لبنان
22 تموز 2019, 05:00

المطران مطر من بحمدون في عيد مار الياس: فلنتخلّ عن الأصنام!

ترأّس المطران بولس مطر الذّبيحة الإلهيّة في كنيسة مار الياس- بحمدون احتفالاً بعيد شفيعها، شارك فيها المونسنيور جوزف مرهج وكاهن الرعية الأب جان باخوس والأبوان جورج عازار وطوني نصر ولفيف من الرّاهبات، بحضور فعاليّات المنطقة وأهلها.

 

وبعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران مطر عظة قال فيها نقلاً "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "أحمل معي اليوم، في صباح هذا العيد المبارك، عيد مار الياس الحيّ، سلام وبركة رئيس أساقفة بيروت الجديد المطران بولس عبد السّاتر السّامي الاحترام. نصلّي من أجله وعلى نيّته ليوفّقه الله في الرّسالة الجديدة الّتي يحملها، بإسم الرّبّ يسوع المسيح وبإسم الكنيسة.
ونحن اليوم نصلّي ونقدّم القداس على نيّة بحمدون وأهلها وعلى نيّة عائلتي المرحوم الوزير ميشال ضوط وحبيبنا الوزير ميشال إدّه، نصلّي على نيّة هاتين العائلتين اللّتين لهما أياد بيضاء في بناء كنيسة مار الياس في بحمدون للمرّة الأولى وإعادة بنائها بعد الحرب مرّة ثانية، علامة إيمان بالرّبّ وإيمان وثقة بالمستقبل ومستقبل كنيستنا على هذه الأرض المباركة والمقّدسة. نطلب للعائلتين التّوفيق ولمرضاهم الشّفاء. أفراد عائلتي ضوط وإدّه يشهدون الشّهادة الحسنة للرّبّ يسوع المسيح. وفي صلاتنا نطلب من الله سلامًا لهذه المنطقة وعودتها إلى سابق عزّها وفرحها وليعود لبنان بقوّة الله ونعمته. نحن باستطاعتنا الصّلاة والطّلب من الله التّدخّل ليرمي سلامه بكلّ الرّبوع والقلوب.
عيد مار الياس عيد عزيز، لأنّ هذا النّبيّ هو من أعظم أنبياء التّاريخ. عندما تجلّى الرّبّ يسوع على جبل طابور، أمام ثلاثة من تلامذته: بطرس ويعقوب ويوحنّا، من كان معه بحسب ما يقول الإنجيل؟ كان معه موسى وإيليا، أكبر نبيّين بالعهد القديم. موسى أخرج شعب بني إسرائيل من عبوديّة مصر وأخذه عبر صحراء سيناء إلى أرض ميعاد، ليس ليتملّك الأرض، بل لعيش إيمانه فيها ولكي يعبد الله بحرّيّة، وليحضّر مجيء المسيح. الشّعب القديم مبارك، لأنّه يحضّر مجيء المسيح، الّذي معه لم يعد هناك شعب مبارك، بل كلّ الشّعوب مباركة بكنيسة المسيح. نقول بصلاتنا: سبّحوا الرّبّ يا جميع الشّعوب. ليس هناك شعب مختار إلّا من أجل مهمّة، وعندما تنتهي المهمّة، الاختيار يكون للنّاس كلّهم. ولكن بعدما دخل الشّعب ليعيش حرّيّته في أرض الميعاد، إنقسم هذا الشعب إلى مملكتين ونسوا ربهم وعبدوا الأصنام، عادوا وثنا. كل تعب موسى والرّبّ وكلّ العذاب الّذي حصل في صحراء سيناء واهتمام الله بهم كاد يختفي. لقد اعتاد الشّعب على ما هو سهل. ربّنا أرسل إيليّا بغيرته ليردّ الأمور إلى نصابها وليردّ الشّعب إلى عبادة ربّه وليحطّم الأصنام، الّتي ليست الله. حصلت معركة بين إيليا وعبدة الأصنام. إيليا تحدى كهنة البعل والأصنام، فقال لهم: أعدوا مذبحا لكم واطلبوا من آلهتكم أن تنزل النّار على