لبنان
25 نيسان 2024, 13:15

المونسنيور موراديان: تاريخنا هو تاريخ شعبٍ شهيد

تيلي لوميار/ نورسات
"تاريخنا هو تاريخ شعبٍ شهيد، قائم من بين الأموات". كلماتٌ للمونسنيور باتريك موراديان النائب البطريركيّ العامّ لأبرشيّة بيروت البطريركيّة ضمن كلمته في ختام القدّاس الإلهيّ الذي ترأّسه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، في باحة مدرسة القدّيس غريغوريوس المنوّر في الجعيتاوي في 24 نيسان (أبريل) 2024، لتكريم الشهداء الأرمن الذين سقطوا بفعل الإبادة الجماعيّة منذ مئةٍ وتسع سنوات".

 

وقال المونسنيور موراديان: "في الحرب العالميّة الأولى، وقعت المأساة الأكبر في التاريخ الأرمنيّ الحديث. ففي خلال السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطوريّة العثمانيّة، قرّرت حركة "تركيا الفتاة" إبادة العرق الأرمنيّ"، مشيرًا إلى أنّه "في تلك الأيّام، كان يعيش مليونا أرمنيّ في المقاطعات الست لأرمينيا التاريخيّة وفي مختلف مدن الإمبراطوريّة العثمانيّة".

وذكّر أنّ إبادة الشعب الأرمنيّ  بدأت في 24 نيسان 1915، باعتقال نخبة من المثقّفين والأرمن البارزين في اسطنبول ونَفْيِهم. كما تمّت محاكمة العديد منهم وشنقهم."، مشيرًا إلى أنّ العثمانيّين الأتراك نفّذوا مخطّطهم على مليوني أرمنيّ بالإجلاء والنفي والمعاناة القاسية والموت."

وتابع المونسنيور: "يعجز الخيال البشريّ عن وصف معاناة الشعب الأرمنيّ والاضطهاد الذي عاناه محتملًا ذلك بصبرٍ ورضا على أرضه الأمّ، أي على أراضي أرمينيا الغربيّة ومن ثمّ على كامل مساحة كيليكيا. مليون ونصف مليونٍ من الشعب الأرمنيّ استشهدوا من أجل محبّتهم للمسيح. أولئك اختاروا ومن دون أي تردّد الموت على أن يُنكروا ربّهم أو يبدّلوا ديانتهم. في تلك الأيّام، ارتجف العالم أمام تلك الفظاعة...ولكنّه ظلّ صامتًا."

وأضاف: "فقط قداسة البابا بنيدكتوس الخامس عشر رأس الكنيسة الكاثوليكيّة، رفع صوته في 6 كانون الأوّل (ديسمبر) 1915، بقلب مُثقل بالألم لوقف تلك الإبادة والاستشهاد وأدان العمل الأسود للقائمين به بالشهادة التالية: "إنّ الأمّة الأرمنيّة البائسة تُقاد إلى الفناء". وعلى الفور، أرسل البابا رسالة الى السلطان محمّد الخامس، عبر سفيره في اسطنبول، "يطلب فيها إنقاذ الأبرياء الباقين. إلّا أّن طلعت باشا اتّخذ الإجراءات كافّة كي لا تصل الشكوى إلى السلطان. وبعد مرور ثلاثة أشهر فقط علم السلطان بالأمر، لكنّ خطّة الإبادة كانت أوغرت في التقدّم. كما لاحظ السلطان أنّ الادعاء المقدّم من الأب الأقدس كان صارما للغاية".

وتابع:"أثناء جلسة الاستماع إلى ممثّلين عن الشعب الأرمنيّ في روما، أعلن البابا بنديكتوس الخامس عشر والدموع في عينيه ما يلي: "لقد علمنا بالحادث بعد فوات الأوان، لكنّنا وجّهنا كلمة إدانتنا".

وأوضح المونسنيور موراديان، أنّهم "طالبوا في مذكرة السلام التي قدّمتها الأمم (في 1 آب 1917) فيها بالحلّ العادل للأمّة الأرمنيّة كشرط للسلام الدوليّ"، مؤكّدًا: "نعم، لقد كانت الحكومة العثمانيّة مصمّمة على إبادة الشعب الأرمنيّ، لكنّ قرار الله كان مغايرًا فالله لا ينسى الظلم الذي تعرّض له الشعب الأرمنيّ".

 

وقال أيضًا إنّه و"بعد مرور قرن على ذلك التاريخ، في عام 2015، وفي الذكرى المئويّة للإبادة، في روما أيضًا، أعلن البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكيّة من تحت قبّة كاتدرائيّة القدّيس بطرس، للعالم أجمع، صوت الحقيقة، مؤكّدا أنّ ما حدث قبل مئة عام، شكّل "الإبادة الجماعيّة الأولى التي تُرتكب في القرن العشرين"، مشيرًا إلى أنّه "التاريخ عينه ومن الكرسي المقدّس الأمّ في إتشميادزين، أعلنت الكنيسة الأرمنيّة رفع شهداء الإبادة الأرمنيّة، إلى مصاف القدّيسين".

وتابع المونسنيور:" لا يمكننا أن ننسى من ناحيةٍ الاستشهادَ والتهجير، ومن ناحية أخرى، الشرّ الذي ارتُكب ضدّ اللغة والثقافة والعقيدة الأرمنيّة، واقتلاع أمّة بأكملها من أراضي أجدادها، لا يمكننا أن ننسى، حتّى بعد مرور قرون. يجب أن يعلم مرتكب الإبادة الجماعيّة والمجتمع الدوليّ أنّ الأمّة الأرمنيّة ستستمرّ في المطالبة بحقوقها العادلة بغض النظر عن الظروف المحيطة بنا، مهما كانت السنوات طوال ومهما أبعدتنا عن تاريخ الإبادة الجماعيّة الأرمنيّة. ومن الواجب الأخلاقيّ للمجتمع الدوليّ أن يعترف بالظلم التاريخيّ الذي تعرّض له السكّان المدنيّون الأرمن."

وفي الختام، وضعت الأكاليل على النصب التذكاريّ لشهداء الأرمن.