النّدوة الثّانية لإطلاق "أحد كلمة الله" و"أسبوع الكتاب المقدّس الثّاني عشر" عُقد في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، ماذا عن تفاصيلها؟
داية رحّب أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري، وقال: "الرّجاء هو أساس الإيمان المسيحيّ، منذ ولادة السّيّد المسيح واكتمل في سرّ القيامة. نحن أبناء الرّجاء نترجّى ما هو صالح على هذه الأرض والحياة الأبديّة مع الآب السّماويّ. سوف تتمحور هذه النّدوة حول السّنة اليوبيليّة، سنة الرّجاء، العناوين الأساسيّة للتّحضير للأسبوع المقدّس تتمحور حول: حجّاج الرّجاء، التّربية على الرّجاء ومفهوم الرّجاء في الكتاب المقدّس".
وشكر جمعيّة الكتاب المقدّس الّتي "تعمل باندماج مع المؤسّسات واللّجان الكاثوليكيّة بشخص الدّكتور مايك بسوس، ونسعى دائمًا جميعًا لنحمل كلمة الله إلى كلّ العالم بالرّجاء والفرح حتّى نكون بحقّ أبناء الرّجاء". ونوّه "بشرعيّة الجمعيّة بعد حوالي أربعين سنة من التّعاون من كلّ أركان الكنيسة ما جعل منها مثالًا يحتذى فيه للعائلة المسكونيّة الّتي نحن نصلّي من أجلها خلال أسبوع الصّلاة لوحدة الكنائس".
وهنّأ بعيد مار أنطونيوس، وتمنّى "لكلّ الرّهبان أن يجدّدوا في هذا العيد نذورهم الّتي هي نذور العفّة والطّاعة والفقر".
ثمّ ذكر أمين عامّ جمعيّة الكتاب المقدّس مايك بسوس بالنّشاطات من خلال النّدوات الثّلاث تحضيرًا لأحد كلمة الله في 26 كانون الثّاني بعنوان "رجاؤنا بكلامك"، كما سيتمّ إطلاق مؤتمر بيبليّ تحت عنوان "الرّجاء لا يخيّب"، مع انطلاق نشاطات أسبوع الكتاب المقدّس والتي تنتهي في 2 شباط المقبل مع الـAPECL Jeune في الرّبوة.
من جهته تحدّث المطران بقعوني عن السّنة اليوبيليّة "حجّاج الرّجاء" وقال: "عندما أطلق قداسة البابا فرنسيس سنة اليوبيل 2025 اختار عنوان "الرّجاء لا يخيّب" من خلال الواقع الّذي تعيشه البشريّة على الصّعيد الشّخصيّ والاجتماعيّ والوطنيّ، ووجود حاجة أن يوجّهنا الرّوح القدس نحو كيفيّة أنّ عيش الرّجاء نتيجة الظّروف والأحوال الّتي نواجهها".
وأشار إلى أنّ "الرّجاء هو دائمًا عند الإنسان نتيجة رغبة وانتظار للخير الّذي سيحصل على الصّعيد الرّوحيّ، وطبعًا في النّهاية الحياة الأبديّة مع الرّبّ، ولكن إلى حينها ينتظر الإنسان أن ينمو في الحكمة، في الصّلاح، في معرفة مشيئة الله في تطبيق الوصايا، ولكن أيضًا يرجو أن يعيش حياة جيّدة في بلده ومجتمعه، وأن يرى تحسّنًا على جميع الصّعد، وأن يتجلّى هذا اليوبيل سنة رضى الرّبّ أن تظهر في يوميّات المجتمع، لذلك طلب قداسة البابا هذه السّنة أن يملأ الرّجاء قلوبكم، فالنّاس بحاجة إلى هذا الرّجاء، والرّجاء يتطلّب إيمانًا وصبرًا، لأنّنا في يوميّاتنا نعيش الاطمئنان والإحباط، نعيش الثّقة والقلق، نعيش دائمًا تضاربًا في المشاعر نتيجة ظروف الحياة".
وقال: "كثر منّا يريدون أن يجدّدوا الرّجاء في حياتهم، فالرّجاء هو مرسال لنا ونحيي رجاءنا بإيمان متوقّع واثق أنّ الخير آت على مختلف الصّعد. أن نجدّد الثّقة بالرّبّ، الصّبر والتّأكيد أنّ راعينا وإلهنا لا يتركنا. نعيش اليوبيل ببداية التّوبة والغفران. نتمنّى أن تقودنا كلمة الله لنرجو من جديد وألّا نستسلم للمصائب والآلام”.
وعن كيفيّة أن نكون حجّاج رجاء قال: "يمكننا أن نحجّ الحجّ الفعليّ من خلال مسيرة من أماكن مقدّسة وصولًا إلى المكان الّذي ننال فيه الغفران الكامل، مسيرة روحيّة عمليّة من خلال الأبرشيّات والرّعايا، وممكن أن تكون هذه المسيرة محلّيّة لمسيرة الحجّ"، وأكّد أنّ "جميع أفراد جمعيّة الكتاب المقدّس يحيون الرّجاء بشهادة شخصيّة، كما أنّ عمل الجمعيّة يتمحور حول كلمة الله، وحيث كلمة الله هناك الرّجاء، وكلمة الله تؤدّي إلى الاختبار الشّخصيّ لمحبّة الله لنا، وهذا الاختبار الشّخصيّ يجعلني أحبّ الله وأثق به في وقت الأزمات والشّدّة، فالرّجاء لا يخيّب صاحبه. جمعيّة الكتاب المقدّس في ظلّ كلّ الظّروف تنشر كلمة الله، وخاصّة نحن اليوم في أسبوع الصّلاة من أجل وحدة الكنائس، هذه الحياة المسكونيّة في جمعيّة الكتاب المقدّس تعطي رجاء وشهادة لإمكانيّة الوحدة بين المسيحيّين”.
