لبنان
25 تموز 2023, 07:20

المطران نفّاع سام المونسنيور اسطفان فرنجية خورأسقفًا على مذابح إهدن- زغرتا

تيلي لوميار/ نورسات
بوضع يد النّائب البطريركيّ العامّ على نيابة إهدن- زغرتا المطران جوزيف نفّاع، نال المونسنيور اسطفان فرنجية رتبة الخورأسقفيّة في قدّاس أقيم في كنيسة مار شربل- إهدن، عاونه فيه لفيف من كهنة الرّعيّة وبحضور المونسنيور أنطوان مخائيل والمونسنيور حنّا حنّا ورئيس دير مار انطونيوس- الجديدة الأب سابا سابا، وعدد من كهنة أبرشيّة طرابلس المارونيّة والأبرشيّة البطريركيّة المارونيّة نيابة الجبّة وجمع من الرّهبان والرّاهبات، بحضور فعاليّات سياسيّة ودينيّة اجتماعيّة ورعويّة فضلاص عن أبناء الرّعيّة وبناتها.

بعد الإنجيل كانت عظة للمطران نفّاع جاء فيها بحسب ما نقلت صفحة الأبرشيّة على فيسبوك:

"اليوم نقرأ إنجيل الأحد، هذا النّصّ من آشعيا الّذي يبشّر بالمسيح المنتظر.. فالله أرسل يسوع من أجل المتعبين والمساكين والمرضى.

هذا الإنجيل نطبّقه على كلّ فرد منّا يومَ مُسحنا بالميرون لنبشّر المساكين الّذين إن لم نهتمّ بهم فكأنّ المسيح ليس موجودًا في قلوبنا.

عندما نكون إلى جانبهم نحقّق رغبة يسوع الّذي أتى من أجلهم، فنحن مرسلين من أجل المتعبين، نخفّف عنهم.  

إجتمعنا اليوم لنكرّم المونسنيور فرنجية على كلّ جهوده وخاصّة الجهود الّتي بذلها خلال السّنوات الثّلاث الأخيرة الصّعبة الّتي أرخت بظلّها على البلاد.  

التّكريم اليوم هو لكلّ فرد منّا، لأنّنا كنّا يدًا بيد إلى جانب بعضنا البعض من دون تردّد ولم تفرّقنا الاختلافات السّياسيّة، فأضحت إهدن زغرتا مثال يحتذى به لأنّ مصلحة زغرتا كانت من أولويّات الجميع.  

هذه هي صفات المونسنيور اسطفان، التّكاتف، الاهتمام بالمعوزين من خلال كاريتاس والمرضى، فكانت مستشفى سيّدة زغرتا الجامعيّ السّبّاق في فتح قسم الكورونا لمساعدة الأهالي بزغرتا.  

اليوم سنرفع الصّليب فوق رؤوسنا من جديد لنحمل رسالة يسوع في هذا المكان ويبقى صليبنا مرفوع ونسلّم الأمانة لأبنائنا.

شكرًا لمحبتك الكبيرة مونسنيور، الكلّ شاهد على تعبك بكلّ شيء لمصلحة أبناء الرّعيّة، نفتخر بك كما ونفتخر بكلّ كهنة الرّعيّة."

بدوره، ألقى الخورأسقف اسطفان فرنجيّة كلمة شكر قال فيها: "أدخل اليوم في مرحلة جديدة في حياتي الكهنوتيّة. في الخامس من آب أكمل سنتي التّاسعة والعشرين كاهنًا. في ذلك اليوم، أيّ في الخامس من آب ألف وتسعماية وأربعة وتسعين وضع المثلّث الرّحمة المطران بولس آميل سعادة يده عليّ وسامني كاهنًا في كنيسة مار جرجس إهدن، وقد تعلّمت منه عطيّة التّدبير والّذي كان يقول لي دائمًا "زرعوا فأكلنا نزرع فيأكلون" وكان عرّابي المرحوم المونسنيور بطرس بركات الّذي تعلّمت منه محبّة الرّعيّة وتاريخها وتعلّمت منه الصّبر وطول الأناة بعد ما تتلمذت على يد الأب يوسف فرنجية سنوات طويلة وتعلّمت منه محبّة الله والكنيسة وبذل الذّات أطال الله في عمره .

