المطران مطر: السّلام سيتحقّق في لبنان وفي كلّ دول المنطقة والعالم
وألقى المطران مطر عظة قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام" من وحي العيد: "سمعتم في الإنجيل المقدّس ربّنا يسوع يذكر إيليّا النّبيّ مكرّمًا إيّاه. كانوا يعتقدون أنّ إيليّا لم يمت. صعد بمركبة من نار إلى السّماء وإنّه سيعود في آخر الزّمان، ليحضر مجيء المسيح. فقال يسوع إنّ إيليا عاد بشخص يوحنّا المعمدان وغيرته، لأنّ يوحنا أعدّ مجيء المسيح، كما كانوا يتصوّرون عن إيليّا النّبيّ. موسى هو مؤسّس العهد القديم، الّذي صنع العهد بين الله والشّعب وأخرج الشّعب من مصر يوم كانوا عبيدًا لفرعون وأخذهم إلى سيناء وأرض ميعاده ليعبدوا الله بحرّيّة. موسى رجل العهد القديم. ولماذا إيليّا مع موسى؟ لأنّ إيليّا مجدّد العهد. الشّعب بعدما وصل إلى أرض ميعاده، لا ليحتلّها ويطرد الآخرين، بل ليعيش عليها بكرامة وحرّيّة مع النّاس. الرّبّ لا يريد أن يطرد أحدًا من بيته ومقامه. الرّبّ يريد لكلّ النّاس أن يكونوا عائلة واحدة وأن يتعايشوا بالحبّ والسّلام. هذا هو ملكوت الله. وصلوا إلى هذه الأرض وبعد سنوات، طالت أم قصرت، نسوا ربّهم ونسوا العهد ونسوا موسى وراحوا يعبدون الأصنام. ما هي الأصنام؟ كلّ شيء غير الله هو صنم نعبده خلافًا لمشيئة الله. عندما أعبد ذاتي، أعبد صنمًا. عندما أعبد مالي أعبد صنمًا. مالي هو للخدمة لمساعدة النّاس وبناء الكون. عندما أعبد سلطتي، أعبد صنمًا. عندما أعبد قوميّتي، أعبد صنمًا. وحده الله يعبد وننحني كلّنا له إجلالاً. وإذا اعترفنا بالله أبًا وخالقًا ومعبودًا، تنتظم علاقتنا مع النّاس، إذ نصبح كلّنا إخوة. لا أخوة في الأرض من دون أب والله هو الأب للجميع. عالم اليوم لا يمكن أن يكون عالمًا سلاميًّا إذا فقد الله. لذلك إيليّا وقف أمام هذا الشّعب المتهوّر، النّاسي ربّه، فصنع حربًا روحيّة عظيمة ضدّ عبادة الأصنام وكسرهم، وقال: عودوا إلى ربّهم. لذلك إيليّا هو مجدّد العهد القديم، الّذي صحّح الأمور وعاد إلى نصابها.
نأخذ من إيليّا هذه الغيرة وهذه المحبّة للرّبّ، أن نعبده وحده ولا نعبد ذواتنا أو بعضنا بعضًا. نعود إلى الله ونقول له أنت إيماننا. أنت ملجانا وعليك رجانا. والرّبّ يسوع أظهر لنا كلّ ذلك بإنجيله الطّاهر، بشخصه وبشخص كنيسته وقدّيسيه. إيليّا النّبيّ يذكّرنا بواجباتنا الأساسيّة تجاه ربّنا وتجاه الآخرين. إيليّا لا يخاف شيئًا ويقول أنا حيّ أمام الله. اضطهده الملوك وهرب إلى الصّحراء. يئس في بعض الأحيان وقال لربّه، يئست أعفني من هذه الخدمة. وقال له: أصبحت وحيدًا بعدما قتلوا أنبياءك وهدموا مذابحك. ماذا قال له الرّبّ؟ قال له لا. قد استبقيت 7 آلاف رجل في إسرائيل لم يسجوا على ركبهم للبعل. هناك 7 آلاف إنسان يحبّون الله. وأسألكم، يا إخوتي، أليس لدينا 7 آلاف إنسان يحبّون الله اليوم؟ بلى لدينا أكثر بكثير، وهؤلاء هم الخميرة وبفضلهم يخمر الله العجنة من جديد. بفضل القدّيسين والطّيّبين والإنسانيّين وبصلوات وخشوع المؤمنين يرضى الرّبّ عن المدينة كلّها. يسامح. أنظروا إلى مار شربل كيف بدّل كلّ الدّنيا. إذهبوا إلى ديره في عنّايا، النّاس بالآلاف للتّبرّك ولطلب النّعمة ولتجديد القلب. إنّنا شعب لا ييأس. الرّبّ ملك التّاريخ، ويمسكه بيده والغلبة للحقّ والحبّ والغلبة لملكوت الله.
طبعًا في الأرض شرّ، ولكن ماذا يقول الكتاب؟ حيث كثرت الخطيئة، فاضت النّعمة. نعم هناك خطيئة في العالم ولكن هناك نعمة وخير أيضًا. علينا ألّا نيأس. الرّبّ هو الّذي بنعمته يفتدينا ودمه سفك من أجل إنسانيّة جديدة. مار الياس يضع فينا رجاء جديدًا. نحن لن نترك الله ولن نترك رجاءنا بالرّبّ. ونقول: السّلام سيتحقّق في لبنان وفي كلّ دول المنطقة والعالم. الله سينظر إلى من سقطوا في الحروب لأنّ دماءهم عزيزة عليه. ولا بدّ منهم أن يبدلوا وجه العالم، ويفتحوا آفاقًا جديدة. يسوع علمنا أنّ الفداء هو جسر عبور إلى حياة جديدة. القدّيسون هم مخلّصو الدّنيا بقوّة يسوع المسيح. هذا هو إيليّا النّبيّ وهو الّذي قال: حيّ هو الله الّذي أنا واقف أمامه. الرّبّ يريدنا واقفين وأقوياء بالحقّ والحبّ ولا يريدنا مستسلمين بل أبناء الرّجاء الحقيقيّ، الّذي لا يخزى. الرّجاء الّذي لا يخيّب صاحبه أبدًا، كما يقول الكتاب.
إيليّا نذكره، اليوم، بعد 2800 سنة على مروره بالأرض، لأنّ الله أعطاه رسالة قام بها خير قيام ودمغ البشريّة. عندما تحدّى إيليّا أنبياء البعل، ركع إيليّا وصلى وقال: إستجبني يا ربّ. إستجبني يا ربّ. فنزلت النّار على ذبيحة إيليّا وظهر الإله الحيّ. وفي القدّاس، ومن أجل إيليّا، يسجد الكاهن بعد كلام التّقديس ويقول ثلاث مرات: إستجبني يا ربّ وليأت روحك ويحلّ علينا وعلى هذا القربان. إيليّا له محبّون وفي هذا الشّرق هناك 20 كنيسة في أبرشيّة بيروت على اسم مار الياس. ولأنّنا نحبّه علينا أن نأخذ مواقفه ومحبّته للرّبّ الّذي يجب أن يكون الأوّل في حياتنا ونحن خدّام له صالحون".