المطران درويش في عيد الشعانين : بدخول المسيح المدينة المقدسة، أدخلنا بمحبته إلى سمائه وملكوته
"اليوم نحتفل بعيد دخول ربنا يسوع المسيح إلى أورشليم، ونسميه عيد الشعانين. يرمز هذا العيد إلى مجيئه إلينا ودخوله في حياتنا. لقد دخل أورشليم ببساطة كلية، فكرمه الشعب بعفوية وحملوا سعف النخل وخرجوا من بيوتهم لاستقباله هاتفين عاليا: "هوشعنا.. مبارك الآتي باسم الرب".
هذا العيد يخلق جوا من الفرح والسعادة، لأن يسوع يوقظ فينا رجاء كبيرا، نعرف أنه معنا، ويدرك صعوباتنا ومشاكلنا ومآسينا ويظهر لنا وجهه الرحوم.
يشير سعف النخل إلى أن المسيح هو غالب الموت. أما كلمة "هوشعنا" فتعني "يا رب خلص". الشعب الذي كان مع يسوع في بيت عنيا لما أقام لعازر من الموت هو الذي واكبه في دخوله إلى أورشليم.
توضح لنا أيقونة الشعانين أن الأولاد هم أول من عرف من هو يسوع، فنراهم يفرشون الثياب ليستقبلوا يسوع، وقد بدا البعض منهم في أعلى الشجرة المنتصبة في وسط الأيقونة، إنها شجرة الحياة، إنها السلم الذي نرتقي به إلى الله".
أضاف: "بدخوله المدينة المقدسة، أدخلنا يسوع بمحبته إلى سمائه وملكوته، وهو دخل إلى صلب حياتنا، لكن المشكلة أن أهل أورشليم انقلبوا على يسوع في مساء اليوم نفسه وطلبوا موته. تغير الحب إلى حقد وهتافات البركة إلى هتافات القتل.
إنه حالنا في كثير من الأحوال، فكم من شخص ترك الله وترك الكنيسة من أجل سوء تفاهم، كم من شخص صارت له الكنيسة للمناسبات فقط، يأتي إليها في أحد الشعانين والجمعة العظيمة وربما في أحد الفصح وينساها باقي أيام السنة. ما هو الحل؟ الإيمان الثابت، الإيمان الحقيقي وليس العابر، الإيمان الراسخ وليس السطحي. الإيمان الملتزم، الواعي والذي يطلب دوما الكمال.
نعرف اليوم أن يسوع دخل إلى أورشليم لا ليُستقبل كملك، ولكن ليكلل بالشوك، ليسخروا منه، ليسير إلى الجلجلة وليصلب، يدخل أورشليم ليموت على الصليب. أراد أن يأخذ له من الصليب عرشا لسبب واحد فقط وهو أن يغسل بدمه وبمحبته خطيئة الإنسان، الخطيئة ضد الله وضد أخينا الإنسان.
نعرف اليوم أيضا أنه انتصر على الشر بواسطة الصليب، وقد أعلن وهو على الصليب أن المحبة هي أقوى من الموت وأن الغفران هو أقدس من الحقد والكراهية وأن الصليب هو فرحنا وخلاصنا وقيامتنا.
لنطلب اليوم ونحن سائرون في الزياح، شفاعة العذراء مريم. لتعلمنا فرح اللقاء مع المسيح، آمين".