يومها ظننت أنّني صرت كاهنًا من كهنة الرّبّ يسوع، تلميذًا من تلاميذه، راعيًا من رعاته، ولكنّني وبعد كلّ تلك الفترة أدركت أنّ اتّباع يسوع ليس محطّة ثابتة نعيشها في زمن معيّن وفي مكان معيّن، ولكنّه طريق يبدأ قبل أن يحبل بك وقبل أن تولد، ألم يقل النّبيّ إرميا:" قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرّحم قدّستك. جعلتك نبيًّا للشّعوب" (إر 1\5).

بعد تسعة وعشرين سنة في خدمة الرّبّ، مع ما رافقها من فرح وتعزيات وما رافقها من حزن وإحباط،  

مع ما رافقها من فشل وإهمال وإخفاقات وبعد عن الله الّذي هو مصدر السّعادة السّاكن في أعماقي وأعماق كلّ إنسان وما رافقها من نجاحات وإنجازات كانت نتيجة عمل الله في وقوته، بتّ أرى التّتلمذ ليسوع هو عمل دائم مع الرّوح القدس وهو السّير مع إله حيّ ورحوم ومحبّ يقودك في دروب لم تفكّر بها يومًا لا بل لم تحلم بها.

أن تتعلّم عن طرق الله و تدبيره شيء أمّا اختبار هذا الطّريق وتلمّس تدبيره فهو شيء آخر.

في الماضي كنت أتّكل على ذاتي وعلى تطوير قدراتي استنادًا على ما تعلّمته من أساتذة ومرشدين وموجّهين وكنت أسعى إلى تطوير ما منحني الله من مواهب لكي أصل إلى ما أريد وكنت أظنّ أنّ كلّ ما أريده هو مشيئة الله.

وبعد كلّ تلك السّنين، أدركت أنّ كلّ ما كنت أقوم به لم يكن إلّا بداية الوعي، بداية اليقظة، بداية الطّريق إلى التّواضع، إلى الانحدار كما انحدر الرّبّ يسوع من سمائه إلى أرضنا، لا بل إلى عمق إنسانيّتنا المشوّهة والنّاقصة والمتألّمة من خطيئتها. لقد استنتج أحد الآباء الرّوحيّين أنّ "السّقوط إلى مستوى الصّفر يعني الوصول إلى نقطة الانطلاق مع الله."

إنّ خطايانا هي أوّل المعوّقات للبلوغ إلى حالة الصّفر هذه و"ليس إنسان يحيا ولا يخطأ ".

لقد أكتشفت الكنيسة أنّنا كلّنا خطأة، "وما من أحد بلا خطيئة إلّا ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح" ولكن منّا من يرى خطيئته وتبكته فيتوب ويحيا ومنّا من لا يستطيع اكتشافها بسبب كبريائه وعدم جدّيّته في التّعاطي مع الله ومع الحياة.

أمام هذا الواقع البشريّ، لقد نصحتنا القدّيسة تيريزيا الطّفل يسوع، أنّ علينا أن نصبر ونصلّي عند أسفل السّلّم، متواضعين ملحّين في الدّعاء، على أمل أن ينحدر الرّبّ إلينا، وينقلنا إليه في مصعد "الرّوح القدس.

إنّ قيادة الرّوح القدس لطيفة، تعمل في الخفاء وهي كالنّسيم العليل. إنّني أصلّي معكم صلاة كتبها الكاردينال هنري نيومن والّتي تعبّر عمّا يختلج في قلبي:

"قدني أيّها النُّورُ اللّطيف… إلى أبعد

قُدني أيّها النُّورُ اللّطيف، خلال الظُّلُمات الّتي تكتنفُني.

قُدني أنتَ دومًا إلى أبعد، فاللّيلُ دامس، وأنا بعيدٌ عن الدَّار.

قُدني أنتَ دومًا إلى أبعد، واحفظ خطواتي، فلا أبغي أن أرى منذ الآن ما سأراه هناك.  

لم أكن هكذا دائمًا، ولم أُصَلِّ دائمًا، لكي تقودَني أنتَ دومًا إلى أبعد.

كنتُ أحبُّ أن أختارَ وأن أجدَ طريقي، أمّا الآن فقُدني أنتَ دومًا إلى أبعد.

كنتُ أبحثُ عن المجد، ورغم المخاوف، كان الكبرياءُ يُسَيطرُ على رغباتي.

لا تذكُرْ بعدَ اليوم السِّنين الماضية.

