لبنان
18 كانون الثاني 2021, 12:15

المطران درويش: ليرحم الرّبّ عالمنا وينجّي البشرية من الوباء

تيلي لوميار/ نورسات
"صلاتنا المشتركة نقدّمها اليوم ليرحم الرّبّ عالمنا وينجّي البشرية من الوباء الّذي يفتك فينا، نصلّي من أجل المرضى ولاسيّما المتروكين منهم والفقراء الّذين لا يجدون لهم مكانًا في المستشفيات. نصلّي لراحة نفس موتانا الّذي رقدوا بالرّبّ وسبقونا إلى الملكوت ونعزّي قلوب ذويهم، يبقى لنا نحن المؤمنين الرّجاء بأن نلتقي معهم بيسوع المسيح في الدّهر الآتي كما جاء في قانون إيماننا: "أترجّى قيامة الموتى والحياة في الدّهر الآتي"، كما نصلّي من أجل الأطبّاء والممرّضين والممرّضات وعناصر الصّليب الأحمر وكلّ من يعمل في مواجهة هذا الوباء ليمنحهم الرّبّ الصّحّة والعافية لمتابعة مسيرتهم الإنسانيّة."

هذه النّوايا رفعها راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش، في عيد القّديس أنطونيوس الكبير "اللّابس الله"، خلال قدّاس الأحد ترأٍّسه في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم وخادم الرّعيّة الأرشمندريت إيلي نمّور .

وفي عظته هنّأ درويش من يحملون اسم صاحب العيد ومن يتّخذونه شفيعًا لهم، وتابع قائلاً: "سمعنا إنجيل اليوم يتحدّث عن زكّا، الرّجل العشّار الغنيّ، الّذي كان يطلب أن يرى يسوع. ولمّا كان قصير القامة صعد إلى شجرة الجميّز ليراه عن قرب فكافأه يسوع وقال له: "أَسرِعِ ٱنزل. فاليَومَ يَنبَغي لي أَن أُقيمَ فـي بَيتِك". يذكّرنا كلام يسوع ودعوته لزكّا بما جاء في سفر الرّؤيا: "ها أنا واقف على الباب أقرعُ، فإن سمع أحدٌ صوتي وفتحَ الباب دخلتُ إليه وتعشيتُ معَهُ وتعشّى هو معي" (رؤيا3/20).

رغم أنّ زكّا كان منبوذًا من مجتمعه ومرفوضًا من النّاس، لأنّه كان يعمل جابيًا لصالح الرّومان المحتلّين، نظر يسوع إليه بمحبّة وثقه فدعاه للنّزول سريعًا عن الشّجرة لأنّه سيقيم اليوم في بيته، اختاره بين الجميع ليدخل معه في علاقة وشركة.

لماذا ركّز يسوع على "اليوم يَنبَغي لي أَن أُقيمَ فـي بَيتِك؟" لأنّ يسوع لا يريد أن نتردّد ونبطئ ونتأخّر باللّقاء معه، فأنا منذ هذه اللّحظة وبنيّة صافية ومن كلّ قلبي وبروح منسحقة ومتواضعة، يمكنني أن أفتح قلبي ليسوع، فيأتي إليّ! وأنا بدوري أنزِل لألتقي به.

على أرض الواقع ألتقي بيسوع وليس في الفكر فقط، بعلاقاتي مع النّاس وليس بكبريائي ولا بتزمّتي، وبمحبّتي وتواضعي. يسوع ليس هو زائر عاديّ يأتي إلى بيتنا من وقت إلى آخر ونستقبله بالصّالون ونرحّب به وعندما يترك البيت ننساه. إنّه زائر دائم يمكث معنا باستمرار، يشاركنا حياتنا، وبحضوره نتغيّر مثل زكّا ونعترف أمامه بأنّنا كنّا نظلم الآخرين بحكمنا وفكرنا وتصرّفاتنا. كان اعتراف زكّا واضحًا وصريحًا: "وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحدًا شَيئًا، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف". بإعترافه هذا أظهر زكّا تغييرًا جذريًّا في حياته، وتحوّل من غنيّ متكبّر ومتسلّط إلى إنسان يشارك الفقراء والمعوزين، من إنسان ظالم إلى شخص عادل.

المشكلة فينا أنّ رؤيتنا للأمور أصبحت قصيرة وضيّقة وابتعدنا عن الجوهر وصرنا نتلهّى بالأمور السّطحيّة، هذا هو زكّا الّذي صرنا على مثاله نفتّش عن يسوع وكأنّه غرض نريد أن نمتلكه. إنّ يسوع هو شخص حيّ لن نكفّ مدى الحياة عن اكتشافه وعن معرفته.

إنّ معرفة يسوع تتطلّب انقلابًا في تفكيرنا وعودة دائمة إليه وتوبة داخليّة. ورغم ضعفنا، يبادر يسوع إلى معرفتنا كما بادر وبشّر زكّا بأنّه سيمكث معه. يرفع عينيه إلينا لأنّه يعرفنا ويقول لنا: "إنزل سريعًا، تعال إليّ، إصنع الخير بدل الشّرّ، تواضع بدل أن تتكبّر. إنزل فلا يمكنك أن تتعرّف إليّ وأنت فوق قابع على الشّجرة ولكن إذا أردت أن تتعرّف علييّ، عليك أن تقيم معي في داخل بيتك. آنذاك تحصل على الخلاص".

أيّها الأحبّاء، إنجيل زكّا هو رسالة لكلّ مسيحيّ ليفهم أنّ اللّقاء مع يسوع يتطلّب تغييرًا فينا وتوبة داخليّة وتقدّمًا في الإيمان. إنّ المسيح ينتظرنا ليقيم معنا."