الآباء الفرنسيسكان احتفلوا باليوبيل الذهبي للأب حليم نجيم ببركة البابا فرنسيس
شارك في القداس السفير البابوي المونسنيور غابريللي كاتشا، رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، النائب الرسولي الجديد للاتين في لبنان المطران سيزار ياسيان، النائب الرسولي السابق للاتين في لبنان المطران بولس دحدح، وحضور الرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والرهبان والأهل والمؤمنين.
أبو خازن
قبيل بدء القداس كانت كلمة للمطران جورج أبو خازن جاء فيها: "أيها الأخوة والأخوات، فيما نحتفل بالكهنوت الذهبي للأب حليم نجيم، هذا الكاهن والوكيل العاقل الأمين والمجهتد، صاحب القلب الطاهر والكبير، الذي لا يعرف إلا المحبة والغفران، والملتزم الحقيقة والحق دون مراعاة الوجوه "الحق الذي يحرر". فلنذكر خطايانا ونندم عليها ونصلي من أجل الأب حليم ليمنحه الله نعمة الثبات في القداسة وطول الأيام والقوة على حمل صليبه الحاضر ونصلي من أجل الدعوات الكهنوتية والرهبانية".
باتون
وبعد الإنجيل المقدس ألقى الأب باتون كلمة توجه فيها الى الأب حليم، فقال: "باسم جميع رهبان حراسة الأراضي المقدسة، أتقدم منك بأحر التهاني لمناسبة يوبيلك الكهنوتي الذهبي. ان الاحتفال بهذا الحدث هو مناسبة لفرح كبير جدا لكنه أيضا مناسبة نمجد فيها الله، العلي، القدير الكلي الصلاح، الذي هو أساس كل دعوة ومنبع كل صلاح، لأنه إله الرحمة وفيه الصلاح الأسمى".
وتابع: "انها لأهمية كبرى أن نحتفل في هذه المناسبة بصلاح الله وأمانته، انه هو الذي دعا الأب حليم من سنوات عديدة إلى الحياة المكرسة في رهبنة الأخوة الأصاغر، وأغنى دعوته هذه بسر الكهنوت المقدس. واعتقد انه يمكن للأب حليم أيضا من خلال استعادته لفصول حياته أن يخبرنا عن حضور الله فيها كما فعل القديس فرنسيس الأسيزي في وصيته. ويعدد لنا المواقف والأوقات الكثيرة التي اختبر فيها حضور الله معه، رحمته، وكثرة صلاحه. واعتقد ايضا انه يمكننا أن نردد بعد كل واحدة من هذه المراحل الازمة الموجودة في المزمور 135 (136): "إحمدوا الرب لأنه صالح، لأن إلى الأبد رحمته.
عندما نقرأ في كتابات القديس فرنسيس ونتأمل فيها نجد أفكارا روحية كهنوتية جميلة جدا ومتعددة. هو الذي لم يكن كاهنا لا ينفك يحدثنا عن جمال وأهمية الدعوة إلى الكهنوت وعن عظمة هذه الخدمة المشرفة التي دعانا الرب إليها. في وصيته ورسائله يعيد إلى ذاكرتنا أهمية الرابط بين الكاهن والكنيسة، وحاجاتنا إلى سري الإفخارستيا والمصالحة اللذين يهبهما لنا الله بواسطة يدي الكاهن وكلماته. وبأن ابن الله الذي قد تصاغر وتجسد في حشاء البتول مريم لا يزال يكمل الآن عمله هذا من خلال حضوره على المذبح بين يدي الكاهن".
وقال باتون: "في رسالته إلى كل الرهبنة يكتب لنا الأب الساروفي كلمات جميلة وعميقة جدا يدعونا فيها إلى العيش بحسب الكرامة التي وهبنا إياها الله من خلال الدعوة إلى سر الكهنوت. إسمحوا لي أن استعيدها الآن معكم في مناسبة اليوبيل الكهنوتي هذا: "وإنني أرجو، أيضا، في الرب، جميع إخوتي الكهنة، الذين هم الآن، والذين سيصبحون، والذين يرغبون في أن يكونوا كهنة العلي: كلما شاؤوا الإحتفال بالقداس، فليكونوا أنقياء، وليقيموا، بنقاوة ووقار الذبيحة الحقيقية، ذبيحة جسد ربنا يسوع المسيح، ودمه، الكلي القداسة، بنية مقدسة وطاهرة، لا لأي غرض أرضي، ولا خشية من أي إنسان أو حبا له، أو التماسا لرضى البشر. بل فلتكن كل إرادتهم، بقدر ما تؤازرها النعمة الإلهية، متجهة نحو الله، ولا تحدوها سوى رغبة إرضائه وحده، الرب الأسمى، فهو وحده يعمل، كما يشاء.