الذّبيحة، إذا كانت آلهتكم آلهة. وأن أعد ذبيحة وأطلب من إلهي أن ينزل النّار. هم صلّوا ساعات طويلة، في حين أنّ إيليّا سجد وقال: إستجبني يا ربّ، ثلاث مرات. نزلت النّار وظهر الإله الحقيقيّ. وبعد ذلك عاد النّاس إلى عبادة الرّبّ، بفضل إيليّا النّبيّ ومحبّته للرّبّ. لن أطيل، لكن قصّة إيليّا جميلة جدًّا. المطر انحبس ثلاث سنوات بغضب من ربّنا، عاد إيليّا وصلّى وأعاد المطر، ليعطيهم فرصة للعودة إلى الله.
أسألكم وأسأل ذاتي: هل لدينا أصنام نعبدها من دون الله؟ بالتّأكيد. هناك صنم اسمه صنم المصلحة الخاصّة على حساب مصلحة الشّعب. هذا حرام. علينا كلّنا العمل معًا من أجل وطن واحد ومن أجل كلّ أبناء الوطن، الفقير والغنيّ ليتعاونوا وللعيش معًا. نعم في لبنان المصلحة الخاصّة تفوق المصلحة العامّة. نعم المصلحة الخاصّة هي صنم. نطلب من مار الياس مساعدتنا لتحطيم هذا الصّنم، فنعود لعبادة ربّنا العبادة الحقيقيّة فنهتمّ بعضنا ببعض الاهتمام الحقيقيّ. هناك صنم السّلطة. أريد السّلطة حتّى لو تحقّق ذلك على جثث البشر. أنا أريد السّلطة والحكم حتّى لو مات النّاس كلّهم. لكن ربّنا يقول لنا إنّ الحكم هو خدمة. قال ربّنا لرسله: أنا إلهكم وربّكم أخدمكم وأغسل أرجلكم. إخدموا بعضكم بعضًا. السّلطة تكون أحيانًا خدمة للذّات وليس للجميع. أشعيا، في العهد القديم، وهو يبكت رعاة إسرائيل الكبار قال: الويل لرعاة إسرائيل يرعون نفوسهم بدلاً من رعاية شعبهم. نطلب من ربّنا ليلهم المسؤولين في وطننا على ما هو خير للوطن وشعبه، وليكن كلّ صاحب سلطة خادمًا لشعبه. كلمة وزير تعني من يضع "وزرة" ليخدم. الوزير هو للخدمة.
مار الياس يعلّمنا أنّ صنم السّلطة والمال الّذي نعبده بدلاً من أن يكون هو عبد لنا، علينا أن نحطّمه. علينا أن نعبد ربنا وحده الّذي يلهمنا أن نعيش الأخوّة والإنسانيّة الحقيقيّة. لذلك مار الياس يحذّرنا من عبادة الأصنام، فلنتخلّ عن الأصنام في وطننا لننقذه وليعش شعبنا بكرامة وليؤمن بمستقبله ومستقبل أولاده وطنهم وأرضهم"، سائلا "هل هناك بلدة أجمل من بحمدون، المحطّة والضّيعة والمنصوريّة والتّعزانيّة والبلدات المجاورة؟ بلدات لبنان من أجمل المناطق في العالم. نعم أحزن عندما أرى هذه البلدات فارغة من أهلها. أنا عشت في بحمدون منذ خمسين سنة وكنت كاهنًا جديدًا، وخدمت في هذه الكنيسة مع المرحوم الخوري يوسف عسّاف. كنّا نقيم يوم الأحد 7 قداسات بدءًا من السّاعة السّادسة صباحًا وحتّى الظًهر، والكنيسة في كلّ قدّاس تكون ملأى بالمؤمنين. هكذا كانت بحمدون. نطلب من ربّنا أن يعيد لنا لبنان مثل ما كان البلد الجميل وبلد المحبّة والعيش المشترك الحقيقيّ وليبعد أشباح الحرب عن كلّ المنطقة وليلهم النّاس، كلّ النّاس على لغة العقل والحوار. ربّنا خلق الكلمة ولم يخلق السّلاح للقتل والدّمار والخراب. إيليّا بالكلمة بدّل الأمور كلّها، نطلب من ربّنا أن يلهم جميع النّاس حتّى نعيش بخوف الله وهديه وروحه، وهكذا يحلو العيد ويكون عيد الفرح للبلدة كلّها".