الأراضي المقدّسة
22 نيسان 2025, 09:04

بتيسابالا في رحيل البابا: لنتّحد في الحزن على وفاة هذه الشّخصيّة العظيمة ولنتّحد في الإيمان والرّجاء

تيلي لوميار/ نورسات
"احتفلنا بعيد الفصح يوم أمس، ونحن الآن في يوم ثمانية الفصح، وفي هذا اليوم الّذي نحتفل فيه بالمسيح القائم من بين الأموات، بالقيامة، بانتصار المحبّة والحياة، دعا الله الآب إليه الأب الأقدس البابا فرنسيس.

لا يمكنني أن أنكر أنّنا صُدمنا من هذا الخبر. ولكنّنا، كمؤمنين، نحن الّذين نؤمن بالقيامة، تأثّرنا بتزامن هذا الحدث مع يوم القيامة، اليوم الّذي فيه التقى البابا فرنسيس أخيرًا بوجه الآب، كما نرغب جميعًا.

إنّه وقت صعب جدًّا، ولكنّه أيضًا وقت نعمة، لأنّ الكنيسة كلّها اليوم تجتمع وتتّحد في الصّلاة من أجل الأب الأقدس. لذا، أدعو كنيستنا، كنيسة القدس، وكلّ من هو متّحد معنا، أن ينضمّ إلينا، خاصّة يوم الأربعاء، إلى الصّلاة الّتي ستقام من قبل الكنيسة المقدسيّة وكلّ الكنائس الكاثوليكيّة وغيرها من أجل الأب الأقدس.

لقد كان لي شرف لقاء البابا فرنسيس لأوّل مرّة منذ عشرين عامًا في بوينس آيرس. كنت قد أصبحت حارس الأرض المقدّسة حديثًا، وذهبت لزيارة جماعة هناك. وكان من المفترض أن ألتقي أيضًا بالكاردينال في زيارة تقليديّة. لم أكن معتادًا حينها على لقاء الكرادلة، فكنت متوتّرًا وقلقًا بعض الشّيء، وأيضًا كنّا عالقين في زحمة السّير في بوينس آيرس، وتأخّرنا.

عندما وصلنا إلى مقرّ الأسقفيّة، كان هناك كاهن في بانتظارنا. ظننت أنّه أحد موظّفي الدّائرة الكنسيّة، فساعدنا على ركن السّيارة بسرعة، ولم يكن ذلك جيّدًا. وعند خروجنا من السّيّارة، أعطيناه مفاتيحها، وقلنا له: "لم نركن جيّدًا، وإذا احتاج أحد للخروج، فهذه مفاتيح السّيارة، يمكنك تحريكها". فأجابنا قائلًا: "لا تقلق، أنا الكاردينال، كنت في انتظاركم".

كان هناك، ينتظرنا، وساعدنا في الرّكن... ومنذ البداية، اتّضح أنّه كاردينال غير تقليديّ، كما أظهر لاحقًا خلال حبريّته كلّها.

خلال هذه العشرين سنة، تعمّقت معرفتنا به من خلال التّعاون، ثمّ بعد انتخابه للكرسيّ الرّسوليّ، أصبحت ألتقي به كثيرًا، خاصّة في هذه المرحلة الأخيرة من الحرب الرّهيبة الّتي نعيشها في غزّة، ولكن ليس فقط في غزّة.

فغزّة أصبحت، بشكل ما، رمزًا لما يحمله في قلبه: الفقراء، الحرب، السّلام. مواضيع عزيزة عليه جدًّا، وكان قريبًا جدًّا منها، وكرّس لها جهده دون أن يهتم بالبروتوكولات أو بعواقب ما يقوله، بل عبّر عنها بوضوح وبجرأة— الجرأة الّتي طالما طلبها وعبّر عنها— ما اعتبره ليس فقط محور حبريّته، بل أيضًا ما يحتاجه العالم اليوم.

وغزّة، في هذا السّياق، أصبحت رمزًا من رموز حبريّته: الفقراء، المهمّشون، الحرب، رفض الحرب، الحاجة إلى السّلام، إلى جانب الموضوع الآخر الجوهريّ في حبريّته: الحوار، واللّقاء بين ثقافات وأديان مختلفة، مع الحفاظ على الهويّة.

لذا، لنصلِّ مجدّدًا من أجل الأب الأقدس، ولنصلِّ من أجل الكنيسة. نحن بحاجة إلى الصّلاة كثيرًا من أجل الكنيسة في هذه اللّحظة، بثقة، وبإيمان، وبوعي، وبرجاء أنّ الرّبّ سيواصل مرافقته لمسيرة الكنيسة.

فلنتّحد إذًا في الحزن على وفاة هذه الشّخصيّة العظيمة، ونتّحد في الإيمان والرّجاء الّذي يجمعنا— الرّجاء في الرّبّ القائم من بين الأموات."