لبنان
21 حزيران 2021, 05:55

بالتّفاصيل... البيان الختاميّ لسينودس أساقفة الكنيسة المارونيّة

تيلي لوميار/ نورسات
في ختام سينودس أساقفة الكنيسة المارونيّة، صدر بيان جاء فيه:

"مقدّمة

1- إلتأم سينودس أساقفة الكنيسة المارونيّة في دورته السّنويّة العاديّة من 9 الى 19 حزيران 2021 في الكرسيّ البطريركيّ في بكركي بدعوة من صاحب الغبطة والنّيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكلّيّ الطّوبى، وحضور أصحاب السّيادة المطارنة الوافدين من أبرشيّات لبنان والنّطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار حاملين في قلوبهم هموم أبنائهم وشجونهم ومآسيهم وانتظاراتهم وتطلّعاتهم.

شاركوا في مرحلة أولى، من 9 إلى 12 حزيران، في الرّياضة الرّوحيّة الّتي ألقى عظاتها الأب فادي تابت المرسل اللّبنانيّ في موضوع "كنيستي إلى أين؟"، تناول فيها الشّأن الرّوحيّ والرّاعويّ والاجتماعيّ والوطنيّ لشعبنا في لبنان وبلدان النّطاق البطريركيّ الّذي يعاني من الأزمات الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة.

وفي مرحلة ثانية، من 14 إلى 19 حزيران 2021، إستهلّها صاحب الغبطة والنّيافة بكلمة افتتاحيّة استعرض فيها جدول أعمال السّينودس المقدّس، وشدَّد على أنّ كنيستنا هي "كنيسة الرّجاء تواصل مسيرتها مع شعبها لتسير أمامه في مواجهة المصاعب، وتسير في وسطه لكي تتضامن معه وتساعده، وتسير وراءه لكي تجمعه وتحمي الشّعب من التّفكّك والشّرود والضّياع".

ثمّ تدارسوا شؤونًا كنسيّة وراعويّة واجتماعيّة ووطنيّة وناقشوها بروح الأخوّة والاحترام والمشاركة والانفتاح. واتّخذوا التّدابير الكنسيّة المناسبة.  

أوّلاً: في الشّأن الكنسيّ

أ‌- الإصلاح اللّيتورجيّ

2- إطّلع الآباء على أعمال اللّجنة البطريركيّة للشّؤون الطّقسيّة الّتي قدّم رئيسها تقريرًا عنها، وتناول كتاب الإرشادات الطّقسيّة وطرحه على التّصويت. فصوّت الآباء على المواد الواردة فيه. كما صوّتوا على نقاط عالقة في رتبة الإكليل والفرض الإلهيّ.

وعالجوا إشكاليّة التّوفيق بين التّقليد والتّحديث، وبين التّراث والتّأوين، لكي تتناسب ليتورجيّتنا مع ثقافة عالم اليوم، ولاسيّما في بلدان الانتشار، وتطال الشّبيبة الّتي تصبو للحفاظ على الهويّة المارونيّة السّريانيّة الانطاكيّة.  

ب‌- التّنشئة الكهنوتيّة  

3- إطّلع الآباء على تقارير المدارس الإكليريكيّة المولجة تنشئة كهنة الغد، وهي: الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير، وإكليريكيّة مار أنطونيوس البادوانيّ كرمسده، وإكليريكيّة سيّدة لبنان في واشنطن، والمدرسة المارونيّة الحبريّة في روما. وفرحوا بافتتاح إكليريكيّة مار مارون في سيدني أستراليا الّتي ستنشئ كهنة للأبرشيّة الّتي توسّعت حدودها بمرسوم صادر عن قداسة البابا فرنسيس في 29/3/2021 لتصبح أبرشيّة أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا للموارنة حيث يتكاثر وينمو الحضور المارونيّ كنسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا.

وتوقّفوا عند التّحدّيات المستقبليّة المتجلّية في إغناء فريق الكهنة المنشئين، والانفتاح على واقع الشّبيبة ولاسيّما من النّاحية الإنسانيّة والنّفسيّة والاجتماعيّة والرّوحيّة، والتّشديد على برامج التّنشئة لتتلاءم مع حاجات الكنيسة في انتشارها العالميّ، والتّعمّق في الرّوحانيّة المارونيّة واللّيتورجيا واللّغة السّريانيّة المارونيّة، وتشجيع الكهنة على التّخصّص في المجالات الّتي تتناسب وحاجات الكنيسة.

