بادري بيو... رجل الصّليب!
هو القدّيس بيو، رجل القرن العشرين الّذي ميّزه الرّبّ فلبّى مطلبه وأعطاه سماته بعد سبعة أيّام من سيامته الكهنوتيّة، سمات بقيت خفيّة إلى حين انتقل إلى دير سيّدة النّعمة في سان جيوفاني- روتوندو- إيطاليا. هناك، وبعد أيّام من عيد الصّليب، وتحديدًا في العشرين من أيلول/ سبتمبر، وأثناء صلاته أمام المصلوب بعد القدّاس الإلهيّ، وكانت السّاعة بين الثّالثة عصرًا والسّادسة مساء، تملّكه شعور إلهيّ استثنائيّ وسكنه هدوء ملفت، وإذا بشخص يقف أمامه لبرهة والدّمّ يسيل قطرات من يديه ورجليه وجنبه، وعندما اختفى الأخير لاحظ الأب بيو أنّ دماء تسيل منه أيضًا. ومنذ ذلك اليوم، أضحت الجروح ظاهرة إلى العلن ترافقها آلام حادّة حاول جاهدًا إخفاءها إلى أن لاحظ سكّان الدّير أمره، فأجريت له فحوص طبّيّة وتابعه طبيب مدّة خمسة أشهر صرّح أخيرًا: "لم تسمح لي ملاحظاتي أن أطلق إسمًا طبّيًّا على هذه الجروح"، وتبيّن- بعد المراقبة- أنّ جسمه سليم، خال من أيّ مرض عصبيّ أو نفسيّ، فكات الحيرة سيّدة الموقف!
نتيجة لذلك، حمل بادري بيو صليب الاضطهادات داخل ديره: مُنع عن مقابلة المؤمنين، حُظّرت عليه الممارسات الكهنوتيّة باستثناء الاحتفال بالذّبيحة الإلهيّة وإنّما وحيدًا منفردًا. كلّها نفّذها بأمر الطّاعة إلى أن أخذ الحظر يُرفع عنه تدريجيًّا، وبات يستقطب أعدادًا هائلة من المؤمنين في كرسيّ الاعتراف حيث تمّت آيات عديدة اجترحها الله على يد من حمل جروحه وآلامه مدّة نصف قرن.
وعشيّة رحيله إلى ديار الآب، أعجوبة جديدة كلّلت مسيرة الصّليب: اختفاء آثار الجروح من جسده الرّاقد مشيرة إلى مجد القيامة الّذي يتحقّق بعد كلّ صليب.
واليوم، وفي اليوم الأوّل من تساعيّة القدّيس بيو، إجعلنا يا ربّ على مثال رجل الصّليب والسّمات الّذي رفعته على صليب هذا العالم ليجذب الكلّ إلى ابنك يسوع، إجذبنا من خلاله نحو رحمتك لنرتقي بصليبك المقدّس من الخطيئة إلى الخلاص، آمين.