الفاتيكان
12 آذار 2025, 11:20

بازوليني: الحياة الأبديّة ليست مجرّد مكافأة مستقبليّة بل هي واقع يمكننا أن نختاره الآن

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده واعظ الكرسيّ الرّسوليّ الأب روبرتو بازوليني، خلال تأمّله الخامس في الرّياضة الرّوحيّة للكوريا الرّومانيّة، إذ نختار هذا الواقع من خلال الحرّيّة والرّجاء والثّقة بالله.

وفي هذا الإطار، يقول الرّاهب الكبّوشيّ، بحسب "فاتيكان نيوز": "إنَّ التّحدّي الحقيقيّ في مسيرتنا لا يكمن فقط في عبور الموت، بل في الاعتراف بأنّ الحياة الأبديّة تبدأ هنا والآن. كثيرًا ما نوهم أنفسنا أنّ هناك فئتين فقط من البشر: الأحياء والأموات. لكن إنجيل يوحنّا، من خلال قيامة لعازر، يكسر هذه النّظرة التّقليديّة: فالموت الحقيقيّ لا يقتصر على التّوقّف عن التّنفّس، بل يشمل أيضًا الّذين يقيّدهم الخوف، والعار، والرّغبة في السّيطرة. ولعازر، الملفوف بأكفان تقيّد حركته، يمثّل كلّ واحد منّا عندما نسمح للتّوقّعات الاجتماعيّة والأنماط الجامدة بأن تخنق حرّيّتنا الدّاخليّة.

إزاء موت أخيهما، أظهرت مارتا ومريم إيمانًا مشروطًا: "لو كنتَ ههنا، لما مات أخي". تعكس هذه العبارة فكرة إله ينبغي أن يتدخّل دائمًا لكي ينقذنا من الألم. لكن يسوع لم يأتِ لكي يلغي الألم وإنّما لكي يحوّله: "أنا القيامة والحياة". وبالتّالي فالسّؤال الحقيقيّ ليس إن كنّا سنموت؟ وإنّما إن كنّا أحياء حقًّا، من خلال الثّقة بالمسيح وكلمته.

يتجلّى هذا التّحدّي أيضًا في قصّة المرأة النّازفة، الّتي كانت تعاني لمدّة اثني عشر عامًا، لكنّها رغم كلّ شيء تجرّأت على لمس ثوب يسوع طلبًا للشّفاء. تعكس حالتها حال البشريّة جمعاء: نحن نبحث عن العلاجات، نبحث عن الحياة، لكنّنا غالبًا ما نعتمد على أوهام زائفة تتركنا فارغين. وحده اللّقاء مع المسيح قادر على أن يحقّق الشّفاء الحقيقيّ، ليس فقط على المستوى الجسديّ، بل على المستوى الدّاخليّ أيضًا: شفاء الثّقة، وراحة القلوب المتعبة.

قال لها يسوع: "يا ابنتي، إيمانك خلّصك"، موضحًا أنّ الخلاص ليس مجرّد تدخّل خارجيّ من الله، بل هو ثمرة الانفتاح على حضوره. وهذا ما ينطبق على سرّ الاعتراف وكلّ خبرة مصالحة: لا يكفي أن نقوم بفعل شكليّ، بل على قلبنا أن يستعيد ثقته بالله الّذي يريد لنا الحياة الحقيقيّة.

إنّ علامة لعازر وشفاء المرأة النّازفة يطرحان علينا سؤالًا جوهريًّا: هل نحن موتى ننتظر النّهاية، أم أحياء بدأوا في اختبار القيامة؟ إنَّ الحياة الأبديّة ليست مجرّد مكافأة مستقبليّة، بل هي واقع يمكننا أن نختاره الآن، من خلال العيش بحرّيّة ورجاء وثقة في الله الّذي يدعونا إلى ملء الحياة."