متفرّقات
17 أيار 2023, 06:45

المعهد الفني الأنطوني افتتح مؤتمر "الفن المسيحي بين المعاصرة والتقليد"

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح المعهد الفنّي الأنطوني مؤتمر "الفن المسيحي بين المعاصرة والتقليد" في دير سيدة البير - بقنايا، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلًا بالمطران سمعان عطالله، في حضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، العميد جورج شريم ممثلًا وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، العقيد فخري شقير ممثلًا قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، الرائد آلان داغر ممثلًا المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري والنقيب جو عيد ممثلًا المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، المحامية مي خريش ممثلة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، ممثل الرئيس العام للرهبانية الأنطونية المارونية الأب المدبر جوزف بورعد، الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الأنطونيات الأخت نزها الخوري، وشخصيات روحية وديبلوماسية وإعلامية وفنية وقضائية واجتماعية.

بداية النشيد الوطني فكلمة الافتتاح للإعلامي نخلة عضيمة قال فيها: "يقولون أنّ لبنان الجميل انتهى ويقولون أنّ الثقافة والفن فيه نحو الاندثار، لهؤلاء نقول أنتم لبنان الجميل ومؤتمر الفن المسيحي بين المعاصرة والتقليد الذي ينطلق اليوم هو لبنان الجميل، وهذا الجمع رد مباشر وإثبات أنّ لبنان الرقي والإبداع لا يموت، إنّه المؤتمر المناسب في الزمن المناسب فهو يحاكي الروح في زمن يعيش فيه اللبنانيون ظروفًا صعبة ومصيرية".

 

بوعبود

ثم كانت كلمة لمدير المعهد الفنّي الأنطوني ونقيب الإيقونوغرافيين في لبنان الأب شربل بو عبود فقال: "في هذا المؤتمر، سنعبّر عن امتناننا للتقاليد الفنّيّة التي ساهمت في نشر قيم ورسائل المسيحية على مرّ العصور. وفي الوقت نفسه، سنفتح النقاش حول التحديات والفرص التي يواجهها الفن المسيحي في العصر الحديث، ونستكشف كيف يمكن أن يعبّر الفنانون المسيحيون عن رؤيتهم في سياقات معاصرة ومبتكرة".

أضاف: "إن الهدف من هذا المؤتمر ليس فقط تعزيز الحوار والتبادل الثقافي بين الفنانين والمهتمين بالفن المسيحي، بل أيضًا إلهام الجميع لإحداث تأثير إيجابي في مجتمعنا من خلال الفن المسيحي المتجدد، إننا نشجع التعاون والحوار المثمر بين الأجيال المختلفة والمدارس الفنية المختلفة، وذلك لتعزيز التجربة الفنية المسيحية في عصرنا الحالي.".

وأمل بو عبود أن "يكون هذا المؤتمر فرصة للتعلّم والتواصل والتأمل، وأن يساهم في تعزيز الفهم والتقدير للفن المسيحي ودوره في إثراء الحياة الروحية والثقافية."

بعد ذلك أدّت جوقة القديس استيفانوس المنشىء البطريركية بقيادة الأب رومانوس الأسطا تراتيل بيزنطية. 

 

المرتضى

وألقى المرتضى كلمة قال فيها: "الكنيسة والفن ترعرعا في كنف إبداعي واحد، الله هو المبدع.... وفنّه في ابتداع جمالية الكون والإنسان انعكس في أنغام الطبيعة وفي الأشكال والألوان، ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن المسيحية في  تمظهرها الدنيوي حالة فنية تتوالد أشكالا وألوانا وانغاما في الأيقونة تارة وفي الترانيم تارة أخرى كما في سائر أشكال التعبيرات عن وحدانية الله. وبغض النظر عن الموقف العقيدي، فإنه لا بد من الاعتراف بأن الفن المسيحي أسهم في بناء الحضارة ببشرها وحجرها، بآدابها وفنونها شعرا ونثرا ورواية ورسما وموسيقى كما ببنائها السوسيولوجي والسيكولوجي والانتروبولوجي".

أضاف: "المسيحية والرسم حتمهما التجسد الذي يشكل ركنا أساسا في العقيدة المسيحية وهي إحدى الإشكاليات التي يقاربها الإسلام بمفهوم تنزيه الله عن كل صورة، لكننا لا نستطيع غض الطرف من جهة أخرى عن الدور التراكمي الذي لعبته الأيقونة في البناء المعرفي لحضارة بأكملها، ما يدعونا إلى معالجة الفن المسيحي عموما والأيقوني على وجه الخصوص من بعده الحضاري، لا من بعده الذي يفرضه علم الديانات المقارن، لذلك عندما تتوضح المنهجية يستقيم الرأي وتتبلور طبيعيا مآلات الحوار بين الأديان لأنه ليس هناك أجمل من زرع زهور التلاقي بين المسيحية والإسلام في حدائق القلب وليس هناك أخطر وأخبث من محاولات البعض البناء على الإختلاف لتأبيد الخلاف".

ورأى أن "الأيقونة مثل الشعر، مثل الموسيقى، تعبير عن مكنونات ومكونات روحية متبلورة في الألوان والأشكال والأنغام وعمق المعاني. محورها العالم العلوي والملائكة، المسيح وكرازته، مريم البتول، الأنبياء والرسل وسوى ذلك من قدس الأقداس هي مفاهيم مشتركة بين المسيحية والإسلام، فإذا ركزنا على الهدف من الأيقونة الذي يتمحور حول التقوى والتبيين، فأي فروقات نرى عندها بين جهاد التبيين عند المسلمين واجتهاد راسمي الأيقونة عند المسيحيين؟"، مستطردا: "نختلف على الأسلوب ولا نرى الجوهر الواحد وهذا وجه من وجوه قصور الرجاحة في العقل وتعلقه بالمظهر بدل تعلقه بالجوهر".