ج- الشّؤون القانونيّة وخدمة العدالة

4- إستمع الآباء إلى تقارير خدمة العدالة في المحاكم الكنسيّة الّتي تأثّر عملها بسبب الإقفال القسريّ جرّاء تفشّي وباء كورونا من دون أن يؤثّر على إصدار الأحكام حيث اعتمدت المحاكم عقد جلسات المذاكرة عن بُعد وعبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.

وقدّر الآباء الجهود الّتي يقوم بها القيّمون على المحاكم لناحية تطوير سير العمل فيها. وأثنوا على الجهود المضاعفة الّتي تبذلها المحاكم بالتّعاون مع الأبرشيّات ومكتب راعويّة الزّواج والعائلة واللّجنة الأسقفيّة للعائلة والحياة في سبيل تعزيز خدمة مراكز الإصغاء والمرافقة والمصالحة والإعداد للزّواج وتنشئة علمانيّين وإكليريكيّين لإدارة هذه المراكز.

ثانيًا: في الشّأن الرّعويّ

أ‌- أوضاع الأبرشيّات في النّطاق البطريركيّ    

5- إستعرض الآباء أوضاع الأبرشيّات في لبنان وبلدان النّطاق البطريركيّ، وتوقّفوا عند الحاجات المتزايدة الّتي يواجهها أبناؤهم وبناتهم في ظلّ الوضع المتدهور الّذي يعرفه لبنان وسوريا، وفي ظلّ الأزمات المتراكمة والخانقة بالإضافة إلى جائحة كورونا، الّتي أوصلت شعبنا إلى حالة فقر وبطالة وعوز وأجبرت الكثير من عائلاتنا وشبابنا على الهجرة. وهي ظاهرة لها انعكاسات خطيرة على هويّة لبنان ودوره ورسالته.

قدّر الآباء ما يقوم به مطارنة هذه الأبرشيّات من جهود جبّارة بالتّعاون مع كهنة الرّعايا والعلمانيّين والجمعيّات الكنسيّة والمدنيّة في سبيل تأمين المساعدات الإنسانيّة والاجتماعيّة لتثبيت أبنائهم في أرضهم وتشجيعهم على استعادة الثّقة في أوطانهم. وتقدّموا بالشّكر من الأبرشيّات المارونيّة في الانتشار، ومن المؤسّسات العالميّة، الكنسيّة والمدنيّة، الّتي تقدّم المساعدات لدعمهم في رسالتهم.

ب‌- أوضاع أبرشيّات الانتشار

6- تداول الآباء كذلك في أوضاع أبرشيّات الانتشار وحاجات بعضها. وتوقّفوا بنوع خاصّ عند إكسرخوسيّة كولومبيا والبيرو والإكوادور، وأبرشيّة الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي والباراغواي والأوروغواي، وأبرشيّة فرنسا والزّيارة الرّسوليّة لموارنة بلدان أوروبا، وأبرشيّة نيجيريا والزّيارة الرّسوليّة لموارنة بلدان أفريقيا الجنوبيّة.

وتوقّفوا عند ظاهرة تزايد عدد الموارنة الوافدين من لبنان وبلدان الشّرق الأوسط، وطالبوا لأبنائهم المنتشرين الاعتراف بالدّور الملقى على عاتقهم والحصول على حقوقهم المدنيّة كاملةً.

وقدّر الآباء ما يقوم به مطارنة الانتشار من جهود في سبيل جمع شعبهم وتوعيته على هويّته وانتمائه وتراثه وتاريخه، وعلى إحياء اللّغتين العربيّة والسّريانيّة في المدارس والرّعايا، وعلى تشجيع أبنائهم على التّواصل مع أهلهم وبلداتهم الأصليّة بغية التّعبير عن تضامنهم ومدّ يد المساعدة لهم.

