علوم
22 آذار 2021, 09:40

باحثون يكشفون عن تأثير انفجار بيروت المأساوي على الغلاف الأيوني للأرض!

روسيا اليوم
في أوائل شهر أغسطس الماضي، شهد السّكّان بالقرب من مرفأ بيروت اللّبنانيّ واحدًا من أكبر الانفجارات غير النووية المسجّلة، مخلّفًا مئات القتلى وآلاف الجرحى.

والتقطت أجهزة الاستشعار في أماكن بعيدة مثل تونس وألمانيا، الدوي العميق، وسجّلت المحطّات الزلزاليّة على بعد 500 كيلومترًا، الهزّة.

والآن، اتضح أنّ انفجار بيروت تسبّب في اهتزاز أعلى طبقات الغلاف الجوي، ويمكن للبيانات الناتجة أن تفيد الجهود المستقبليّة لمراقبة تجارب الأسلحة.

وقاس باحثون من المعهد الوطني للتكنولوجيا في الهند، Rourkela، وجامعة "هوكايدو" في اليابان، الاضطرابات الكهربائيّة في طبقة الأيونوسفير، ووجدوا أنّ الانفجار كان مشابهًا لتأثير العديد من الانفجارات البركانيّة.

ويقول كوسوكي هيكي، عالم الأرض والكواكب من جامعة "هوكايدو": "وجدنا أنّ الانفجار أدّى إلى نشوء موجة تحرّكت عبر طبقة الأيونوسفير باتّجاه الجنوب، بسرعة حوالي 0.8 كيلومتر في الثانية".

ويبدأ الغلاف الأيوني بزهاء 50 كيلومترًا، ويمتدّ إلى الفضاء على بعد مئات الكيلومترات، ويتميّز بأعداد كبيرة من الإلكترونات الحرّة التي تنطلق من جزيئات الغاز بواسطة الإشعاع الشّمسي.

واستخدم الفريق اختلافات على مراحل ضمن إرسالات الموجة الصغرى، المرسلة من قبل النظام العالمي للملاحة الفضائية (GNSS) في يوم الانفجار، لحساب التغيرات في توزيعات الإلكترونات، والتي بدورها تشير إلى وجود موجات صوتيّة عبر الغازات.

وهذه خدعة استخدمها العلماء منذ ظهور شبكات الأقمار الصناعيّة في التسعينيات، لقياس التموّجات التي تجتاح الروافد العليا من غلافنا الجوي، لملاحظة الإشارات الدقيقة لأي شيء من البراكين إلى التجارب النوويّة المارقة.

وحدثت إحدى أولى الغزوات التجريبيّة لاستخدام تقنيّة الأقمار الصناعيّة لتحديد المواقع العالميّة (GPS) لقياس الانفجارات السطحية، في منتصف التسعينيات، حيث استفاد العلماء من ثلاثة انفجارات ضخمة تحت الأرض في منجم للفحم في وايومنغ، الولايات المتحدة، لدراسة كيفيّة استجابة طبقة الأيونوسفير .

ومع ذلك، فإن العثور على الآثار الباهتة لانفجار بيروت في هذه الحالة، لم يخل من قدر ضئيل من الحظ. ومع وقوع الحدث في وقت مبكر من المساء وقريبًا من غروب الشمس، ربما تكون مخالفات الغلاف الأيوني، تسمى فقّاعات البلازما الاستوائيّة، قد حجبت الإشارة تمامًا.

ولحسن الحظ، لم تكن هناك علامات على وجود هذه الفقاعات في ذلك الوقت، ما أعطى العلماء صورة واضحة نسبيا للانفجار وهو ينزلق عبر الغلاف الجوي العلوي بسرعة الصوت.

وقارن الباحثون تأثير انفجار بيروت على طبقة الأيونوسفير مع الندوب المماثلة التي خلفها عدد من الانفجارات البركانية الأخيرة في اليابان، ووجدوا أنها قابلة للمقارنة إلى حد ما. وفي حالة ثوران بركان "أساما" في وسط اليابان عام 2004، يعتبر انفجار بيروت أكثر تأثيرًا بكثير.

وعلى الرغم من أنه أضعف قليلًا من انفجارات 1.5 كيلو طن، التي دُرست كل تلك العقود الماضية في منجم وايومنغ، إلا أن حقيقة حدوث هذا الانفجار على سطح الأرض أعطته مسارًا غير معوق نحو السماء، مع إطلاق للطاقة واضح في البيانات.

ويوفر بناء قاعدة بيانات للتأثيرات الصوتية التي يمكن أن يكتشفها نظام GNSS، للعلماء والسلطات وسيلة لمراقبة الديناميات الجيولوجية لعالمنا.

 

ونشر هذا البحث في التقارير العلمية (Scientific Reports).