لبنان
27 كانون الأول 2018, 08:47

المطران درويش يوضح أسباب تجسّد المسيح من مشغرة

في ثاني أيّام عيد الميلاد المجيد، في عيد تهنئة العذراء، احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة سيّدة النّياح في مشغرة، عاونه فيه خادم الرّعيّة الأب زاكي التّنّ، وقد توجّه إلى الحاضرين بعد الإنجيل المقدّس قائلًا:

 

 "أحيّي كلّ واحد منكم وأعايدكم بعيد ميلاد يسوع المخلّص.. أشعر بفرح أن أصلّي معكم ثاني يوم عيد الميلاد لنشترك معًا بفرحة عيد الميلاد، وأعايد المقيمين من البلدة خارجها والمغتربين المنتشرين في أنحاء العالم.

يلمس جمال طفل المغارة قلبنا وعواطفنا، إنّه جمال إلهيّ بهيّ نفهم من مشاهدتنا هذا الطّفل أنّ الله جعل نفسه طفلًا صغيرًا، ولد في مغارة فقيرة وجعل نفسه أفقر الفقراء، وبتأمّلنا هذا الطّفل لا يمكن إلّا أن نحبّه ونثق به، وهو يلمسنا بنظراته. ونحن بدورنا نريد أن نكون أمامه كأطفال صغار.
جاء في الإنجيل أنّ مريم لم تجد مكانًا لها إلّا المغارة لتلد يسوع. هذه العبارة تؤثّر فينا فمن المؤكّد أنّ يوسف ومريم طرقا أبوابًا كثيرة قبل أن يتوجّها إلى المغارة.
"جاء يسوع إلى خاصّته وخاصّته لم تقبله" (يوحنّا 1/11). أحيانًا كثيرة نتعامل مع يسوع بهذه الطّريقة، يأتي إلينا ولا يجد مكانًا في قلوبنا، ويجدنا مشغولين بأمور كثيرة والحاجة إلى واحد: أن نكون بجانبه، نصغي إليه ونحتفل بوجوده معنا.
هل له مكان في فكرنا وفي أحاسيسنا وفي أحاديثنا وفي مشاريعنا وفي نوايانا؟ لنصلّ في هذا الميلاد ليخلق فينا مكانًا له لنتمكّن من التّعرّف إليه بطريقة أفضل.
لماذا تجسّد الله يسوع وصار إنسانًا مثلنا؟ أسباب كثيرة جعلت الله يصمّم على إرسال ابنه الوحيد يسوع المسيح ليكون واحدًا من عالمنا!..
أوّلًا: تجسّد وصار إنسانًا ليؤكّد لنا حبّه، الله أحبّ العالم وأحبّ من في العالم "أَحبَّ اللهُ العالمَ حتَّى إِنَّهُ بذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكي لا يَهلِكَ كلُّ مَنْ يُؤْمنُ بهِ، بل تكونَ لَهُ الحياةُ الأَبديَّة" (يوحنّا 3/16)،
ثانيًا: تجسّد وصار إنسانًا، ليعلّمنا كيف نحبّ بعضنا البعض: "هذِهْ وَصيَّتي: أَنْ يُحبَّ بَعضُكم بَعضًا كما أَحْبَبْتُكم أنا" (يوحنّا 15/12).
ثالثًا: تجسّد وصار إنسانًا ليجعلنا شركاء في طبيعته الإلهيّة وليعطينا فرحه الإلهيّ ويمنحنا سلامه. ونشيد الملائكة بعد ولادة المخلص تؤكّد على ذلك: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام وللنّاس المسرّة".
تعالوا أيّها الأحبّاء نذهب معًا إلى المغارة نركع أمامه ونمجّده، فيسوع طيّب، ومحبّ، يقدّم لنا نوره وحبّه وطيبته وفرحه، معه توجد السّعادة والحقيقة والخير والحرّيّة. إنّه عمّانوئيل، الله معنا، إنّه سلامنا، معه نجد الخير والمصالحة، معه ينتفي العنف وتتبدّد الظّلمة ويضمحل الطّمع.
لنذهب معًا إلى المغارة، إلى بيت لحم بعجلة وفرح، كالرّعاة (لوقا 2/59)، لنرى الطّفل الصّغير في مذود مع أمّه مريم العذراء، يعني لنخرج من تفكيرنا الضّيق ومن رتابة حياتنا ومن خلافاتنا، لنصل إلى الجوهر، إلى الحقّ، إلى يسوع ونتعرّف إلى ما يريده الله منّا.
لنصلّ من أجل أن تسود الأخوّة هذه البلدة مشغرة ويسود السّلام بين عائلاتها ومكوّناتها، لكي لا نسمح لأحد أن يعكّر التّفاهم والتّعايش فيها.
لنصلّ ليبني المسيحيّون والمسلمون في مشغرة وفي لبنان السّلام ويكون الله في وسطهم.
لقد أتى يسوع إلينا اليوم فلنذهب إليه بفرح وقلب نقيّ. آمين."
وبعد القدّاس، استقبل المطران درويش المهنّئين في صالون الكنيسة.