أستراليا
03 كانون الأول 2020, 10:30

المطران طربيه: الكاهن بحاجة لصلواتكم ودعمكم بقدر حاجتكم لصلواته ودعمه

غسان نخول- نورسات/ أستراليا
هي قصّة حبّ، حبٌّ ليس كأيّ حبٍّ آخر، حبٌّ لا يعرف الحدود، حبٌّ طوّع الألم، حبّر الخلاص بالدّم، مجَّدَ الصّليب، حطّم القبر، وأنار البشريّة بمجد القيامة! حبٌّ يعطي ولا يأخذ، يفرح ولا يحزن، يُحيي ولا يُميت!

السّيامة جرت السّبت في 28 تشرين الأوّل في كاتدرائيّة سيّدة لبنان، بوضع يد راعي أبرشيّة أستراليا المارونيّة المطران أنطوان- شربل طربيه، في قدّاس احتفاليّ حضره راعي كنيسة الرّوم الملكيّين الكاثوليك في أستراليا ونيوزيلندا المطران روبير ربّاط، وكهنة وسياسيّون وعائلة الكاهن وأقرباؤه ومؤمنون. عاون المطران طربيه في القدّاس الاحتفاليّ لفيف من الكهنة، في مقدّمهم عميد الكاتدرائيّة وعرّاب الكاهن الجديد الخوري طوني سركيس.

عظة المطران طربيه تلوّنت كلّها بالحبّ، فقد تمحورت على نصّ الإنجيل الّذي كلّف فيه الرّبّ يسوع بطرس رعاية كنيسته (يوحنّا 21: 15-19). سأل يسوع بطرس "يا سمعان بن يونا، أتحبّني أكثر ممّا يحبّني هؤلاء؟" فأجابه بطرس "نعم يا ربّ، أنت تعرف أنّي أحبّك حبًّا شديدًا". فطلب منه أن يرعى حملانه. سأله ثانية، فأجابه كما في المرّة الأولى فطلب منه مجدّدًا رعاية نعاجه. وعندما سأله للمرّة الثّالثة، حزن بطرس قبل أن يجيب "يا ربّ، أنت تعلم كلّ شيء، أنت تعلم أنّي أحبّك حبًّا شديدًا". قال له يسوع: "إرعَ خرافي".  

المطران طربيه اعتبر في عظته، أنّ دعوة الحبّ الّتي وجّهها يسوع إلى بطرس "تتطلّب حبًّا يفوق حبّ الآخرين له، والتزامًا لمدى الحياة، ليس لفكرة أو برنامج، بل لشخص حيّ هو ربّنا يسوع المسيح". لكن "لا حبّ من دون ألم، من دون خيارات مؤلمة أحيانًا، ومن دون ارتداد ومصالحة". وأضاف أنّ بطرس عَبَر إلى المصالحة مع الرّبّ، في تأكيد حبّه له، بعدما نكره ثلاث مرّات، فأولاه رعاية كنيسته.

وأكّد طربيه إلى أنّه "من المستحيل أن يكون الشّخص كاهنًا من دون هذا الحبّ التّفضيليّ للمسيح. لكن هذا الحبّ التّفضيليّ لا يبقى حصرًا للمسيح، بل العكس! فبالاتّحاد بالمسيح، تنجذب أكثر فأكثر، يومًا بعد يوم، إلى حبّ إخوته وأخواته وجميع أعضاء جسده السّرّيّ، أيّ الكنيسة".

والكاهن الجديد شربل ديب من مواليد 27 كانون الثّاني 1986، وهو ابن أنطوان وهيام ديب من بلدة مزيارة اللّبنانيّة الشّماليّة، ومن الشّبيبة الأستراليّة اللّبنانيّة الّتي تلقّت دروسها في مدرسة راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات في هاريس بارك. متأهّل من روز ماري اسحق ولهما ثلاثة أطفال: أنطونيو (7)، جورج (5) ودومينيك (2). يحمل إجازة في اللّاهوت والفلسفة من المعهد الكاثوليكيّ في سيدني، وهو حاليًّا المرشد الرّوحيّ للشّبيبة في رعيّة سيّدة لبنان ومدير مكتب الشّبيبة في أبرشيّة أستراليا المارونيّة. رُسِم شدياقًا في 12 تشرين الثّاني 2016 ورُقّي إلى درجة الشّمّاسيّة في 28 شباط 2019.  