من جهته شدّد الأب نصر على أنّ "المعلّم يستطيع أن يكون من حجّاج الرّجاء عندما يعمل على مستويين أوّلًا العمل على ذاته حتّى ينمّي الرّجاء فيه، وكي يحافظ على الرّجاء الموجود في قلبه، لأنّ المعلّم مدعوّ أن يكون المثال والقدوة أمام مجموعة التّلاميذ، فلا يمكن أن يكون فاقد الرّجاء ويعطي الرّجاء، يجب أن يكون مليئًا بالرّجاء ويعيشه فعلًا كي يستطيع بثّ وتنمية جوّ الرّجاء في التّلاميذ الّذين هم أمانة بين يديه".
وقال: "لكي نغوص أكثر في كيفيّة أن يكون المعلّم من حجّاج الرّجاء، استشهد بكلمة قداسة البابا فرنسيس في الميلاد 2024 الّتي توجّه فيها إلى الجمعيّة الإيطاليّة للمعلّمين الكاثوليك في إيطاليا والّتي قال فيها إنّ "المعلّم مدعوّ أن يتبنّى أسلوب الله التّربويّ مع تلاميذه. هذا الأسلوب التّربويّ مبنيّ على محاور وقيم ثابتة من التّواضع والمجّانيّة والاستقبال، تربية على العطاء، هي دعوة إلى العيش معًا مع الآخرين ضمن مشروع أخوّة عالميّة".
وأشار إلى أنّ "قداسة البابا ركّز على نقطتين في هذا المشروع التّربويّ: العائلة وكرامة الإنسان، اللّذين هما الأساسين للتّربية". وشدّد على أنّه "علينا، كأبناء العائلة التّربويّة أن نكون حجّاج الرّجاء حتّى تصبح المدرسة واحة رجاء وننمّي فينا الخير".
وقال: "بما أنّنا نعمل ضمن إطار مدرسة كاثوليكيّة، فالرّجاء ينبع من مستويين أوّلًا مستوى الإيمان الّذي ينبغي على المدرسة الكاثوليكيّة أن تنمّيه عند الطّلّاب والمستوى الإنسانيّ وهو مهمّ جدًّا لأنّنا عندما نساعد الإنسان في عقليّته ونفسيّته وجسده وصحّته، عندما نساعده على تخطّي الصّعوبات نكون ساعدنا في تنمية الرّجاء فيه".
وإختتم: "التّربية على الرّجاء، هي تربية هادفة، مثمرة، نرجو دائمًا منها أن تعطي الثّمار الحسنة، الفضائل والأخلاق الّتي هي زينة الإنسان والمواطن المسؤول القائد الّذي يتفاعل إيجابًا مع مجتمعه وبيئته ويضع كلّ إمكاناته في خدمة الوطن حتّى ينهض من جديد".
أمّا الأب صقر فاعتبر أنّ "من تحديدات الرّجاء أنّه فضيلةٌ إلهيّة تتخطّى الأمل السّطحيّ لتفتح قلب المؤمن على الفرح الأبديّ رغم المحن؛ فالرّجاء ضرورة نفسيّة للمؤمن النّاظر بتفاؤل نحو المستقبل".
وأشار إلى أنّه "في العهد القديم، ارتبط الرّجاء بالوعود الثّلاثة الّتي أعطيت لابراهيم: أرض، نسل كثير والمسيح المخلّص، أمّا الرّجاء الجديد الأبديّ فهو عندما يتطلّع الشّعب إلى اليوم الّذي فيه تمتلئ الأرض من معرفة الله ويتدفّق غنى الأمم نحو أورشليم السّماويّة (أش 61)، في ذلك المستقبل ستكون عبادةٌ كاملة للإله الواحد، يُنزع من إسرائيل قلبُ الحجر ويوضع مكانه قلبٌ من لحم".
ولفت إلى أنّ "في العهد الجديد، أعلن يسوع مجيء ملكوت الله في العالم (مت 4: 17). إلّا أنّ الملكوت هو حقيقة روحيّة لا يمكن بلوغها إلّا بالرّجاء، فلكي يكون رجاء إسرائيل كاملًا، لا بدّ له من أن يزهد في كلّ الوجه المادّيّ من انتظاره. ومن جهة أخرى، بالرّغم من أنّ الملكوت حاضرٌ في وسطنا، إلّا أنّه لا يزال مستقبَلًا، ويستمرّ موجّهًا أنظار المؤمنين إلى الحياة الأبديّة والمجيء الثّاني لابن الإنسان". وشدّد على أنّ "رجاء المسيحيّين ينبغي أن ينتصر من خلال الالتزام ببناء حضارة المحبّة، فالرّجاء هو الالتزام ببناء عالم جديد يحقّق نبوءات العهد القديم تحقيقًا كاملًا ونهائيًّا".