المطران مطر يترأّس قدّاسًا لمناسبة انتخاب المجلس الجديد للمجلس العامّ المارونيّ
للمناسبة ألقى المطران مطر عظة هنّأ وبارك فيها المجلس، مستعيدًا تاريخه ورسالته لافتًا إلى أنّه "بعد عامين أو ثلاثة، سنعيّد بالمئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير الّذي عمل شعبنا الكثير الكثير وضحّى من إجل إقامته، ونسأل الله أن يبارك هذا الوطن والمواطنين، فمشروعه الخير لا لأبنائه فحسب بل للإنسانيّة كلّها وللمنطقة العربيّة بأسرها بعد أن نزل المطران الدّبس إلى بيروت وكانت المدينة تكبر يومًا بعد يوم وتصبح مدينة ثقافيّة وصناعيّة وتجاريّة بامتياز. نزل الكثيرون من أبنائنا إليها لطلب الرّزق الحلال والثّقافة، فكان من الضّروريّ أن يستقبل هؤلاء من دون استعداد لإيوائهم أو لتعليمهم فأوكل المطران الى كبار القوم من بيروت أن يهتمّوا بالوافدين والمحتاجين بصورة خاصّة، وكان ذلك عملاً تضامنيًّا كبيرًا أراده الحبر الجديد في ذلك الزّمان استباقًا إلى ما صار اليوم يعرف بالتّضامن المسيحيّ بين الكهنة والمؤمنين. أيّ أنّكم انطلقتم من روح مسيحيّة منفتحة ثبت بعد ذلك المجمع الفاتيكانيّ ما يزيد من قيمة هذا المجلس وتاريخه.
بعد ذلك دفعت المطرانيّة ثمنًا باهظًا في مساندتها الحرّيّة والكرامة لشعب لبنان، نحن دفعنا مطرانًا شهيدًا من أجل لبنان وكرامة وحرّيّة لبنان، ونحن فخورون بذلك، لم تدم حيرته إلا عشر سنوات وقضى شهيدًا بعمر 48 سنة ثم أتى المطران أغناطيوس مبارك الّذي رعى هذه الأبرشيّة 33 سنة، وقال في رسالة وجّهها إلى أبناء أبرشيّته "إنّني آت في ظروف صعبة، كنائسنا مهدّمة، شعبنا مات ثلثه جوعًا، مؤسّساتنا ضعيفة الحكمة، احتلّت من قبل العثمانيّين وأصبحت ثكنة عسكريّة، ولكنّنا على الله متوكّلين. فاتّكل على المجلس في بيروت وعلى الرّعايا في الجبل لمساندة الفقراء والمساكين وكانت ورشة كبيرة لمساعدة النّاس بتضامن فعليّ رسوليّ رائع نفخر به اليوم.
أكمل هذا العمل المطرانان أغناطيوس زيادة وخليل أبي نادر إلى أن وصلنا إلى أبرشيّة منذ 21 سنة، ونحن معكم نعمل معًا من أجل أبنائنا وجميع الّذين يقصدون الأبرشيّة والمجلس للمساعدة لأنّنا لا نفرّق بين إنسان وإنسان.
نحن في بيروت من أجل كلّ بيروت، وفي الأبرشيّة من أجل كلّ لبنان، والتّضامن يجب أن يبقى مثاليًّا بين الجميع في العيش المشترك، بين المسلمين والمسيحيّين، هو عيش له طابع سياسيّ وجه ثقافيّ وحضاريّ هذا ما يجب أن تصل إليها الإنسانيّة كلّها عبر الحوار بين الجميع مع الجميع، وبناء السّلام يومًا بعد يوم على أساس الحرّيّة والكرامة. كلّ هذا الوجه السّياسيّ يثبت بالوجه الاقتصاديّ والاجتماعيّ. الاقتصاد أمر ضروريّ جدًّا لأنّ كرامة الإنسان تفرض عليه أن يأكل رزقه بعرق جبينه وأن يعيش مرفوع الرّأس وأن ينال كلّ الحقوق، وهذا أمر يجب على الدّولة أن تولي اهتمامًا خاصًّا به.
إنّنا نتلقّى من إخواننا في الانتشار مليارات الدّولارات، وهذا أمر جيّد جدًّا، إنّما يجب علينا نحن أيضًا أن نعمل لبناء اقتصاد متين. أنتم تعرفون أن أولادكم الموجودين في الخارج يساهمون في اقتصاد الآخرين، لكن يمنعون من المساهمة في اقتصاد وطنهم لبنان. هذا الموقف حرام، يجب أن نعالجه وأن يكون لأبنائنا حظّ في العيش تحت سماء لبنان.
وقال: "المجلس اليوم وغدًا له دور كبير في المدينة وفي العمل الاجتماعيّ وفي مساندة الفقراء. نحن في حرب صعبة لم تنته اقتصاديًّا، من انسحابات الحروب علينا وعلى جيراننا، نطلب من الله أن يعطي السّلام للبنان وتثبيت العيش المشترك بين أبنائه وأن يعطي السّلام في سوريا والعراق والدّول العربيّة كلّها.
نحن فخورون أن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون عبّر في كلمته أمام المجتمعين في إسطنبول عن قيمة لبنان الموحّد بين العرب، عن قيمة الفكر اللّبنانيّ والموقف اللّبنانيّ السّاعي إلى كرامة الجميع والتّضامن بينهم. ونحن لطالما ناشدنا الدّول العربيّة أن لا يكون حوار بين المسلمين والمسيحيّين فقط بل أن يكون الحوار أيضًا بين المسلمين والمسلمين، حتّى يعمّ السّلام. نحن مستعدّون لكلّ عمل صالح في هذا المجال. لا تنسوا ما قاله المسيح نحن سلّمنا خدمة المصالحة بين الله والنّاس، ولكن للمصالحة بين النّاس والنّاس يجب أن نكون أخوة ونسعى جميعًا إلى حياة متجدّدة في النّعمة والحقّ والإنسانيّة لجميع النّاس. هذا ما نتمنّاه لكم أيّها الأحبّاء من خدمة تفخرون بها أمام الله والنّاس. إفخروا بعملكم وضاعفوا جهودكم حتّى يرضى الضّمير، وتحيّة إلى الشّيخ وديع الخازن العين السّاهرة على المجلس، وفّقنا الله في أبرشيّة بيروت أن نكون مقدامًا للمصالحة مع الجميع ومن أجل الجميع".
وكان المجلس قد انتخب رئيس المجلس الوزير السّابق وديع الخازن رئيسًا، والمحامي إميل مخلوف نائبًا للرّئيس، والمهندس أنطوان كيرللس أمينًا عامًّا، والمهندس ميشال متّى نائبًا للأمين العامّ، وأنطوان رميا أمينًا للمال، والمحامي ميشال قماطي مراقبًا للحسابات، والمهندس رولان غسطين مديرًا للأشغال.
