لبنان
06 شباط 2018, 06:47

المطران درويش يصلّي من عانا في الذّكرى العشرين على استشهاد ابنها النّقيب جان الياس وهبة

ترأّس رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش قدّاس الذّكرى العشرين لاستشهاد النّقيب المغوار جان الياس وهبة، في كابيلا القدّيس يوحنّا المعمدان في عانا، عاونه فيه خادم الرّعيّة الأب طوني الفحل والآباء الياس ابراهيم وكارلوس حدّاد، بحضور رسميّ وعسكريّ وشعبيّ.

 

بعد الإنجيل، كانت عظة للمطران درويش أشاد فيها بمزايا الشّهيد فقال:" نجتمع اليوم لنحتفل معكم بالقدّاس الإلهيّ على نيّة الشّهيد جان الياس وهبة، ابن هذه البلدة عانا، ونذكر معه كلّ شهداء البلدة.
لقد قدّمت عانا عبر تاريخها شهداء كثيرين لتبقى هذه المدينة منارة مسيحيّة تشهد بشجاعة للمسيح الّذي سبقنا وكان الشّهيد الأوّل في المسيحيّة، فالمسيحيّة منذ البداية، أعطت ومازالت تعطي شهداء يقدّمون حياتهم فدية إيمانهم ومجاهرتهم بالحقيقة النّابعة من صلب المسيح وقيامته.
إنّ الاستشهاد هو أعظم وأكبر أعمال المحبّة كمحبّة يسوع المسيح الّذي قدّم حياته قربانًا على مذبح إنسانيّتنا لتكون لنا الحياة.
الكنيسة لا يمكن أن تنسى شهداءها وكذلك الوطن لأنّ الشّهيد يصنع التّاريخ.
اليوم إذًا نحيي ذكر شهيد لبنان جان الياس وهبة الّذي استشهد منذ 20 عامًا، نصلّي لتستريح نفسه في الوطن السّماويّ، ولأن يبقى ذكره مؤبّدًا. نتعلّمُ منه أنّ حبَّ الوطن هو من حبّ الله، هذا الحبّ علّمنا إيّاه السّيّد المسيح عندما قال "ليس لأحد حبّ أعظم من أن يبذل نفسه عن أحبّائه". والمسيح نفسه علّمنا كيف تكون الشّهادة وسار في دربها وارتضى أن يُصلب ويموت دفاعًا عن الحقّ.
نكرّم الشّهيد جان ونكرّم معه كلّ شهداء عانا الّذين ضحّوا من أجلنا. نكرّمهم لا من أجلهم فحسب ولكن من أجلنا لنبقى شهودًا للإيمان الّذي ورثناه من الآباء والأجداد، نكرّمهم لأنّهم منحونا قدرة البقاء في أرضنا وفي بلدنا.
نبدأ هذا الأحد المبارك بالتّحضير للصّوم الكبير الّذي يبدأ يوم الاثنين 12 من هذا الشّهر، والكنيسة تضع لنا نصّ إنجيل الدّينونة الّذي من خلاله يوضح الرّبّ لنا الخيارات الّتي علينا أن نلتزم بها كمؤمنين كما يؤكّد هذا النّصّ أنّ المحاسبة أو الدّينونة تبدأ على الأرض. ويضع لنا المسيح المحبّة معيارًا للمحاسبة ويطلب منّا أن نكون مسؤولين عن أخوتنا، ويسوع يؤكّد لنا أنّ "كلّ ما تفعلوه بأحد أخوتي هؤلاء الصّغار فبي فعلتموه".
المهمّ أن نعرف بأنّ صومنا يجب أن يقودنا إلى تجديد حياتنا الرّوحيّة، وتجديد علاقتنا مع القريب.
الصّوم الّذي نريده هو وقت مميّز فيه نتوب عن خطايانا وعن أيّ تقصير حصل منّا تجاه أخوتنا البشر وهو مناسبة لنعود إلى الله ووقت نكتشف فيه من جديد محبّة الله لنا.
كما أنّه أيضًا وقت تقدّمه لنا الكنيسة لنسير في القداسة ولنرسخ فينا متطلّبات دعوتنا المسيحيّة، لذا أطلب منكم أن تعطوا مزيدًا من وقتكم للصّلاة والتّأمّل وعمل الخير ومطالعة الكتاب المقدّس، وليكن هذا الصّيام وقتًا نتقدّس فيه ونقدّس كنيستنا.
في هذا الإنجيل نالَ الخرافُ نصيبًا صالحًا نتيجةً لما قاموا به من أعمالِ محبَّةٍ واهتمامٍ بالفقراءِ والمحتاجين. كما نالَ الجداءُ نصيبَهم بما يتوافقُ وعدمِ محبَّتِهم واهتمامِهم بأيٍّ منَ المحتاجين. منَ الملاحظِ هنا، أنَّ الرّاعيَ، الملِك، لم يسألْ أحدًا عن إيمانِه ولا عن انتمائه الطّائفيّ وعن عقيدته أو دينه!
النّصيب الصَّالحَ يَرتكزُ على استقامةِ حياتِنا، عن المحبّة والكرم وأن تكون أعمالنا كلُّها من أجل المسيح وهي بذلك تكتسب أجرًا خاصًّا: "مَن سقى... كأسَ ماءٍ باسمي، فإنَّ أجرَه لن يَضيع" (متّى10/42)."
في ختام القدّاس، رُفعت صلاة النّياحة عن روح الشّهيد وتقبّل بعدها الأهل التّعازي بفقيدهم.