لبنان
14 شباط 2018, 06:49

المطران مطر في اليوم العالميّ للمريض: نحن مسؤولون عن المرضى والّذين أقعدوا لينهضوا إلى الحياة

لمناسبة اليوم العالميّ السّادس والعشرين للمريض، ترأّس راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس مطر القدّاس الإلهيّ في المستشفى اللّبنانيّ الجعيتاويّ الجامعيّ في الأشرفيّة، وسط حضور رسميّ عسكريّ وروحيّ وطبّيّ، إضافة إلى ممرّضين ومرضى من المستشفى، وفق ما نقلت "الوكالة الوطنيّة للإعلام".

 

بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران مطر عظة جاء فيها: "في الرّسالة الّتي سمعتم من القدّيس يعقوب تذكير بسرّ من أسرار الكنيسة السّبعة وهو سرّ مسحة المرضى ومرافقتهم بالصّلاة لشفائهم ومساعدتهم، يقول لنا الرّبّ يسوع إنّ الاهتمام بالمرضى أمر أساسيّ وليس عابرًا. أمّا في الإنجيل المقدّس فالرّبّ يعطي لنا مثلاً عظيمًا حول الرّحمة والالتفاتة للآخر وبخاصّة المريض، أراد أن يجرّب يسوع: فسأله من قريبي؟ فكان جواب يسوع كلّنا أقرباء وبحاجة إلى بعضنا البعض. ثم روى له مثل السّامريّ الّذي أنقذ يهوديًّا ضربه اللّصوص وطرح على الطّريق ولم يسعفه أحد، حمله ومسح جراحه وأودعه في الفندق ودفع تكاليف إقامته فيه. فقال يسوع للسّائل: من كان قريبًا لهذا الرّجل؟ فقال له: من عامله بالرّحمة. قال يسوع: اذهب وافعل مثله. ينقض المسيح الفرق بين العداوة والصّداقة، نحن كلّنا إخوة مهما اختلف لوننا وديننا، للمحتاج حقّ علينا جميعًا، حقّ على الكنيسة والدّولة والمسؤولين، من غير المسموح لنا النّظر فقط على من يتعذّب. كان الأب ميشال حايك، رحمه الله، يقول عن متصوّف عربيّ قديم: لو ماتت شاة وحيدة على شطّ بعيد، لخلت ربّي مسائلي عنها يوم القيامة.
نحن مسؤولون عن المرضى والّذين أقعدوا لينهضوا إلى الحياة. طبعًا المسؤوليّة تتوزّع. اهتمّت الكنيسة منذ القديم بالمرضى، أهمّ المستشفيات في العالم هي مستشفيات الكنيسة. الكنيسة برجالها ونسائها قد تخطىء. نحن نقول، يا إخوتي، إنّ الكنيسة مقدّسة برأسها يسوع المسيح. بعطائها قد تكون ضعيفة. نطلب النّعمة حتّى نلبّي طلبات الرّبّ منّا جميعًا وأن نعاون بعضنا بعضا. الكنيسة تقوم بواجبها سواء في المدارس والجامعات والمستشفيات. اليوم هناك وضع جديد لم نعرفه من ذي قبل. 

المجتمع اللّبنانيّ قبل العام 1975 كان يتمتّع بطبقة وسطى واسعة الانتشار، وكانت لديه القدرة لتملّك المنزل والعيش الكريم والعلم. ولكن الظروف الاقتصاديّة الحاليّة تبدّلت والمجتمع لم يعد قادرًا اليوم على مواجهة الأحداث والظّروف. لذلك هناك حاجة كبيرة وعلى الدّولة أن تغيّر مفهوم ذاتها، فتصبح دولة مسؤولة ومعتنية، وعلينا نحن أيضًا كمواطنين أن نغيّر نظرتنا الضّرائبيّة فنتحوّل من جماعة غير مسؤولين إلى جماعة مسؤولين، محاسبين ومحاسبين ومهتمين ببعضنا البعض. وهذا أمر جديد مطروح على الشّباب بصورة خاصَّة، الّذي يبحث عن لبنان المستقبل. عند ذاك تطرح أمور الصّحّة والنّظر بالضّمان الّذي يجب أن يستفيد منه كلّ لبنانيّ. أين الهدر بالصّحّة؟ صناديق كثيرة وتداخلات ومرضى لا يطبّبون بشكل كاف ولا يؤمّن الضّمان للجميع. أين العدالة بالنّسبة للجميع؟.
وفي يوم المريض العالميّ نشكر كلّ الّذين يهتمّون بالمرضى، نحن في مستشفى متوثّب ونطلب التّوفيق لإدارته حتّى يكمل المشروع، فيكبر المستشفى وكلّ مستشفياتنا وهذا يتطلّب تضحيات ونحن نحمد الله على ذلك ونطلب من الله أن يبارك كلّ هذه الأعمال، كما نصلّي على نيّة الأطبّاء والممرّضين الّذين يخدمون الحياة وليس الموت. الطّبيب هو لخدمة الحياة. لذلك الكنيسة ترفض ما يسمّى الموت الرّحيم. أمران يجب على الإنسان ألّا يتدخل بهما، مجيئه إلى الحياة وتركه لها. هذان أمران للرّبّ وحده. زرت بعض المستشفيات عند راهبات الصّليب الّتي تستقبل مرضى يعانون من حالات نفسيَّة فيهتممن بهم خير اهتمام ولمجد الله، فبذلك نبقي على الحياة طالما ربّ الحياة أمر بهذه الحياة ويأخذها ساعة يشاء.المرض ليس قصاصًا من الرّبّ. والإنجيل المقدس يقول لنا ذلك، عندما أتوا إلى يسوع بأعمى منذ ولادته، وسألوه: من خطىء الولد أمّ أبواه؟ ماذا كان جواب يسوع؟ لا هو خطىء ولا أبواه، بل ليتمجد الله فيه. نحن نتقبل وجعنا لمجد الله. ولمجد الله علينا أن نقبل ولادة ولد مصاب بإعاقة ما. الوالدان يعتبرانه بركة البيت.
نحمد الله على الكنيسة الّتي تقوم بخدماتها ونطلب للمرضى الشّفاء فيمجدوا الله بآلامهم وعذاباتهم وليعطهم الرّبّ الصّحّة. هذا ما نريد أن نتأمّل به معكم في هذا اليوم العالميّ للمريض حتّى تطرح كلّ هذه الأمور مستقبلاً ونكون كلّ واحد منّا خدّاما للحياة، بيسوع المسيح ربّ الحياة. هو الّذي قال أعطيتكم الحياة لتبقى إلى الأبد له المجد والشّكر".