وقد اختار الكاهن الجديد قول يسوع لبطرس "إرعَ خرافي" شعارًا لكهنوته. المطران طربيه اعتبر أنّ يسوع يسأل اليوم "يا شربل ابن أنطوان وهيام، زوج روزماري، والد أنطونيو وجورج ودومينك، أتحبّني أكثر من هؤلاء؟" وأنت أجبته بفخر وتواضع: "نعم يا ربّ، أنت تعرف أنّي أحبّك"".

وأشار طربيه إلى أنّه لا يكفي للكاهن أن يقول إنّه يحبّ يسوع المسيح، بل عليه أن يعود إليه كلّ يوم، ليتلقّى منه دعوته ورسالته وتجديد سيامته الكهنوتيّة. وأضاف موجّهًا كلامه إلى الكاهن الجديد: "غدًا عندما تؤتمن على رعيّة، صلِّ قائلاً: "يا ربّ، أنت تعرف ما تحتاجه رعيّتي والنّعم الّتي أسبغتها عليها، امنحني أن أخدمها وفقًا لمشيئتك". وفي كلّ شيء، اطلب من العذراء الّتي وثقت بإرادة الله وعنايته أن ترافقك وترشدك. فأنت ابن مزيارة، هذه البلدة اللّبنانيّة الشّماليّة الجميلة، نشأتَ على حبّ خاصّ لسيّدة الانتقال، حبّ تعلّمته من والديك أنطوان وهيام. واليوم، يجري تقديمك للرّبّ، مرّة أخرى، تمامًا كما تمّ تقديمك يوم عمادك في كنيسة مار شربل".

وقال المطران طربيه "إنّ الله بسخائه أنعم على الكنيسة ببركة جديدة لخدمة شعبه وتمجيد اسمه"، مؤكّدًا أنّ مسيرة الكاهن دونها تحدّيات كبيرة. وأضاف أنّ كلام يسوع لبطرس يجب أن يتردّد أيضًا في قلب كلّ شخص معمّد. وطلب من المؤمنين أن يصلّوا من أجل كهنتهم قائلاً إنّ "الكاهن بحاجة لصلواتكم ودعمكم بقدر حاجتكم لصلواته ودعمه".

عرّاب الكاهن الجديد الخوري طوني سركيس دعا إلى الصّلاة من أجله ومن أجل عائلته، ولكي يرسل الرّبّ المزيد من الدّعوات الكهنوتيّة.

وقد عبّر الكاهن الجديد شربل ديب عن فرحه لسيامته قائلاً "إنّ محبّة الله ونعمته لا يمكن مقارنتهما بأيّ شيء آخر، وإنّ المواهب الّتي يهبها لنا لا تثمّن، في عالم يدّعي أنّه يقدّم الكثير من الأشياء على أنّها مصدر السّعادة. وحدها محبّة المسيح يمكنها أن تحقّق رغباتنا العميقة، وهذه المحبّة هي الّتي تسمح لنا بأن تكون لنا الحياة بملئها".

أمّا رسالته للشّبيبة فهي "تعالوا وانظروا"، في إشارة منه إلى الكلام الّذي وجهه الرّبّ يسوع إلى تلميذيْ يوحنّا اللّذين أصبحا من تلاميذه، أحدهما أندراوس أخو سمعان بطرس الّذي أخبر أخاه عن المسيح ليصير هو رأس الكنيسة. "تعالوا وانظروا ما يقدّمه الرّبّ، ولا تَخَافوا أبدًا من تلبية الدّعوة الموجّهة إليكم لتكونوا قدّيسين".

بدورها عبّرت "الخوريّة" روز ماري عن فرحها الكبير بسيامة زوجها كاهنًا، قائلة إنّ سيامته دعوة لها من الله لكي تساند زوجها في مسيرته وخدمته.

المطران طربيه اعتبر أنّه لولا حبّ الأهل والأسرة ودعمهم وتشجيعهم، لما كانت دعوة شربل الكهنوتيّة ممكنة. وشكر عائلته "على الهديّة الرّائعة الّتي تشاركون بها الكنيسة. شكرًا على كلّ وقت أحضرتم فيه شربل إلى الكنيسة ليتعلّم حبّ الإفخارستيّا، وعلى كلّ ليلة صلّيتم فيها المسبحة الورديّة معه في المنزل العائليّ، ونقل التّكرّس للعذراء إليه".