المطران درويش في عيد الأمّ: نحن نرى في الأمّ صورة مريم العذراء
في عظته هنّأ المطران درويش الأمّ في عيدها فقال: "يتحدّث إنجيل اليوم عن صعود يسوع إلى أورشليم قبل الآلام. يأخذ التّلاميذ ويخبرهم بأنّه سيسلّم إلى الموت ولكنّه سيقوم من بين الأموات. "ها نحن صاعدونَ إلى أُورشليمَ، وابنُ البشرِ سيُسلَمُ إلى رؤساءِ الكهنةِ والكتبة، فيحكمونَ عليه بالموتِ ويُسلمونَه إلى الأُمم، فيَهزأُون به، ويجلدونَه، ويبصقونَ عليه، ويَقتلونَه، وفي اليومِ الثَّالثِ يقوم."
اليوم ومن جديد يعيد يسوع ما قاله لتلاميذه، ويحدّثنا ويشرح لنا سرّ الخلاص. يريدنا أن نفهم بأنّه خلّصنا بصليبه. وبينما كان التّلاميذ يفتّشون عن المراكز والعظمة علّمهم أنّ الكِبَرَ يكون في الخدمة والتّواضع وبذل الذّات: "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، عليه أن يكون خادمًا لكم" (مر 10/43).
علّمنا يسوع بأنّ المحبّة هي في خدمة الآخرين، "فابن البشر ما جاء ليُخدَم بل ليخْدُم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين".
المسيحيّة أيّها الأحبّاء هي في خدمة بعضنا البعض، كلّ واحد يخدم الآخر، نحن لا نخدم الكبار ولا المتنفذين فقط إنّما نخدم الصّغار والفقراء والمحتاجين، نخدم الأخ الّذي يحتاج إلينا، فيسوع جاء ليخدم الجميع. أعطانا حياته، بذل نفسه عنّا.
أنا مسيحيّ بقدر ما أخدم الآخرين، أنا مسيحيّ بقدر ما يصير الآخرون مسيحيّين، لأنّ المسيحيّة هي عطاء ومن لا يعرف أن يعطي لم يعرف المسيحيّة بعد.
بقدر ما تهتمّ بالآخرين أنت تعرف الإنجيل أكثر، وبقدر ما تحبّ الآخرين أنت تعرف المسيح أكثر.
في اللّيتورجيا الإلهيّة يدعونا المحتفل بأن نحبّ بعضنا بعضًا، والمحبّة هنا ليست محبّة أفلاطونية إنّما هي محبّة جديدة من نوع آخر أيّ خدمة، فسرّ المحبّة يكمن من اكتساب نوع من الوداعة والتّسامح والشّهامة في تعاطينا مع الآخرين.
إنّ جديد المسيحيّة يكمن في أن تكون محبّتنا محبّة خادمة، في أن تكون شركة أيّ محبّة تتجسّد في الجماعة، والمحبّة الخادمة هي الّتي تحوّل الآخر الغريب إلى أخ وأخت سواء أعرفه أو لا أعرفه، لذلك نادى بولس الرّسول وقال: "أطلبوا المحبّة وتشوّقوا إلى المواهب الرّوحيّة" (1كور14/1).
هذه المحبّة الخادمة أجدها شخصيًّا في الأمّ الّتي نعيّد لها اليوم وأنت تعرفون مثلي عظمة رسالتها في الكنيسة والمجتمع. نحن نرى فيها صورة مريم العذراء تلك الجميلة بين النّساء (نشيد1/8) تلك الّتي اختارها الرّبّ أمًّا لابنه، تلك الّتي قال عنها نشيد الأناشيد: "كالسّوسنة بين الشّوك" وقال عنها ابن سيراخ متكلّمًا باسمها: "هناك شمخت كأرزة لبنان، أو كسروة في جبال حرمون، كشجرة الورد في أريحا، كالكرمة أخرجت فروعًا جميلة، وبراعمي أعطت أشهى ثمار.."
نتوجّه إلى أمّهاتنا بصلاة حارّة ليحفظهنّ الرّبّ إلهنا من كلّ خطر ويمنحهنّ سلامه وحبّهُ.
كما أتوجّه بشكري العميق إلى لجنة المرأة في الأبرشيّة، الّتي دعت إلى الاحتفال بهذا القدّاس الإلهيّ، والّتي بدأت تنشط وتأخذ مكانها في حياة الأبرشيّة، لكلّ واحد منهنّ ولمرشد اللّجنة النّائب العامّ شكري العميق.
الأيّام الّتي نحن مقبلون إليها تساعدنا لنفهم أكثر كيف أعطى المسيح ذاته حتّى الموت على الصّليب، أعطى حياته ليعلّمنا كيف نعطي أنفسنا ونخدم الآخرين.
أصلّي لكم ليفتح الرّبّ قلوبكم لتكونوا على مقدار نعمة المسيح الّتي أفيضت في قلوبكم."
وتلا القدّاس تكريم للأمّهات في قاعة المطرانيّة ونخب المناسبة.