لبنان
10 آذار 2022, 12:15

المطران سويف: نحن بأمسّ الحاجة أن نطلب نعمة الشّفاء!

تيلي لوميار/ نورسات
في زيارته الأولى إلى رعيّة مار ضوميط- الفوار، عبّر راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف عن سروره بلقاء أبناء الرّعيّة، واحتفل معهم بقدّاس إلهيّ، عاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري أنطون بو نعمة والخوري جورج اسحاق.

بعد قراءة إنجيل شفاء الأبرص، كان للمطران سويف عظة قال فيها: "في هذا الأحد المبارك، نُجدّد إيماننا بالرّبّ يسوع ونطلب منه أن يرحم موتانا خاصّةً الأشخاص والأحبّاء الّذين غادرونا بسبب وباء كورونا، ويشفي كلّ المرضى ويساعد كلّ النّاس.

وفي مطلع زمن الصّوم، هذه المسيرة الّتي نختبر فيها ما عاشه يسوع قبلنا، هو الّذي تجسّد وتعمّد على نهر الأردنّ، وذهب إلى البرّيّة وصام أربعين يومًا وأربعين ليلة، وانطلق بعدها في حياته التّبشيريّة، الرّسوليّة لكي يُعلن ملكوت الله، وتوّج إعلان ملكوت الله نهار الجمعة العظيمة على الصّليب. هكذا أعلن يسوع ملكوت الله الّذي تحقّق وهو ملكوت الحبّ، وملكوت الحياة الأبديّة.

لذلك تدعونا الكنيسة لكي نعيش هذه المسيرة كلّ سنة حيث نشعر بأنّ علينا أن نتطوّر وننمو ونكون أكثر متّحدين ومتشبّهين بيسوع المسيح. لذلك يا أحبّائي نعيش مسيرة الصّوم لنصل عبرها في النّهاية إلى الأسبوع العظيم فالفصح. نحن أمام حمل الله الحامل خطيئة العالم، نسجد وننحني ونقدّم قلوبنا، أفكارنا، حياتنا، ونقول له يا ربّ ساعدنا لكي نعيش سرّ الموت والقيامة فنموت كلّ يوم عن الإنسان القديم فينا لنعود ونقوم معك ونحيا معك خليقة جديدة فيك.  

هذه هي الحياة ومسيرة الصّوم الّتي نعيشها، نموت بالمسيح ونحيا ونتجدّد فقط بيسوع المسيح، الّذي هو مصدر كلّ تجديد، وهذا ما عاشه الأبرص.  

مشهد الأبرص، وهو الإنسان الّذي كان يعيش اختبار الموت ليسٍ الجسديّ فقط، بل كانت تعتبر الشّريعة تاريخيًّا أنّ المريض هو إنسان خاطئ، كما ونرى البُعد النّفسيّ، والحالة الّتي يعيشها الإنسان المريض، هذا المرض الّذي يعزله اجتماعيًّا ونفسيًّا فيعيش أنواع الموت، ونحن بهذه الفترة فترة الكورونا، عشنا شيئًا من هذا الاختبار فأصبحنا نخاف من بعضنا، وعشنا العزلة والخوف والإحباط. إختبر الأبرص هذه المشاعر بأضعاف وكان يتمنّى عيش الحرّيّة، ويريد نعمة الشّفاء، فسمع أنّ يسوع يمرّ في الطّريق فذهب إليه لكي يطلب نعمة الشّفاء.

فالّذي يُعطي نعمة الشّفاء هو يسوع المسيح فقط. يُعطي نعمة شفاء الإنسان من الخطيئة، شفاء الإنسان من الإحباط، شفاء الإنسان من أنواع الموت الّتي يعيشها. ألا يوجد موت في بيوتنا؟ هناك موت العلاقة، موت الحبّ، موت عدم الثّقة. أليس هناك موت في ضيعنا وفي مجتمعاتنا ورعايانا؟ نحن بأمسّ الحاجة أن نطلب نعمة الشّفاء، هذا الشّفاء الّذي جعل الأبرص يتحرّر من قيود الموت ويعود ينطلق إلى حياة جديدة. هذه حالنا عندما ندع الرّبّ يباركنا من خلال كلمته ويلمسنا بواسطة القربان، ويدخل إلى كياننا وعقولنا وحياتنا، ويشفينا كما حصل مع الأبرص، عندما قال له: إن شئتَ فأنتَ قادر أن تطهّرني، فأجابه: أنا شئتُ. لماذا؟ لأنّ يسوع رأى في الأبرص إنسانًا عنده ملء الإرادة، وعنده كلّ الإيمان. الإيمان والإرادة. هناك الإيمان بأنّ يسوع هو المُخلّص، هو الشّافي وهناك الإرادة كي يقوم بخطوة ويتوجّه نحو يسوع ويغيّر كلّ حياته ويجدّدها. يسوع مدّ يده، تذكّرنا حركة مدّ اليد في الإنجيل بالتّكوين وكأنّ الله يعود ويخلق إنسانًا جديدًا، مدّ يده.  

عندما يدخل القربان إلى أجسادنا يعني أنّ يسوع يعود ويخلقنا من جديد، خذوا كلوا هذا هو جسدي، خذوا إشربوا هذا هو دمي لمغفرة الخطايا وللحياة الأبديّة وللحياة الجديدة. هناك ولادة جديدة لحياة أبديّة نحن نعيشها كلّ مرّة نتّحد بالرّبّ بالقربان، ما هذه العظمة! ما هذه النّعمة! فالأبرص الّذي كان يعيش في البرّيّة، بالعزلة، والإحباط والموت، عاد والتحق بالجماعة، وانتمى إليها من جديد.

أقول هذا لأنّنا يا أحبّائي كمسيحيّين، لسنا مسيحيّين لوحدنا، منعزلين بل أنا كفرد أعيش إيماني في قلب الرّعيّة، في قلب الجماعة المسيحيّة، والجماعة المؤمنة، خاصّة بهذه الفترة من مسيرة السّينودس في الكنيسة وفي الأبرشيّة. فالسّينودس يُذكّرنا نحن ككنيسة أنّه لا يمكن أن نعيش كلٌّ لوحده، أسقفًا كان أم كاهنًا أم علمانيًّا، مؤمن ومؤمنة. فليس المهمّ أن أُرتّب أوضاعي وأكون لوحدي، فهذه ليست كنيسة، لذلك السّينودس هو الوعي بأنّنا جماعة، كنيسة، شعب الله، نعيش الشّركة نعيش المشاركة مع بعضنا البعض، وننطلق كجماعة لكي نُعلن ملكوت الله وهو الحياة الجديدة بيسوع المسيح.

وفي الختام، طلب المطران سويف من الرّبّ أن يبارك الرّعيّة، وطلب صلاة أبنائها له، "لكي نعيش مسيرة الإيمان ونتوجّه نحو يسوع في هذا الصّوم المبارك بعمق وتواضع ومحبّة وفرح ونقول للرّبّ أن يشفينا من كل أنواع البرص الموجودة في قلوبنا وأفكارنا وأجسادنا وعائلاتنا ورعايانا وكنائسنا ولبنان، خاصّةً المتألّم والمجروح لكي نصل مع المسيح إلى ميناء القيامة والحياة الجديدة".

وبعد القدّاس، كان لقاء أخويّ مع أبناء الرّعيّة في قاعة الكنيسة.