أوروبا
13 أيلول 2021, 11:50

بالتّفاصيل- البابا فرنسيس التقى وفد المجلس المسكونيّ في سلوفاكيا

تيلي لوميار/ نورسات
إلتقى البابا فرنسيس عصر الأحد في براتيسلافا ممثّلي مجلس الكنائس المسكونيّ في سلوفاكيا في مقرّ السّفارة البابويّة. وإستهلّ البابا اللّقاء بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "أنا سعيد بأن يكون الاجتماع الأوّل معكم: هذه علامة على أنّ الإيمان المسيحيّ هو، ويريد أن يكون، في هذا البلد بذرة الوحدة وخميرة الأخوّة".

وتحدّث البابا عمّا وصفه بانطلاقة جديدة "بعد سنين الاضطهاد وزمن الإلحاد، عندما كانت الحرّيّة الدّينيّة ممنوعة أو كانت في محنة شديدة وأخيرًا أصبحت متاحة ". 

وأضاف: "والآن، يجمعكم معًا جزء من الطّريق الذي فيه تختبرون كم هو جميل، ولكن في الوقت نفسه كم هو صعب، أن تعيشوا الإيمان وأنتم أحرار". 

وحذّر البابا "من خطر أن نعود عبيدًا، بل ومن عبوديّة أسوأ، ألا وهي العبوديّة الدّاخليّة". وذكَّر "بما جاء في قصّة "المحقق الكبير" في رواية "الأخوة كرامازوف" والتي يتخيّل فيها الكاتب الرّوسيّ دوستويفسكي أنّ يسوع قد عاد إلى الأرض وسُجن ويوجه إليه المحقق كلمات لاذعة متّهمًا إيّاه بأنّه أعطى أهميّة كبيرة لحرّية البشر. ويضيف المحقق "أنّ البشر على استعداد لمقايضة حرّيتهم طوعًا بعبوديّة مريحة، وهي اخضاع أنفسهم لمن يقرّر نيابة عنهم، شرط أن يحصلوا على الخبز والأمان". وهكذا وصل إلى أن يؤنّب يسوع لعدم رغبته في أن يصبح قيصرًا فيضغط على ضمير البشر ويقيم السّلام بالقوّة. بدلًا من ذلك، استمر في تفضيل الحرّيّة للإنسان، بينما الإنسان يطالب بـ "الخبز وبشيء قليل غيره"". 

وتابع البابا: "لنساعد بعضنا بعضًا لعدم الوقوع في فخّ الاكتفاء بالخبز وبشيء قليل غيره. لأنّ هذا الخطر يحدث عندما يصبح الوضع طبيعيًّا، وعندما نستقرّ ونستتب ونطمع فقط في الحفاظ على حياة هادئة. لذا، ما نهدف إليه لم يعد "حرّيتنا التي نحن عليها في المسيح يسوع، ولا حقيقته التي تجعلنا أحرارًا، بل أن نملك مساحات وامتيازات، والذي بحسب الإنجيل هو "خبز وشيء قليل غيره"".

وأردف: "هنا، من قلب أوروبا، نتساءل: هل فقدنا نحن المسيحيّين حماسة الإعلان ونبوءة الشّهادة؟ وواصل التّساؤل إن كانت حقيقة الإنجيل هي التي تحرّرنا أم أنّنا نشعر بالحرّيّة عندما نحصل على "مناطق راحة" تسمح لنا بتدبير أنفسنا ومواصلة السّير بهدوء. تساءل أيضًا إن كنا باكتفائنا بالخبز والأمن قد فقدنا الاندفاع في البحث عن الوحدة التي طلبها يسوع، الوحدة التي تتطلب حرّيّة ناضجة وخيارات قويّة والتّخلّي والتّضحيات، ولكنّها هي المقدمة حتّى يؤمن العالم." 

وشدّد البابا "على ضرورة ألا نهتم فقط "بما يمكن أن ينفع جماعاتنا، فحرّيّة الأخ والأخت هي أيضًا حرّيتنا، لأنّ حرّيتنا لا تكتمل من دونه ومن دونها".

وذكّر "بأنّ البشارة قد نشأت في هذه المنطقة بطريقة أخويّة، تحمل ختم الأخوين القدّيسَين من تسالونيقي كيرلّس وميثوديوس. هما، الشّاهدان على مسيحيّة ما زالت موحَّدة ومشتعلة بحماسة الإعلان، فليساعدانا على مواصلة المسيرة من خلال تنمية الشّركة الأخويّة بيننا باسم يسوع". كيف يمكننا أن نأمل أن تنشأ أوروبا تبحث عن جذورها المسيحيّة إذا كنّا نحن أوّل من اقتلعنا أنفسنا من الشّركة الكاملة؟ وكيف يمكننا أن نحلم بأوروبا خالية من الأيديولوجيّات إذا لم تكن لدينا الشّجاعة في وضع حرّيّة يسوع قبل احتياجات جماعات المؤمنين المنفردة؟ من الصعب أن نطالب بأوروبا يرويها الإنجيل من دون أن نقلق لأنّنا ما زلنا غير موحَّدين بشكل كامل فيما بيننا في القارّة ومن دون أن نهتمّ بعضنا ببعض. لا يمكن أن تكون حسابات المصالح والأسباب التّاريخيّة والرّوابط السّياسيّة عقبات لا يمكن إزالتها في طريقنا. ليساعدنا القدّيسان كيرلّس وميثوديوس، رائدا المسكونيّة، على بذل الجهود من أجل مصالحة التّنوّع في الرّوح القدس، من أجل الوحدة التي، من دون أن تكون توحيدًا في الشّبه والشّخصيّة، تكون علامة وشهادة لحرّيّة المسيح، الرّبّ يسوع الذي يحلّ قيود الماضي ويشفينا من الخوف وأنواع الجبن".

وأراد البابا هنا أن يتقاسم اقتراحين وصفهما بنصيحتين أخويّتين لنشر إنجيل الحرّيّة والوحدة اليوم، فقال: "إنّ النّصيحة الأولى هي التّأمّل، كون التّأمّل سمة مميّزة للشّعوب السّلافيّة، داعيًا إلى الحفاظ عليها. ودعا قداسته ممثّلي مجلس الكنائس المسكونيّ في سلوفاكيا "إلى أن يساعدوا بعضهم بعضًا على تنمية هذا التّقليد الرّوحيّ، الذي تحتاج إليه أوروبا بشدّة، والذي تتعطّش إليه على وجه الخصوص الكنيسة الغربيّة."

أمّا النّصيحة الثّانية فهي العمل، وقال: "في هذا السّياق إنّ الوحدة لا تتحقق بالنّوايا الحسنة والالتزام ببعض القيم المشتركة، ولكن من خلال القيام بشيء معًا من أجل مَن يقرّبنا بشكل أكبر من الرّبّ، الفقراء، لأنّ يسوع حاضر فيهم. إنّ المشاركة في أعمال المحبّة تفتح آفاقًا أوسع وتساعد على السّير بشكل أسرع، متجاوزين الأحكام السّابقة وسوء الفهم. لتكن عطيّة الله حاضرة على موائد كلّ واحد منّا، لأنّه، بينما لا يمكننا بعد المشاركة في المائدة الإفخارستيّة نفسها، يمكننا استضافة يسوع معًا من خلال خدمتنا له في الفقراء. ستكون علامة أبلغ من العديد من الكلمات، وستساعد المجتمع المدنيّ، وبخاصّة في هذه الفترة الصّعبة، على فهم أنّنا سنخرج كلّنا حقًّا من الجائحة فقط من خلال الوقوف إلى جانب الأضعف بيننا".