ويضيف قائلا: "اسمعوا، يا إخوتي: إن كانت العذراء الطوباوية مكرمة إلى هذا الحد، كما يليق بها، لأنها حملته في أحشائها الكلية القداسة؛ وإن كان المعمدان الطوباوي قد ارتعد، ولم يجرؤ على مس رأس الله المقدس؛ وإن كان القبر الذي رقد فيه، فترة، مكرسا؛ فكم بالحري أن يكون قديسا، وبارا، وأهلا، من يمس المسيح بيديه، ويتناوله في قلبه، وفي فمه، ويقدمه للآخرين كي يتناولوه، ليس بصفته كائنا ميتا، بل بصفته حيا وممجدا إلى الأبد، هو الذي تشتهي الملائكة أن تمعن النظر فيه".
وتابع: "تأملوا كرامتكم، إخوتي الكهنة، وكونوا قديسين، لأنه هو قدوس. وكما كرمكم الرب الإله، فوق الجميع، بسبب هذه الخدمة، كذلك، أنتم، أحبوه، ووقروه، وكرموه فوق الجميع. كبير هو بؤسكم، وبائس هو وهنكم، عندما يكون لكم حاضرا إلى هذا الحد، وأنتم مهتمون بأي أمر آخر، من أمور الدنيا كلها.
ويختتم الأب السيرافي رسالته هذه بنداء عاطفي يلهب قلب كل إنسان إذ يقول ان هذه الأمور كلها ليست من واجب الكهنة فقط إنما هي واجب كل رجل وإمرأة في هذا العالم: "فليخش الإنسان بكليته، وليرتعد العالم كله، ولتبتهج السماء، عندما يكون المسيح، ابن الله الحي، على المذبح، في يد الكاهن. يا للعلو العجيب، والمكانة المذهلة! يا للتواضع السامي! ويا للسمو المتواضع! أن يتضع رب الكون، الله، وابن الله، بحيث يتوارى، من أجل خلاصنا، تحت شكل الخبز البسيك! انظروا، يا إخوتي، إلى تواضع الله، واسكبوا قلوبكم أمانة؛ اتضعوا، أنتم أيضا، لكي ترفعوا به. لا تحتفظوا، إذا، لذواتكم بشيء منكم، لكي يتقبلكم كليا، من يهبكم ذاته كليا".
وختم: "لقد بدأت كلمتي هذه بتقديم التهاني باسم حراسة الأراضي المقدسة للأب حليم ولكني الآن أريد أن أنهيها بتقديم الشكر له باسمها أيضا: شاكرا لك أيها الأب العزيز حليم، لأنك تجاوبت مع دعوة الله لك بكل سخاء. شكرا لأنك أجبت عليها طيلة خمسين عاما. شكرا لأنك أجبت عليها من خلال الخدمات الكثيرة التي أوكلت اليك وأتممتها بكل سخاء. شكرا من أجل السنين التي أمضيتها في خدمة مدارس حراسة الأراضي المقدسة وفي التعليم. شكرا لكل الطاقات التي وضعتها في خدمة المجلس العام لحراسة الأراضي المقدسة، وفي المجلس إقليم القديس بولس. شكرا للجهود التي قمت بها على صعيد الحوار بين الأديان لكي تبني جسورا من السلام.
إن الآب السماوي الذي يرى في الخفية ولا ينسى أي خدمة أو عمل تم من أجل محبته، يكافئك ببركته ويفيض عليك كل نعمة، ويعطيك الصحة ويكون لك عضضا كي تشهد للدعوة الفرنسيسكانية والكهنوتية في الكنيسة، من أجل خير الإخوة وخلاص الإنسانية".
كاتشا
أما المونسنيور كاتشا فتلا البركة الرسولية وجاء فيها: "قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس يمنح الأب حليم نجيم بركته الرسولية لمناسبة مرور 50 سنة على سيامته الكهنوتية وعلى الخدمة الكهنوتية التي ما زال يقوم بها بأمانة لتعاليم الكنيسة ويعهد به إلى القديس فرنسيس. ويمنح قداسته بركته الرسولية حراس الأراضي المقدسة، الرعاة، الأهل، والأصدقاء وجميع المشتركين بسر الإفخارستيا في مناسبة سنة الرحمة الإلهية 2016".