وأوصوا بأن يتعاون مطارنة الأبرشيّات والرّؤساء العامّون والرّئيسات العامّات للرّهبانيّات في لبنان والنّطاق البطريركيّ مع إخوتهم مطارنة الانتشار ليؤمّنوا لهم كهنة ومكَرّسين ومكرّسات لخدمة راعويّة وإرساليّة بعد تنشئتهم تنشئة ملائمة.    

ثالثًا: في الشّأن الاجتماعيّ وخدمة المحبّة

7- تداول الآباء في الحالة المعيشيّة المتدهوة الّتي وصل إليها أبناؤهم وبناتهم، والّتي أدّت إلى انقطاع الغذاء والدّواء والمحروقات وحليب الأطفال، وأكّدوا أنّهم يجدّدون وقوفهم إلى جانبهم وتقديم كلّ المساعدات الممكنة عبر مؤسّساتهم الكنسيّة المختصّة من بطريركيّة وأبرشيّة ورهبانيّة.

وهم يثمّنون عاليًا روح التّضامن الّتي تجلّت لدى إخوتهم اللّبنانيّين، مقيمين ومنتشرين، أفرادًا وجماعات، ولدى أصدقائهم عبر العالم، في تقديم المساعدات المعنويّة والماليّة والعينيّة إلى المحتاجين لتخفيف مآسيهم ومواجهة الحالة الكارثيّة الّتي وصلوا إليها.

8- عبّر الآباء من جديد عن تضامنهم مع إخوتهم أبناء بيروت وجميع اللّبنانيّين، وبخاصّة المتضرّرين منهم والمتألّمين والمجروحين والمشرّدين، وعن قربهم منهم ومحبّتهم لهم. وأعربوا عن شكرهم للدّول الصّديقة، والمنظّمات العالميّة الكنسيّة والمدنيّة، على تبرّعاتها السّخيّة لمساندة كنائس الشّرق.

9- وهم يرفعون الصّوت من جديد ليستنكروا تقصير مؤسّسات الدّولة المعنيّة في التّعامل مع تداعيات انفجار مرفأ بيروت الإجراميّ، وقد مرّ عليه أكثر من عشرة أشهر، أوّلاً من حيث التّباطؤ في التّحقيق وكشف الأسباب والفاعلين الحقيقيّين الّذين هم وراء هذه الفاجعة ومحاكمتهم. وثانيًا من حيث التّعويض على عائلات الشّهداء والمصابين والمنكوبين بما يحقّ لهم.

10- تداول الآباء في وضع المدارس الخاصّة، ولاسيّما الكاثوليكيّة منها، الّتي تعاني من تقصير الدّولة والأزمات المتفاقمة ومن عدم القدرة على دفع المستحقّات للهيئات التّعليميّة والموظّفين، ومن صعوبة الأهل في تسديد الأقساط المدرسيّة، ومن تدنّي قيمة العملة الوطنيّة.

لذا يجدّد الآباء مطالبتهم الملحّة الدّولة بتسديد مستحقّات المدارس، ولاسيّما المجّانيّة منها والمستشفيات والمؤسّسات الاجتماعيّة، في أسرع وقت ممكن. ويشكرون أبرشيّات الانتشار والمؤسّسات الكنسيّة والمدنيّة، العالميّة والمحلّيّة، على الإسهامات الّتي تقدّمها للمساعدة في استمرار المدارس للقيام بدورها التّربويّ والثّقافيّ والاجتماعيّ والوطنيّ الرّائد. ويطلقون النّداء إلى أصحاب النّيّات الطّيّبة والأصدقاء من أجل دعم المدارس، ولاسيّما المتعثّرة منها، بتأمين منح مدرسيّة للتّلامذة المحتاجين.

