المطران طربيه: ضحايا انفجار بيروت ليسوا أرقامًا وليسوا أناسًا بلا وجوه وأسماء
بعد الإنجيل، ألقى طربيه عظة قال فيها نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "من السّهولة بمكان أن نشير إلى ضحايا الحروب والانفجارات والمآسي بالأرقام، لكن القلب يدمي عندما ينظر إلى أبعد من تقارير الإعلام والرّوايات الرّسميّة وغير الرّسميّة، ويبدأ برسم ملامح الوجوه والتّعرّف على الأسماء وسائر تفاصيل الحياة الإنسانيّة.
من ضحايا الانفجار المروّع الّذي نكبت به بيروت يوم الثّلاثاء في 4 آب والّذي وصلت حصيلة ضحاياه إلى 154 قتيلاً، فيما أصيب أكثر من 6000 آخرين بجروح، جنود مجهولون خدموا الوطن والإنسانيّة بصمت، بين هؤلاء، ممرّضون، عناصر إطفاء، آباء، أمّهات، وشبيبة كانت تضجّ بالحياة والمهارات والمواهب. ذهبوا تاركين وراءهم عائلات تبكي ووطنًا ينزف.
إنّ ضحايا الانفجار ليسوا أرقامًا، بل هم أهل وأحبّاء، وهناك من كان في أمسّ الشّوق إليهم، خصوصًا في أستراليا. ليسوا أناسًا بلا وجوه وأسماء، أو أشخاصًا بلا هويّة، بل أخوة وأخوات لنا في المسيح، لكلّ منهم تطلّعات، أحلام، عائلة وأحبّاء".
وتوقّف طربيه في عظته أيضًا عند تفاصيل مؤثّرة من حياة بعض الضّحايا الّذين شارك أقرباؤهم في القدّاس، وذكر المفقودين سائلاً الله أن يتمّ العثور عليهم سالمين، ومن بينهم ثلاث عناصر من فوج الإطفاء: شربل كرم، شربل حتّي ونجيب حتّي؛ وتساءل: "كم يجب أن يحتمل اللّبنانيّون قبل أن يعرفوا الاستقرار والسّلام؟ ومن يعوّض عمّن ذهبوا؟ ومن يطفئ النّار في قلوب الأمّهات ويكفكف الدّموع من عيون الآباء؟".
وأضاف طربيه: "إنّنا كمغتربين لبنانيّين، كنّا نأمل بأن يكون الاستيقاظ باكرًا على أخبار الحرب قد بات من الماضي. كنّا نأمل بأن يكون وطننا قد بدأ بالتّنعمّ بالسّلام والاستقرار بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار خلّفت آلاف الشّهداء ودفعت بمئات الآلاف من اللّبنانيّين إلى الهجرة. لكن مع الأسف، لا نزال نصحو، يومًا بعد يوم، وسنة بعد سنة، على أنباء مأسويّة، بسبب الاضطراب السّياسيّ، وانعدام المحاسبة وغياب الحوكمة الصّحيحة. بالنّسبة لنا نحن الّذين نعيش خارج لبنان، هناك شعور بالعجز والقلق والحسرة والرّثاء على وطن نحبّه وشعب هو عائلتنا وخاصّتنا."
ثمّ حثّ الجالية على مدّ يد المساعدة من أجل لبنان، مذكّرًا بالحملة الّتي أطلقتها الأبرشيّة المارونيّة لمساعدة المنكوبين، شاكرًا على كلّ التّجاوب الّذي لقيته الحملة من الجالية حتّى الآن، وشدّد على "أهمّيّة الوحدة الوطنيّة، وضرورة التّكاتف والتّضامن بين كلّ مكوّنات الشّعب اللّبنانيّ، من مسلمين ومسيحيّين لمواجهة هذه المرحلة الصّعبة".
وأنهى سائلاً الله الرّاحة لنفوس الضّحايا، مسيحيّين ومسلمين، والصّبر والسّلوان والقّوة والشّجاعة والرّجاء لعائلاتهم، والشّفاء للجرحى، والعودة للمفقودين، والسّلام للبنان.