وتابع: "لن أطيل عليكم الحديث حول ما أحدثته الأيقونة من تداعيات وإشكاليات بين الثقافات الكاثوليكية من جهة والبروتستانتية والإسلامية من جهتين ثانية وثالثة، ولسنا هنا اليوم لنحدد نقاط الخلاف والاتفاق بين هذا وذاك من التيارات، انما لا بد وقبل الانتقال إلى موضع آخر من الاستشهاد بما قرره المجمع المسكوني السابع الذي اعتبر أن الأيقونة ليست بالضرورة تهمة وثنية وإسباغ هذه الصفة عليها تسرع في الحكم، وإذا كانت الشبهة المذكورة مبنية على تهمة مقاربتها بمشاعر العبادة للأشكال والألوان فهي وبحسب المجمع المذكور تكرم من المسيحيين تكريما للذين صورت من أجلهم لا لأجلها كأيقونة لأن العبادة لا تجوز للايقونة فهي لا تجوز الا لله ووحده دون غيره".

وقال: "أيها الأحبة، الثقافة فهم وتفهم. انفتاح لا فتح. وبانفتاحنا على المعتقد الآخر والعقيدة الأخرى نبني الانسجام ونحصن المجتمع وبلدنا هو المختبر والنموذج. مختبر لأنه يصنع الانفتاح كل يوم، انفتاح يقتضي أن يؤسس لا للتلاقي فحسب، بل للعيش معا وللمعية خصوصا فما هي قيمة الوطن إن لم نكن معا؟ وهل يرتفع له بنيان في لبنان من دون اعمدة الأساس؟"، لافتا إلى ان "كل ما يرتفع من دون أساس يهدم على رؤوس مؤسسيه إلا البناء المؤسس على المعية. بالمعية نكتشف حاجتنا بعضنا لبعض ونتخطى القشور فتتعانق جذورنا وتثبت وتزداد رسوخا".

وأردف: "تدخلون إلى وزارة الثقافة أيها الأخوات والإخوة فتخالون انكم داخلون إلى متحف من اللوحات وهذا ان دل على شيء فعلى القدرة الاستثنائية التي نملكها كلبنانيين على اجتذاب الجمال في روح الآخر وليس على التسامح فحسب لأن التسامح فيه التحمل والصبر على قبول الآخر المختلف والجهد في تحمل الآخر لا يبني وطنا.  أما نحن  فنؤسس كل يوم على معيتنا بكل أبعادها الوحدوية غير الانصهارية ولذلك احتفظ إلى جانبي دائما في مكتب الوزارة بأيقونة ممجدة لمريم العذراء ذي الوجه المنور المرسوم بالشعاع كبركة تحمي المسيحيين والمسلمين. وأدعوكم ختاما للتأمل في عبقرية لوحة "خلق آدم" لمايكل أنجلو على جدار ال Cappella Sistina في حاضرة الفاتيكان. تأملوا فيها فتجدوا أن لا تماس بين الخالق والمخلوق. تمتد يد آدم إلى أقصى ما يمكن ان تمتد له يد بشرية ويحاول بأصابعه مجتمعة ملامسة مطلقية الله. البعض منا يرى فيها تجسيدا والبعض الآخر تنزيها يعكس محدودية الانسان ولا محدودية الله. فلننظر إلى بعضنا البعض من حيث اننا قادرون على فعل الخلق المبدع فيما بيننا دون ان يفقد كل منا فرادته وخصوصيته وعقيدته".

واعتبر أن "الفن الأسمى الذي يجب على المسيحي والمسلم أن يقدمانه في لبنان، هو ذاك الذي يرسم المعية ويعزفها الحانا متكاملة... إنه الفن الذي يعبر عن توق إلى هدف منشود هو عيش المعية الذي يقتضي العمل على تجسيده بشكل افضل على أرض الواقع وعلى ترسيخه في النصوص والنفوس".

وختم: "إذا هو جوهر المعية والعيش معا وهذا هو جوهر لبنان الذي يشكل أجمل لوحة على الإطلاق على جدار كنيسة المحبة التي تجمعنا. نسأل الله أن يسبغ علينا بالغ نعمه ومنها نعمة الوعي إلى أهمية عيش المعية، دامت الأنطونية حصنا للإيمان والوعي وخدمة الإنسانية".

 

المطران عطالله

بدوره نقل المطران عطالله تحيات البطريرك الراعي وتمنياته بنجاح المؤتمر واعتبر أن "الفن هو رسالة سامية يقوم بها الإنسان وإن هذا المؤتمر يشكل قيمة مضافة بإظهار صورة الكنيسة ولبنان". 

 

الجلسات

بعد ذلك افتتحت الجلسة الأولى بمحاضرة ألقاها الدكتور محمد زيباوي حول إعادة اكتشاف الفن المقدّس في القرن العشرين ومن بعدها ألقى الأب د نيقولا رياشي محاضرة حول "تأثير الفن الإسلامي واللاتيني على الفن البيزنطي الملكي".

 

أمّا في الجلسة الثانية فكانت محاضرة للمونسنيور فرنسيس عطية خادم رعية القيامة فيبروكلين أميركا حول "قيمة الفن".

 

وفي ختام اليوم الأول كانت محاضرة للأب د. شربل ناصيف حول "الأيقونات الملكية بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر".

 

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام