المطران درويش: ليكن صومنا صوم توبة لأنّ التّوبة هي باب القداسة وباب الإيمان
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران درويش عظة قال فيها:
"أيّها الأحبّاء أحيّيكم وأعرب عن فرحي الكبير أن أكون معكم اليوم في هذا القدّاس الإلهيّ، نحتفل سويًّا بالأحد الثّالث من الصّوم بالصّليب المقدّس.
كما تعرفون، في كنيستنا نعيّد مرّتين للصّليب: العيد الأوّل في الرّابع عشر من أيلول عيد ارتفاع الصّليب، والعيد الثّاني في منتصف الصّوم الكبير المقدّس. الكنيسة تضع لنا هذا الأحد الصّليب لكي تقول لنا إنّ الصّليب مغروس في حياة كلّ واحد منّا، في قلب كلّ واحد منّا لأنّ إيماننا لا يقوم إلّا بالصّليب، لولا صليب المسيح لكان إيماننا باطلاً. وتضع الكنيسة أيضًا الصّليب في هذا الأحد لكي تقوّينا وتشجّعنا على تكملة الصّوم بقوّة، ولكن لا تقفوا عند الصّليب فقط بل تطلّعوا إلى القيامة. نحن لا نفهم الصّليب إلّا على ضوء القيامة، فالصّليب والقيامة مرتبطان ببعضهما البعض. الصّليب هو قوّة المسيحيّ، قوّة المؤمن الّذي يأخذ منه قوّة إيمانه، لذلك الصّليب موجود في كنائسنا وبيوتنا وعلى صدورنا وإشارة الصّليب ترافقنا دائمًا لكي نقول للنّاس إنّ هذا هو فخرنا وقوّتنا، وفي نهاية القدّاس سنقوم بالتّطواف بالصّليب في الكنيسة لكي نكرّم الصّليب.
الموضوع الثّاني في عظتي اليوم هو زيارة قداسة البابا إلى العراق.
كلّنا تابعنا عبر وسائل الإعلام زيارة قداسة البابا فرنسيس العظيمة جدًّا إلى العراق، وهو عنون زيارته بجملتين: "أتيت إلى العراق في زيارة حجّ وأزوره تائبًا". عادة نذهب إلى الحجّ إلى مكان مقدّس والبابا اعتبر كما نعتبر نحن كلّنا أنّ أرضنا أرض هذا الشّرق هي أرض مقدّسة وبنوع خاصّ في العراق لأنّ الإيمان انطلق من النّبيّ ابراهيم من العراق. البابا فرنسيس أتى إلى أرضنا حاجًّا، ونحن أصحاب هذه الأرض في حجّ دائم لأنّ أرضنا مقدّسة وإذا كنّا في حجّ دائم علينا أن نكون في توبة دائمة أيّ أن يتوب الواحد منّا عن خطاياه وعن كلّ ما يبعده عن الإنسان الآخر، ونحن في هذا الشّرق ابتعدنا جدًّا عن بعض.
البابا يعتبر أنّ الإنسان الشّرقيّ الّذي من المفترض أن يكون أقرب من غيره إلى أخيه الإنسان ابتعد عن أخيه، ولذلك أراد البابا أن يتوب بإسمنا جميعًا وليس بإسمه فقط، بإسم الكنيسة وبإسم كلّ المؤمنين، والصّوم لدينا هو توبة، هو عودة إلى الله، عودة إلى أخينا الإنسان الآخر. في هذه المناسبة أدعوكم جميعًا إلى أن يكون صومنا صوم توبة لأنّ التّوبة هي باب القداسة وباب الإيمان، وكما يقول القدّيس يوحنّا: "كما العصفور يطير بجناحين هكذا المسيحيّ يتقدّس بجناحين: الصّلاة والصّوم."
أمّا الموضوع الثّالث في عظتي فهو شكر لكلّ واحد منكم أبناء وبنات هذه الرّعيّة وأبناء وبنات الأبرشيّة على محبّتكم لبعضكم البعض وعلى ايمانكم الكبير. أحببت اليوم أن أكرّم الأب طوني الفحل كاهن الرّعيّة، وأن أمنحه بإسمي وبإسم الأبرشيّة الصّليب المقدّس لأنّني أعلم أنّ الأب طوني رجل غيور ومحبّ، يحدّثني دائمًا عن أبنائه أبناء رعيّته بشغف وحبّ وحماس ورغبة في خدمتهم. لذلك بإسمكم أقدّم له الصّليب المقدّس ليكون حاميًا له، ويكون له قوّة لخدمة أكثر، وبهذه الطّريقة نقول للأب طوني لا تخف المسيح معك، الصّليب معك وهو قوّتك وسندك لخدمتك في الرّعيّة."
من جهته، شكر الأب طوني الفحل المطران درويش قائلاً: "سيّدي ومعلّمي أنت المصباح الّذي أنار لي طريقي حتّى وصلت إلى برّ الأمان برسامتي كاهنًا على مذابح الأبرشيّة، فلك منّي كلّ الشّكر والتّقدير والاعتزاز.
أقدّم لك كلّ الاحترام على وقتك الّذي أعطيته لي طوال هذه المسيرة وعلى حبّك الّذي غمرتني به وعلى نصائحك الّتي أرشدتني إلى طريق الصّواب.
كنت مَثَلي في المثابرة على العمل فأنت لا تملّ من المتابعة والسّهر على أبرشيّتك فصرت لكلّ واحد منّا الأب الرّوحيّ تحمينا وتبقى وراءنا وتدفعنا إلى الأمام بكلّ حبّ ورعاية وإرشاد حتّى نجني ثمار نجاحنا دون أن تنتظر منّا مقابل، فالمقابل توظّفه لدى المخلّص الّذي أنت رسوله.
أمّا وقد رأيت فيَّ ورغم ضعفي أن تمنحني الصّليب المقدّس فهذا كِبَرٌ منك تتحلّى به في كلّ علاقاتك مع الآخرين وهذه مسؤوليّة عليّ أمام من قال إحمل صليبك واتبعني.
كلمات الشّكر لن تفي ما يحفظه لك القلب من محبّة واحترام لكن فاحص القلوب يعرف تمام ويكافئك عنّي.
الشّكر لله، الشّكر لإخوتي الكهنة شركائي في الخدمة، الشّكر لوالدتي وهي طريحة الفراش والّتي أهديها هذا الصّليب فيخفّف من آلامها. الشّكر لأبناء رعيّتي في مار أندراوس والشّكر للجنديّ المجهول الّذي يرافقني دومًا مثل الملاك الحارس. وسنين عديدة يا سيّد".