قُدرتُك باركتني طويلاً، وهي ستقودُني دومًا إلى أبعد، في الأرضِ القاحلةِ وفي المستنقع، على الصَّخرةِ النَّائية والموجِ الصَّاخب، حتّى ينقشعَ الظَّلام، فتبتسِمُ ليَ في الصُّبحِ أوجُهُ الملائكة، فقد أحْبَبْتُهم منذ عهدٍ بعيد، وقد فقدتُهم لوقتٍ قصير.

قُدني أيّها النُّورُ اللّطيف، قُدني أنتَ دومًا… إلى أبعد."

في هذا الوقت، كم كنت أتمنّى حضور العديد من الوجوه الّتي تركت أثرًا في حياتي أوّلهم والدي "أبو بطرس" كما كان يحلو له أن نناديه، الّذي بعد كلّ هذه السّنين ألتمس فضله عليّ وعلى إخوتي وأخواتي الّذين أشكرهم وعائلاتهم على محبّتهم لي ولوالدتنا ولبعضنا البعض. أصلّي معكم من أجل والدنا الّذي رحل عنّا بالجسد ومعكم نشكر الأمّ الّتي بذلت حياتها لنكون كما نحن اليوم عليه، أطال الله في عمرك لتبقي بيننا ذخيرة وعلامة حبّ الله لنا وقدرته. وأصلّي لراحة نفوس كلّ من سبقنا من أهل وأصدقاء ومن أجل كلّ من رحل وله فضل عليّ وعلى خدمتي.

أشكر صاحب الغبطة على منحي هذه الدّرجة الخورأسقفيّة كما أشكر صاحب السّيادة المطران جوزيف نفّاع على محبّته واندفاعه في خدمة النّيابة البطريركيّة في إهدن- زغرتا رغم انشغالاته في نيابة الجبّة والخليج ومهمّاته التّعليميّة الرّائدة كما أشكره على ثقته بي وعلى تعاونه معي ومع إخوتي كهنة رعيّة إهدن- زغرتا الّذين يبذلون ذواتهم في خدمة النّفوس الّتي أوكلها الله لنا .

أشكر جميع الّذين" اشتغلنا سوا"، يدًا بيد، من كهنة الرّعيّة ورهبان وراهبات، وأعضاء المجلس الرّعويّ والوقف والمستشفى ونادي السّلام- زغرتا ومركز زغرتا الإعلاميّ وكافّة اللّجان والجمعيّات والأخويّات ومن كلّ أبناء زغرتا المقيمين والمنتشرين وكلّ الّذين اتّصلوا مهنّئين وكلّ الّذين صلّوا ويصلّوا من أجلي ومن أجل الرّعيّة.

كما أشكر الجوقة والّذين أعدّوا هذا الاحتفال من كهنة وإكليريكيّين وشباب الخدمة والمنظّمين وجميع المشاركين في هذا الاحتفال.

أعاهد الله كما عاهدته من تسعة وعشرين سنة وكما أعاهده كلّ صباح ومساء على متابعة خدمتي لرعيّتنا إهدن- زغرتا الّذي يسمّيها المثلّث الرّحمة المطران اسطفان- هكتورالدّويهي بيت لحمنا ومسقط رأسنا ومرتع طفولتنا وملعب ذكرياتنا. وأسأل الله بشفاعة أمّنا العذراء مريم سيّدة الحصن وسيّدة زغرتا، وشفاعة القدّيس شربل و"الطّوباويّ" العتيد المكرّم البطريرك اسطفان الدّويهي الّذي ترك أمجاد روما وعاد إلى إهدن جنّة عدنه وأرض الآباء والأجداد وبطل التّضحية والإيمان يوسف بك كرم الّذي نخطو الخطوات الأولى لتثبت الكنيسة بطولة فضائله وقداسته ليسهروا علينا جميعًا ويقودوننا إلى تتميم مشيئة الله في حياتنا.

ونصلّي على نيّة من بنى لنا هذه الكنيسة الجميلة وقاعاتها ومنتفعاتها السّيّد طوني حميد فرنجية وزوجته فافي منصور يمّين وعائلتهما ليمنحهما الصّحّة والنّعمة، وقد بنوها لتكون منصّة للبشارة ولأعمال العبادة والمحبّة.  

أطلب صلاتكم من جديد وأسألكم مسامحتي عن كلّ نقص في خدمتكم."