يكن فقط أسقف روما كما كان يصف نفسه، بل كان أخًا لنا يجمعنا به انسجام حول القضايا الكبرى للإنسان المعاصر، وشغف عميق بوحدة العالم المسيحيّ. منذ يوم انتخابه شعرنا بداخلنا بدافع للحضور في حفل تنصيبه: كانت تلك المرّة الأولى في التّاريخ التي يشارك فيها بطريرك مسكونيّ. لقد ناضلنا معًا من أجل السّلام بين الشّعوب، ومن أجل الحوار مع الدّيانات الكبرى، والحوار بين الأديان، ومن أجل العدالة المشتركة، ومن أجل البيئة الطّبيعيّة، ومن أجل المهمّشين في العالم. لقد التقينا مرارًا، وكان كل لقاء بيننا لقاء إخوة يحبّون بعضهم بعضًا. والرّبّ سيكافئه على ما شهد له بحياته وبعمله. ليسترح بسلام."

أمّا عن لقاءاته الأولى مع البابا لاون الرّابع عشر وعن انطباعاته حول رسالته كأسقف لروما وراع للكنيسة، قال: "لقد تأثّرنا كثيرًا بشخصيّة البابا الجديد، الّذي، وإن كان بأسلوب مختلف عن البابا فرنسيس، قد أظهر منذ البداية قناعته الرّاسخة بمواصلة السّير على خطى سلفه. ومعه أيضًا نشعر بانسجام كبير، ونحن مسرورون بشكل خاصّ لأنّ رحلته الأولى إلى الخارج ستكون إلى البطريركيّة المسكونيّة في تركيا، عندنا، وإلى نيقية، حيث سنشهد معًا على قناعتنا الرّاسخة بمواصلة الحوار المسكونيّ والتزام كنائسنا أمام التّحدّيات العالميّة. نحن ننتظره بترقّب كبير."