نجيم
ثم ألقى الأب نجيم كلمة فقال: "بداية، في هذه المناسبة، أوجه شكري لله الذي أخصني بهذه النعمة التي لا أستحقها، وإنما كانت هبة مجانية منه تعالى. وأملي أن أكون قد تجاوبت معه، ولم تكن نعمة الله في باطل.
ثم أقدم شكري وامتناني إلى اسرتي وعائلتي التي أنتمي إليها وإن كان آخر اثنين توفيا أخيرا في أقل من شهر ولم يبق من عائلة والدي إلا أنا الجالس أمامكم.
وأشكر عائلتي الثانية الفرنسيسكانية التي احتضنتني لسنين عديدة، وأعدتني وربتني خير تربية وهيأتني لتحمل المسؤوليات التي قمت بها، وأرجع كل نجاحاتي إلى الله الذي أغرقني بنعمه، بينما إخفاقاتي أرجعها إلى عدم إمتثالي لصوت الضمير صوت الله الذي يدوي في داخلي مؤنبا وأحيانا كانت توبيخاته قاسية ومؤلمة، ولكن هذا ما كنت أستحقه لعدم تجاوبي مع نعم الله. فشكرا وألف شكر لك يا صاحب السيادة الأب فرنسيس باتون، رئيسنا في حراسة الأراضي المقدسة. وشكرا للرهبان الذي معي في هذا الدير وفي هذا الاحتفال وللذين كان بودهم الحضور معنا ولكن لظروف مختلفة لم يستطيعوا".
وتابع: "شكرا يا صاحب السيادة السفير البابوي في لبنان وللهدية التي غمرتني بها اليوم على غير علم مني فكانت مفاجأة ظريفة وجميلة لن أنساها ما دمت حيا. شكرا، يا أصحاب السيادة المطارنة المطران بولس صياح والمطران جورج أبو جوده، والرؤساء العامين والرئيسات العامات والرهبان والراهبات والشعب المؤمن والمحبين الكثر لحضوركم اليوم هنا معنا تحت ظلال قديس الشعب مار أنطونيوس البادواني وبحماية سيدة لبنان وسلطانة الرهبانية الفرنسيسكانية.
وماذا أقول لك يا سيادة المطران جورج أبو خازن، يا رفيق الدرب، القلب المحب يسمع دقات قلب من يحب. وهذا يكفي عن الكلمات العديدة، وابتسامتك التي لا تفارق ثغرك فهي الدلالة على عمل نعمة الله فيك.
ولا نستطيع ان ننسى مطراننا الجديد الأب سيزار. نشكر العناية الإلهية التي اختارتك بواسطة قداسة الحبر الأعظم فرنسيس، ونهنىء أنفسنا لهذا الاختيار، ونقدم لك الطاعة والولاء من الآن. وأنت خير خلف لخير سلف، فشكرا يا سيادة المطران بولس دحدح لكل ما قمت به من أعمال في حقل الرب والله يكافئك على الخير الذي قدمته لكنيسة المسيح في لبنان".
وقال: "خمسون عاما مضوا لسماع صوت المطران يدوي في أذني: أنت كاهن إلى الأبد. خمسون عاما مضوا وأنا أقيم الذبيحة الإلهية، لتقديس نفسي ونفس من يشترك معي. خمسون عاما مضوا وأنا أسمع الناس ينادوني: أبونا. خمسون عاما مضوا وأنا أعمل في حقل الرب، لخلاص النفوس التي افتداها يسوع على الصليب".
وختم الأب نجيم: "واليوم استرحم الله وأقول: إنني أمدحك وأشكرك، أيها الآب، الذي منذ الأبد أحببتني. أيها الإبن، الذي اخترتني ودعوتني لأشترك بكهنوتك الأبدي. أيها الروح القدس، الذي غمرتني بنعمك، وكرستني بمسحتك المقدسة. وأنت يا مريم يا أم المسيح، أنت التي قبلتيني تحت الصليب كأبن لك مع الرسول يوحنا، تابعي سهرك علي واغمريني بعطفك. إليك أكرس بقية السنين التي يهبني إياها الله. كوني بجانبي في حياتي، ساعديني كي أتمم ما يطلبه مني يسوع، الذي ولد منك ليخلص الإنسان. أيها المسيح أنت رجائي وخلاصي. أمح مآثمي، وانشلني من عسراتي. يا مريم أمي، أنت ملجئي وسندي... آمين".
وفي الختام، تسلم الأب نجيم البركة الرسولية من المونسنيور كاتشا وهدية من الأب باتون، وتقبل التهاني في باحة الكنيسة.