رابعًا: في الشّأن الوطنيّ

11- يؤيّد الآباء موقف أبيهم صاحب الغبطة والنّيافة البطريرك مار بشاره بطرس الرّاعي في تحرّكه الوطنيّ الهادف إلى إنقاذ لبنان بعد تعثّر التّوافق السّياسيّ وعجز المسؤولين عن تأليف حكومة إنقاذيّة تعالج الفساد وتقوم بالإصلاحات المطلوبة، وانسداد الأفق أمام إيجاد مخرج للأزمات المتراكمة والانهيار الحاصل، وذلك عبر الدّعوة إلى إعلان حياد لبنان تحييدًا ناشطًا، قناعةً منهم بأنّ حياد لبنان هو ضمان وحدته وتموضعه التّاريخيّ في هذه المرحلة المليئة بالمتغيّرات الجغرافيّة وضمانة دوره في استقرار المنطقة لاسيّما أنّ الحياد يتماشى مع الدّستور والميثاق الوطنيّ ويؤمّن الاستقرار والازدهار، وإلى عقد مؤتمر دوليّ برعاية الأمم المتّحدة لأنّها هي المخوّلة بحكم تأسيسها وقوانينها، الدّفاع عن الشّعوب المظلومة والمغلوب على أمرها، وتطبيق القرارات الدّوليّة المتّخذة والّتي لم تُطبّق حتّى الآن.

وهم يرافقون صاحب الغبطة بصلواتهم فيما يحمل القضيّة اللّبنانيّة إلى المراجع الدّوليّة والكنسيّة العليا.

12- يتقدّم الآباء بعاطفة الشّكر والامتنان إلى قداسة البابا فرنسيس الّذي يحمل همّ لبنان والحفاظ على هوّيته على الدّعوة الّتي وجّهها إلى رؤساء الكنائس في لبنان إلى لقاء يعقد في الفاتيكان في الأوّل من تمّوز المقبل تحت عنوان: "لقاء تفكير وصلاة من أجل لبنان". كلّ ذلك لأنّه يحرص، كما حرص أسلافه في الكرسيّ الرّسوليّ، على أن يبقى لبنان بلدًا رسالة ونموذجًا في الحرّيّة والدّيمقراطيّة والعيش المشترك المسيحيّ الإسلاميّ في احترام التّعدّديّة، وأن يستعيد دوره السّياسيّ والثّقافيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ بعد أن يكون أبناؤه قد توافقوا وبنوا بيتهم المشترك في دولة مدنيّة ديمقراطيّة حديثة، دولة الحقّ والمواطنة.

خامسًا: التّدابير الكنسيّة والرّاعويّة

13- أ- إنتخاب الخورأسقف سليم صفير مطرانًا لأبرشيّة قبرس المارونيّة خلفًا لسيادة المطران يوسف سويف

ب- إنتخاب سيادة المطران منير خيرالله أمين سرّ السّينودس

ج- تعيين لجنة لدراسة أوضاع الرّهبنات النّاشئة ومرافقتها من سيادة المطران بيتر كرم رئيسًا، والسّادة المطارنة حنّا علوان وميشال عون وبولس روحانا أعضاءً

د- تكليف مكتب راعويّة الشّبيبة في البطريركيّة التّحضير لسينودس خاصّ بالشّبيبة، ومكتب راعويّة المرأة التّحضير لسينودس خاصّ بالمرأة

ه- تعيين لجنة لمتابعة دعوى إعلان قداسة الشّهداء المسابكيّين من سيادة المطران غي بولس نجيم رئيسًا، والسّادة المطارنة سمير نصّار والياس سليمان وبولس روحانا وجوزف معوّض أعضاء.

خاتمة

14- في الختام يتوجّه الآباء إلى أبنائهم بعاطفة الأبوّة داعين إيّاهم إلى تعزيز التّعاون فيما بينهم بروح الخدمة لبعضنا البعض "فلا يكون بيننا محتاج"، وإلى الاتّكال على العناية الإلهيّة وإلى سماع صوت الرّوح القدس يتكلّم فيهم ويقودهم إلى التّحرّر من الخوف واليأس ليكونوا شهودًا للمسيح ورسل الفرح والرّجاء في مجتمعاتهم.

ويدعونهم إلى تكثيف الصّلوات فيما يرافقون قداسة البابا فرنسيس ورؤساءهم الكنسيّين في الأوّل من تمّوز المقبل في لقاء الصّلاة من أجل لبنان، وإلى الابتهال إلى الله بشفاعة العذراء مريم سيّدة لبنان وجميع قدّيسينا من أجل هداية المسؤولين في العالم للعمل على إيقاف الحروب وإحلال السّلام العادل والشّامل ونشر الأخوّة الإنسانيّة".