المطران درويش منح الأب أبو شعيا رتبة أرشمندريت
بعد المراسم الاحتفاليّة، ألقى المطران درويش عظة هنّأ فيها الأرشمندريت الجديد متوقّفًا عند أبعاد الصّوم، فقال:
"يعود الصّيام كلّ سنة ليحثّنا ويقدّم لنا فرصة نادرة لنعمّق ايماننا فنكتشف من جديد قيم الحياة المسيحيّة الّتي علّمنا إيّاها يسوع المسيح في إنجيله المقدّس وثبّتتها الكنيسة في تعاليمها. كما أنّه مناسبة مقدّسة لنكتشف من جديد رحمة الله الّتي لا تفرّق بين إنسان وآخر.
خلال الصّوم ترافق الكنيسة المؤمنين وتحثّهم وتطلب منهم ان يجدّدوا إيمانهم بالصّلاة والصّوم والقطاعة. كما تطلب منهم مساعدة المحتاجين في أنحاء العالم. فالعطاءات المادّيّة تجلب للمعطي الفرح وتساهم في إنماء اإخوتنا البشر، كما أنّ عطاياكم لكنيستكم تساهم في نشر ملكوت الله.
وضعت لنا الكنيسة في الأحد الأوّل من الصّوم تذكار الأيقونات وتطلب منّا أن نكرّم من تمثّل فالأيقونات تشدّنا وتجعلنا مستيقظين، إنّها أمامنا في كلّ مكان، في الكنيسة، في بيوتنا ونحملها معنا، تدعونا لتغيير كلّ شائبة وتذكّرنا بأنّنا في حضرة الله، الله أبونا حيّ فينا. وكلّ مرّة نتأمّل الأيقونة في الكنيسة أو في بيتنا نقتنع أكثر فأكثر بأنّنا لسنا وحدنا، المسيح معنا، مريم العذراء معنا، القدّيسون معنا يقودوننا في سبل الخير وإلى طريق آمن.
عندما أتأمّل أيقونة المسيح وأصغي إليه بصلاة صامتة يقول لي كما قال فيلبّس الّذي كان يتبع يسوع لنثنائيل: " تعال وانظر". لبّى نثنائيل الدّعوة لأنّ يسوع رآه أوّلاً: "قبل أن يدعوك فيلبّس وأنت تحت التّينة رأيتك". المهمّ أن تلمسنا نظرات يسوع وتدعونا لنقول له "نعم يا ربّ أنّ كلام الحياة هو عندك".
المهّم أن نعرف بأنّ كلّ واحد منّا هو أيقونة المسيح، بمثله، بحديثه وبأعماله، هو مدعوّ أن يُظهر المسيح لإخوته البشر.
الزّيّاح الّذي نقوم به في آخر اللّيتورجيا الإلهيّة والّذي نطوف فيه بأيقونة المسيح وأيقونات أخرى، يجدّد العهد بينه وبيننا، ودعوة لنا لنكون على مثاله أيقونة حيّة يرى فيها الآخرون صورته."
هذا وتحدّث عن خصال الأرشمندريت الجديد فقال: "الأب إيلي أبو شعيا كاهن رعيّة هذا المقام، هو أيضًا أيقونة في أبرشيّتنا، والمسؤوليّات الّتي يضلع بها تظهر فعلاً أنّ يسوع حاضر في حياته وفي عمله، ونحن في الأبرشيّة نتّكل عليه في أمور كثيرة: رعيّة قب الياس، رعية المقام، مركز الإصغاء، معهد التّنشئة اللّاهوتيّة وجلة الرّسول وغيرها من الأمور الّتي تطلب منه والّتي يلبّيها بأمانة وبكرم روحيّ ملفت.
لذلك كلّه رأينا من المناسب وبعد عشر سنوات من الخدمة الكهنوتيّة، أن نشكره ونقدّم له رتبة الأرشمندريت، وهي رتبة كنسيّة شرفيّة تُقدم لمستحقّيها.
ربّما كثيرون منكم يسأل عن معنى كلمة أرشمندريت. فاللّفظة كانت تطلق في القرن الرّابع الميلاديّ على الدّير وأضيفت اليها كلمة (أرخي – من أرخيغوس اليونانيّة) فأصبحت أرخمندريت أيّ رئيس الدّير، ثم شاعت في الكنائس الشّرقيّة وتبلورت في ما بعد فصار معناها الأب الرّئيس.
وفي القرن السّادس صارت هذه الرّتيبة وظيفة رهبانيّة ثمّ ما لبثت أن صارت في القرن العاشر لقبًا إكراميًّا يعطى للإكليروس الأعزب تقديرًا لخدماتهم في حقل الرّبّ.
من جديد نقول للأب إيلي: مستحقّ وإلى سنين كثيرة."
من جهته، عبّر الأرشمندريت الجديد عن فرحه فقال: "رتبة أرشمندريت تحمل مسؤوليّتين. المسؤوليّة الأولى أشكر فيها سيادة المطران عصام على لفتته الكريمة واهتمامه الخاصّ. أمّا الثانية فقد حمّلني فيها مسؤوليّة كبيرة، أيّ السّهر وتدبير الرّعيّة ومن أصلّي معهم حتّى لا يهلك منها خروف واحد.
رتبة الأرشمندريت تتزيّن بابتهالين: الأوّل صلتكم لي، أنتم الّذين نصلّي معًا في هذا المقام، في قب الياس وفي كلّ الكنائس الّتي خدمتها، صلاتكم من أجل أن أثبت أكثر في مسؤوليّتي الكهنوتيّة لخدمتكم. أمّا الابتهال الثّاني، أنا أقدّمكم إلى الرّبّ يسوع لكي يحفظكم يمنّ عليكم بالخيرات الدّنيويّة والأبديّة. في هذه اللّحظات وأنا بنعمة أرشمندريت أشكر شكرين أيضًا: الأوّل لعائلتي المنتصرة في السّماء ولعائلتي المجاهدة على الأرض لتربيتهم لي، ولتربيتي لأولادي والأحفاد. الشّكر الثّاني لعائلتي في دير المخلص الّذين ترعرعت معهم منهم الآن معي على المذبح ومنهم من المصلّين بينكم والأصدقاء، خصوصًا الصّديق والرّئيس أيّام الدّراسة، والأسقف سيادة المطران عصام يوحنّا درويش الّذي لبس اسم يوحنّا، أيّ لبس الحنان والمحبّة وألبسني اليوم يوحناه مشكورًا، ونحن جميعًا بالمعموديّة لبسنا المسيح الّذي هو شعاري هو الطّريق والحقّ والحياة."
وأقيم في الختام زيّاح بالأيقونات المقدّسة تلاه حفل كوكتيل في قاعة المطران أندره حدّاد على شرف المدعوّين.